Thursday 05/06/2014 Issue 15225 الخميس 07 شعبان 1435 العدد
05-06-2014

عودة مصر

اختارت مصر عبدالفتاح السيسي رئيسها السادس، اختارت بلا مؤثّرات ولا رشاوى انتخابية، واتضح أن القوة المؤثّرة في الشارع هي المواطن المصري الذي يريد أن يعيش باستقرار، هذا المواطن عانى كثيراً من حالة ثورية غير منضبطة اجتاحت حياته،وركب الموجة مرغماً، نظراً لتصرف نظام الرئيس السابق مبارك مع ما تُسمى ثورة بأسلوب فيه شيء من التعالي والابتعاد عن الواقع،

وسقط النظام وقتها بسبب تجار السياسة والسياسيين التجار.

الشعب تعب كثيراً وهذا أمر لا يمكن إنكاره، من ثوريين مترفين، وكذلك من إسلاميين لا يعرفون شفرة الحكم في بلد أسسها الجيش من جديد في يوليو 1952 المواطن العادي يعرف جيداً أنه لا يمكن أن تُحكم هذه الدولة الكبيرة، بتاريخها ودورها وشعبها وهمومها ومشكلاتها دون أن يعي الرئيس جيداً أنه ينتمي لكل التناقضات التي يحكمها وليس إلى أيدلوجيا أو حزب، لأن من أسسوا الجمهورية لم يؤسسوا نظاماً سياسياً فقط، بل أسسوا شخصية وطنية، حيث تجد حضور الحس الوطني المتوارث لدى جميع المصريين باستثناء المؤدلجين، الطبيب والمهندس والجاهل والعالم، ومن يسكنون الزمالك، والتجمع الخامس، ومن يسكنون في العشوائيات ووسط البلد.

وفور إعلان النتيجة أبرق خادم الحرمين الشريفين مهنئاً الرئيس السيسي بثقة المصريين، ومهنئاً الشعب المصري بالرئيس السيسي، خطاب الملك كان وثيقة سياسية بالغة الأهمية، كُتبت كلماته بالذهب «لغوياً» وصيغت عباراته بلغة «القلوب» عاطفياً، سمته القوة «سياسياً»، فيه نصح الخبير، وحكمة المجرب، ابتعد الخطاب عن لغة المجاملة البروتكولية، ووجه من خلال الرسالة، رسائل فيه موقف صريح يدعم خيار الشعب المصري، ورفض طرح من أرادوا للمنطقة أن تعيش الفوضى، مسوّقين نظريتهم الفاشلة والمسيئة، والتي ترى في الفوضى إبداعاً خلّاقاً يطربهم ولكنه يقتلنا ويمزقنا.

عادت مصر للمصريين، بل عادت مصر للعرب الذين آلمهم ما أصابها في السنوات الثلاث الماضية، ولكن تقع على المصريين مسؤولية عظيمة، وهي مسؤولية الحفاظ على الاستقرار، والصبر الذي يجب أن يسبق يأسهم حتى لا يجلسوا على قارعة الطريق يلوكون الحسرة والندم كما جاء في رسالة خادم الحرمين الشريفين، وأمام التحديات الكبيرة تظهر همم المخلصين، الذين يقدّمون مصلحة البلد على أي مصلحة أخرى، وهذه التضحيات هي المعروفة عن المصري في كل الأزمنة، وهم يعلمون جيداً أن التحديات كبيرة، والمصاعب كثيرة، وهم خلف رئيسهم في حرب مفتوحة على الجهل والمرض والفقر والخوف.

الشارع المصري هو الذي انتخب عبدالفتاح السيسي بأكثر من 23 مليون صوت، وهي نسبة لم يحققها أحد ممن يدّعون الجماهيرية والشرعية والتأثير، فالرئيس المعزول محمد مرسي لم يصل إلى 6 ملايين صوت في الجولة الأولى من الانتخابات السابقة، والجولة الأولى تلك هي التي تظهر القدرة الحقيقية على الحشد لدى جماعته المحظورة، وكذلك أظهرت ضعف تأثير اللغة الثورية التي تبناها السيد حمدين صباحي والذي خسر بشكل لم يتوقّعه أحد من المتحمسين له والذين اعتقدوا بأن مصر هي محيط الحملة الانتخابية ومن يسمون شباب الثورة.

مصر تحتاج لكل مصري، يجب أن يتعلّم كل مصري من الدرس المرهق، وأن يؤسس الرئيس السيسي لرؤية جديدة تخرج المصريين من دائرة الإحباط وتوجههم نحو الأمل والعمل.

Towa55@hotmail.com

@altowayan

مقالات أخرى للكاتب