Monday 09/06/2014 Issue 15229 الأثنين 11 شعبان 1435 العدد
09-06-2014

الشباب وخطورة الإيمان بالأفكار!

(قد ينشأ الشاب في أمة وادعة هادئة، قوي سلطانها واستبحر عمرانها، فينصرف إلى نفسه أكثر مما ينصرف إلى أمته، ويلهو ويعبث وهو هادئ النفس مرتاح الضمير. وقد ينشأ في أمة جاهدة عاملة قد استولى عليها غيرها، واستبد بشؤونها خصمها فهي تجاهد ما استطاعت في سبيل استرداد الحق المسلوب، والتراث المغصوب، والحرية الضائعة والأمجاد الرفيعة، والمثل العالية. وحينئذ يكون من أوجب الواجبات على هذا الشباب أن ينصرف إلى أمته أكثر مما ينصرف إلى نفسه. وهو إذ يفعل ذلك يفوز بالخير العاجل في ميدان النصر، والخير الآجل من مثوبة الله. ولعل من حسن حظنا إن كنت من الفريق الثاني فتفتحت أعيننا على أمة دائبة الجهاد مستمرة الكفاح في سبيل الحق والحرية. واستعدوا يا رجال فما أقرب النصر للمؤمنين وما أعظم النجاح للعاملين الدائبين).

هذه من رسائل حسن البنا الشهيرة التي تتلمذ عليها كثير من طلابنا طوال السنوات الماضية ضمن ما يسمى بالمنهج الخفي في الاستراحات والمراكز الصيفية أو حتى في كتاب سيد قطب الذي كان مقرراً في وزارة المعارف.

لاحظ أن الرسالة تتحدث عن الشباب وكأنه بمعزل عن الوطن والحاكم والاتفاقيات الدولية والمعاهدات وكل ما يتصل بالدولة المدنية وحدودها والتزاماتها. ولاحظ كيف يقاد الشباب قوداً إلى فكرة -بقرار شخصي- الجهاد وعدم تقدير الحلول السلمية أو السياسية. الخطورة أن الفكرة تتحول إلى معتقد ويقين وتتنتج أفعالاً وردات أفعال وتصبح محركاً لمجاميع الشباب بحيث يتحكم صاحب الفكرة بمن اعتنقها وكأنما يحركه من بعد بالريموت كنترول.

لذلك ظهرت داعش وبوكو حرام والقاعدة والخوارج والإخوان والفرق الضالة منذ جهيمان وحتى يومنا هذا.

ثمة وجوه تختفي تزرع الفكرة وتحرك المجاميع من على بعد. هنا الخطورة الشديدة خاصة أن الطلاب والطالبات في المرحلة المتوسطة والثانوية أكثر قابلية لتلقي هذه الأفكار للبحث عن قضية وللطاقات الكامنة التي لا يوجد من سبيل إلى ترجمتها إلا باعتناق فكرة معاداة الغرب ولعب دور الضحية والميل للانتقام منه بالانضمام لمثل هذه الأفكار. الإيمان بالفكرة هو معتقد تماماً مثل الإيمان بوجود الله وصحة الإسلام والأديان الأخرى أفكار كبرى إذا ترسخت من الصعب جداً التخلي عنها بما يسمى العقيدة.

لذا فإن فكرة القتل تتحول إلى معتقد راسخ والدليل أن كثيراً من الشباب في السجون رفضوا الاستجابة للجان المناصحة بل ويعتبرون المناصحين مشايخ حكومة.

حري بنا أن نوجه جهودنا لبرامج الوقاية للحيلولة دون وصول الفكرة الخاطئة لشبابنا بأن نغلق الباب قبل وصولها إلى رؤوس شبابنا فهذا أجدى من أن ننشغل ببرامج المعالجة فقط. على أهميتها بالتأكيد.

f.f.alotaibi@hotmail.com

Twitter @OFatemah

مقالات أخرى للكاتب