Sunday 01/06/2014 Issue 15221 الأحد 03 شعبان 1435 العدد

قبل أكثر من سبعين عاماً في قصة بعثة

بين المعلم عبد العزيز الخويطر والمربي عثمان الصالح

بوفاة (الوزراء) عبد العزيز بن عبد الله الخويطر، وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العامة في مجلس الوزراء، وقبلها أميناً ثم وكيلاً ورئيساً لجامعة الملك سعود.. يُخَلد تاريخاً حافلاً بالعطاء الوطني المفعم بالأمانة والإخلاص والحكمة والبصيرة والصبر.. ومن أرشيف مؤسسة عثمان الصالح للثقافة وأعمال الخير، أطلع القراء على الرسائل بين القامتين المعلم عبد العزيز الخويطر والمربي عثمان الصالح -رحمهما الله. وهذه الرسائل تعد منهجاً ومعلماً، ففيها من البلاغة والحس الأدبي والوطني ما يُزكي النفس ويشرح الصدر لما تحمله من معان سامية وكريمة..

لقد كتب الوالد -رحمه الله- في تاريخ 24-9-1364هـ رسالة لصديقه الحميم ورفيق دربه الوفي المعلم عبد العزيز الخويطر رسالة جاء فيها:

عزيزي الكريم وصديقي الحميم عبد العزيز الخويطر المحترم

تحية وشوقاً: وبعد.. لنا مدة طويلة ونحن محرومون من رسائلكم ومن الاطمئنان على أحوالكم التي تهمني كثيراً وأسعى إلى ذلك بكل لهفة وتطلع، وهذا لا شك من سوء الحظ والحرمان - قف - بلغني نجاحك فأهنيك بهذا الفوز الكبير الذي يتلوه أمثاله وأمثال أمثاله، وستدرك بحول الله - بفضل همتك وجدك - ما تصبو إليه من الآمال - قف - أهنيك من الصميم بزيارتك عنيزة المحبوبة وتمتعك باجتلائها، وحُسناً فعلت فإن زيارتك لها أكبر ذكرى لك بعد حين في سفرتك الطويلة التي ستكون حافلة بما تحب، وفقك الله وسهل لك كل صعب ووعر - قف - إن فاتتني التهنئة بشهر رمضان فسوف لا تفوتني التهنئة والتبريك بعيد الفطر المبارك أعاده الله عليك بخير وإقبال وألبسك حلل السعادة ولا زالت أيامك كلها أعياد - قف - بلغني وصولك مكة المكرمة وبلغني أن البعثة التي أنت من ضمنها أجل سفرها فأملي أن لا تتأخر وأن تبذل الوسع في السفر مهما كلفك الأمر، وخير ما تعمل هو إقناع الوالد بالأهمية المترتبة على سفرك في هذا الطريق، فإن من الحزم والعزم وانتهاز الفرص واجب، فاحرص على تنفيذ فكرتك على نفقتك وستحمد العاقبة، وفقك الله وسدد بك وسدد لك وأخذ بيدك إلى ما فيه صلاحك دنيا وآخرة.

وختاماً شرفني بما يلزم مع الرجاء إبلاغ السلام الإخوان والزملاء لا سيما الحجي والخيال.

ولكم منا الوالد وسيدي الأخ صالح يسلم.

24-9-1364هـ

المخلص/ عثمان الصالح

ثم جاء الرد من الوزير الخويطر في تاريخ 11-10-1364هـ ليعطينا من خلال سطور قليلة درساً بليغاً في نسج الحروف وإخراج منها كلمات تنضح بأدب جمّ وبلاغة فائقة في إخوانية رائعة لسيدي الوالد جاء فيها:

