Wednesday 04/06/2014 Issue 15224 الاربعاء 06 شعبان 1435 العدد
04-06-2014

نشوة النصر السيسيه .. سيعقبها الحكمة السياسية!

حتى قبل الاقتراع على رئاسة الجمهورية في مصر كانت كل التنبؤات تجمع على فوز المشير عبد الفتاح السيسي، لدرجة أنه لم يكن هناك ما يدعو للخشية من التلاعب من أجل تحقيق الفوز لعدم الحاجة، كما يظهر من الأسباب التالية:

) ) ارتباط المشير السيسي بالانقلاب الشعبي في 30 - يونيه 2013م، وعزل الرئيس محمد مرسي، وتصفية سلطة الإخوان.

) ) تصاعد المظاهرات العنيفة من مؤيدي (مرسي) وجماعة الإخوان، مما عمّق في يقين المصريين الحاجة إلى من يضبط الأمن والاستقرار، والسيسي - المنتمي إلى المؤسسة العسكرية - هو الأكثر تأهيلاً لذلك.

) ) المرشح المنافس - وهو المثقف المحترم حمدين صباحي - هو أقرب إلى تمثيل التيار الوطني الناصري والمتعاطفين معه.. وهذا التيار ربما وجد نفسه ممثلاً أيضاً في شخص عبد الفتاح السيسي - لا سيما أنه عسكري مثل الزعيم الوطني الراحل جمال عبد الناصر.

) ) التأثير الإعلامي والكاريسما كانتا في صالح السيسي، كذلك امتناع المعارضين للسيسي عن المشاركة في الاقتراع.

وعلى أي حال فقد ظهر حمدين صباحي بصورة الرجل الشجاع المخلص، فقد دخل معركة - يعرف بالتأكيد أنه لن يكسبها، ولكنه - فيما أظن - أقدم عليها لترسيخ مبدأ التنافس الديمقراطي.

إن النسبة المرتفعة (فوق 93%) التي حصل عليها عبد الفتاح السيسي في انتخابات قالت عنها البعثة الدولية المشتركة (إنها صحيحة وشفافة ونزيهة، وهناك أخطاء لا تُؤثر على النتائج).. ومثل هذه النسبة تسبب دون شك شعوراً بالنشوة الغامرة، وتضاعف الثقة بالنفس، ولكن هل يمكن أن يصل ذلك إلى درجة الغرور أو الافتتان بالسلطة؟.. هذا السؤال جوابه عند المشير السيسي نفسه.. وسنراه بعدما يتسلم زمام القيادة بأشهر قليلة.. إلا أن سجله التعليمي الرفيع واحتكاكه بالعالم الخارجي، ومعايشته لنشوء وتطور الحركة الجماهيرية - منذ 25 يناير 2011 وتأثيرها، وبرنامجه الانتخابي الذي أعلنه، تجعلنا نتصور شخصية سياسية تختلف عن الشخصية التي كان يظهر بها (المشير السيسي) حينما كان عسكرياً، بزيّه المزيّن بالنياشين ونظارته السوداء.. بل نمعن في التفاؤل فنتصور رئيس الجمهورية الجديد - في إطار سعيه لتطبيق برنامجه الانتخابي حريصاً على القيام بما يلي:

) ) أن يستكمل البنية الأساسية الدستورية، وأهمها الانتخابات التشريعية، وتشكيل حكومة يُوافق عليها المجلس المنتخب.

) ) أن يتجنب تأسيس حزب ينتمي إليه - بعد أن صار رئيساً، لأن الجماهير يستهويها الحزب القوي الذي ينتمي لرئيس الجمهورية - كما كان الأمر بالنسبة للحزب الوطني الذي أسسه أنور السادات، وفي هذا تضييق للفرص أمام الأحزاب الأخرى في الانتخابات التالية.. وكل من يسعى لعضوية الحزب تتراقص أمام مخيلته المكاسب الشخصية التي قد يحصل عليها من جراء العضوية.

) ) أن يُشعِر الناس بأنه رئيس لجميع المصريين بجميع فئاتهم وطوائفهم ومواقفهم السياسية بمن فيهم أولئك الذين كانوا من معارضيه، أو الذين لم يشاركوا في الاقتراع (ونسبتهم 55%).. من هذا المنطلق فإن من الحكمة معالجة قضايا (الإخوان المسلمين) العالقة وفق المسؤولية عن ارتكاب العنف أو التحريض عليه، وليس وفق مجرد الانتماء أو التعاطف أو المشاركة في التظاهر.. إذ ليس من مصلحة رئيس ذي شعبية كبيره إبقاء أحد رهن الاعتقال أو السجن دون جريمة ثابتة.. من المفهوم أن لا يكون هناك تساهل تجاه أي إخلال بالأمن، أو تراجع عن قرار حلّ جماعة الإخوان المسلمين، وعن تفكيك تنظيمها الحزبي القائم على مبدأ مواجهة السلطة بالعنف والتنكّر للوطن جرياً وراء سراب دولة الخلافة.. ولكن المأمول هو أن يفسح المجال لأعضاء سابقين أو متعاطفين أن يُؤسسوا حزباً مدنياً يلتزم بما تلتزم به الأحزاب الأخرى في إطار الدستور القائم.

) ) أن تستعيد مصر دورها العربي والعالمي المؤثّر - بالتعاون مع الدول العربية الأخرى - سواء فيما يتعلق بدعم ونصرة القضية الفلسطينية، أو فيما يتعلق بالوقوف في صف الشعوب العربية ضد أنظمة تشعل الحروب الطائفية والعرقية التي تعاني منها تلك الشعوب وتفتت وحدتها، أو ضد من يُؤججها، أو ضد أي تدخلات أخرى تباعد بين الشعوب العربية وتهدد مصالحها.

) ) أن يعمل على تأكيد استقلالية القضاء في مصر وقيامه بدوره النزيه كسلطة قضائية، تراعي العدالة ولا تتأثر بالسلطة التنفيذية، بحيث تحمي سمعتها التي أصابها الضرر بعد صدور أحكام مثل الحكم المبدئي بإعدام خمسمائة متهم في قضية واحدة.

إن الجميع يتمنَّون التوفيق للرئيس عبد الفتاح السيسي، والأمن والاستقرار لمصر الحبيبة.

مقالات أخرى للكاتب