من مكة المكرمة إلى الرياض

حضرة الفاضل عزيزي الأجل عثمان الناصر بن صالح المحترم

تحية واشتياقاً وبعد: بيد الإجلال والاحترام تناولت رقيمكم الكريم فسررت به وأيما الله سروراً عظيماً، ولقد ألبسني ثوب الحياء والخجل من شخصكم الكريم الذي غمرني بعطفه وتوالى كتبه فجازيته بالنفور وقطع الرسائل، فلإن أدليت بعذري الواهي الذي إن قلت إنه ليس بعذر فهو الأولى فإنما أدلي به بعد أن حان الوقت وسددت أمامي المهارب بالرغم من عدم دراءته عني الملامة وقد كنت ادخرته لأشافهك به مشافهة ولكن ويا للأسف حان الوقت الذي أحرره لك تحريراً وهو: أن كتابك الكريم وصل إلي في أيام لم أستطع خلالها أن أسطر لك جواباً، ولقد ضاع عن بالي السبب ويظهر الآن لي أنه قرب اختبار نصف السنة أو سؤالي عنكم وإجابة المسؤول بأنكم في المقناص، وما تلاشت هذه الأيام إلا بعد زمن طويل رأيت بعدها أن الكتابة فات وقتها فتأخرت أنا أيضاً فوهى العزم عن إرسال جواب لكم وقوي على الاعتذار منكم مشافهة.

عزيزي الجليل: أشكرك شكراً جزيلاً على تهنئتك بالنجاح وأرجو منه جل وعلا أن يكلل أعمال الجميع بالنجاح المتوالي والتوفيق المضطرد في كل أمر نحاوله، وأشكرك على تهنئتي لزيارة عنيزة وتحبيذك هذه الفكرة واستحسانك إياها ساعدنا الله بآرائك وأمدنا بأفكارك وآرانا شخصك المحبوب في الحالة السارة في وقت قريب آمين.

كان من الواجب علي أن أرفع إليك تهنئتي بشهر الصيام المبارك وعيد الفطر السعيد ولكن ليس هذا هو خطأي الأوحد فكم لي معك من أخطاء لا يسعني فيها إلا بحبوبة عفوك لا حرمني الله رؤياك وأعادك الله لأمثاله أعواماً متوالية بالخير والبركات وتوالي المسرات، ثم أفيد عزيزي بأن البعثة أجل سفرها في أول الأمر كما يحيط بذلك علمكم إلى وقت لم يتبين لي تحديده ثم وافقت وزارة المالية على عدد أقل مما طلبت مديرية المعارف فوافق المعارف على طلب الوزارة وسترسل ثلاثة وعشرين طالباً إلى مصر أو أربعة. اثنا عشر منهم في مدرسة تحضير البعثات وستة في المعهد وستة في المدرسة الأهلية - الفلاح - والستة الذين هم في المعهد ثلاثة منهم الذين نجحوا في الدور الأول في هذه السنة وثلاثة ممن نجحوا سابقاً والموافقة الأخيرة قرب العيد والظاهر أن باخرة البعثة ستبحر في اليوم الثاني عشر في شوال ونحن من ضمنها إن شاء الله.

عزيزي لقد بادر سيدي الوالد بالموافقة على بعثي إلى مصر في حين أن أخبرته بالنجاح، ولقد سرني كثيراً ما قرأته في كتابك من التشجيع في السعي وراء الحصول على السفر وانتهاز الفرصة وعدم التواني في المطالبة ولو على نفقتي، وإني حين أتصفح كتابك هذا وأصل إلى هذه النقطة تتضح لي فيها أخلاقك الحميدة وشمائلك الحسنة وإخوتك الخالصة الصادقة، وإني لشاكر لك على دعائك لي وتوسلاتك للمولى في أن يأخذ بيدي فلقد أجاب الله دعاءك وسمع منك نداءك وإني إذاء هذا أبتهل إلى الله عز وجل أن يتولى مجازاتك إنه عليها قادر وإني أنا عنها قاصر وقاصر.

عزيزي كتبت هذا الكتاب والسفر غداً إن شاء الله فصفحاً وعفواً رداءة الخط هذا، ومني التحية على سيدي الأستاذ صالح وهي لكم من الوالد والإخوان إبراهيم وأحمد، وتقبل فائق تحياتي مع تشريف أخيك بما يلزم وإلى اللقاء.

لابد من إخبارك بالوصول إن شاء الله.

أخوك المخلص/ عبد العزيز الخويطر

11-10-1364هـ

- بندر بن عثمان الصالح