Tuesday 10/06/2014 Issue 15230 الثلاثاء 12 شعبان 1435 العدد

بعد «اهتزاز» هيبة فقهاء الصيرفة الإسلامية..

مطالبات بالحوكمة الحميدة «تستشري بنسيج» الصناعة الأخلاقية

الجزيرة - الرياض:

في محاولة لتقويم مسار الاعوجاجات التي بدأت تظهر من بعض مجالس الشرعية لفقهاء البنوك وفي خطوة يُرجى من ورائها معالجة المخاوف التي بدأت تظهر على «نزاهة هؤلاء الفقهاء»،وذلك على حد وصف مجلة «آي إف إن» ، خرجت في الآونة الأخيرة عدة مبادرات. فقد بدأ مجموعة من الفقهاء الإعداد لأول شهادة تُوثق حاملها على أنه خبير بالشريعة على حد وصفهم. وتهدف هذه المبادرة الى تدعيم سمعة الصناعة وتسهيل الحصول على مستشارين شرعيين مؤهلين. وساهم عدم وجود إطار عام لتوحيد المعايير بين الفقهاء في أحداث «ربكة» وذلك بسبب غياب الإرشادات المهنية الموحدة ذات الجانب الأخلاقي، وعلى الجانب الآخر بعض المؤسسات تتبع حوكمة شرعية متينة ويقود ذلك الى تقديم شرح مفصل للفقهاء حول تفاصيل المنتج. وبخلاف زيادة مستوى الشفافية، سيجلب تواجد معايير الحوكمة هذه نوعا من الطمأنينة و الثقة للعاملين بهذه الصناعة.

اختبار الكفاءات للفقهاء

أول هذه المبادرات جاءت عن طريق منظمة المستشارين الشرعيين في المالية الإسلامية (ASAS ) والتي أعلنت عن خططها في تطوير خليط من المعايير الأخلاقية و اختبار الكفاءات لفقهاء البنوك. وتبع هذه المبادرة مبادرة الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية (ISRA ) المعهد الإسلامي للتدريب و البحوث (IRTI ) وتتبع «ارتي» مجموعة البنك الإسلامي للتنمية.

وتدور هذه المبادرة حول نيتها في تجديد جهودها الرامية الى إيجاد ميثاق شرفي مهني للفقهاء وكذلك توحيد جهودها المتعلقة بنظام شرعنة معايير العمل للفقهاء. وتأمل «إسرا» أن تقنن هذه المبادرة مايعرف بتضارب المصالح بين فقهاء المصارف وتأمل كذلك في أن يحوز ميثاق الشرف المهني للفقهاء على دعم و اعتماد من البنوك المركزية و الجهات التنظيمية. ويتمحور الهدف النهائي في إصدار رخص للفقهاء الذين يمتثلون لميثاق الشرف المهني.

وفي معظم الدول، فإنه ليس هناك قيود على عدد المؤسسات المالية التي يسمح للفقيه المصرفي أن يصبح أحد أعضائها، إلا أن البنك المركزي الماليزي تغلب على مسألة تضارب المصالح بأن سمح لكل فقيه أن يكون ضمن اللجنة الشرعية لبنك واحد.

وبسبب ندرة الفقهاء الضالعين في الأمور المصرفية، أصبح العديد منهم يخدمون لدى العديد من المؤسسات المالية. وهنا يقول عباس جليل المدير التنفيذي لمجموعة أمانة كابيتال،:»بعض المستشارين الشرعيين يملكون أعلى المؤهلات من أكبر الجامعات الإسلامية ومع هذا فهم لا يملكون معرفة متينة في علوم الاقتصاد و المنتجات المالية.

ومع هذا تراهم يجلسون في المجالس الشرعية لمؤسسات عديدة وذلك بسبب تأثيرهم الواسع على العالم الاسلامي».

يقول لبلومبرج محمد أكرم لادن،المدير التنفيذي لإسرا،تهدف المعايير التي نعمل عليها في تحديد إذا ماكان بإمكان فقهاء المصارف امتلاك أسهم في المؤسسات التي يعملون بها، وكذلك النظر في كيفية التحكم في تدفق المعلومات المتعلقة بهيكلة المنتجات التي يقومون بهيكلتها. وترى فقيهة ماليزية (رابيعة علي) ان هذا الاطار التنظيمي سيعزز معه الثقة العامة.

وفي هذا السياق يقول الفقيه الماليزي أزنان حسن:»تحاول البنوك البحث عن مستشارين شرعيين ذوي كفاءة عالية ولكنهم بعض الأحيان يجدون الشخص المناسب وبعض الأحيان يجدون العكس».

اهتزاز سمعة الفقهاء

ويرى مراقبون أن هذه المبادرات تهدف الى معالجة نقاط الضعف في صناعة المال الإسلامية التي من دون شك أسهمت في تباطؤ نموها. واهتزت سمعة الفقهاء بعد الجدل حول إجازة بعضهم من عدمها لصكوك ‹›جولدمان ساكس››، وكان خبير المالية الإسلامية محمد الخنيفر أول من دق ناقوس الخطر حول عدم شرعية تلك الصكوك، وحدد الخنيفر الذي اطلع على مذكرة الاكتتاب الخاصة في صكوك ‹›جولدمان ساكس››, ثلاث فجوات بالهيكلة العامة لهذه الصكوك، أولها أن هناك مؤشرات قوية بمذكرة الاكتتاب توضح أن الصكوك ليست ‹›مرابحة›› كما يدعون بل هي ‹›تورق عكسي››. يشار إلى أن مجمع الفقه الإسلامي الدولي كان قد أصدر فتوى في عام 2009 بتحريم التورق المنظم والعكسي, معتبرا إياه مجرد حيلة لاستخدام المنتجات التقليدية. أما عن الفجوة الثانية في الهيكلة، يقول الخنيفر، وهو مراقب ومدقق شرعي معتمد من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية،: «تكمن بأن البنك الأمريكي سيستخدم هيكلة معقدة بحيث ينتهي به المطاف لاستخدام أموال حملة الصكوك لتمويل عملياته غير المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، داعما رأيه بقوله: إن معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية لا تجيز إجراء التورق للبنوك التقليدية في حالة تبين أن استخدام السيولة سيكون في الإقراض بفائدة وليس للدخول في عمليات مقبولة شرعا، في حين أن الفجوة الثالثة تتشكل بأن البنك الأمريكي ينوي إدراج هذه الصكوك إلا أن هناك شكوكا حول كيفية تقديم البورصة الأيرلندية ضمانات بأن هذه الأوراق المالية سيتم تداولها بالقيمة الاسمية. قائلا: «في العادة عندما يكون هناك «تداول» فإن ذلك يعني أنه سيكون هناك ارتفاع وانخفاض في قيمة هذه الصكوك، فلو تحقق ذلك فهذا يعني أننا نتداول الديون وهذا ما تحرمه الشريعة، وهنا تكمن الفجوة الثالثة››.

وجاءت فتوى مصرف أبوظبي الإسلامي, التي وقع عليها الشيخ محمد تقي عثماني, لتدعم ما توصل إليه الخنيفر في مذكرته البحثية، التي لاقت أصداء واسعة لدى العاملين في القطاع المصرفي الإسلامي، حيث قامت بعدها وكالات المال العالمية (مثل بلومبيرج ورويترز والفايناشال تايمز) بإجراء مقابلات مع هذا الشاب السعودي.

وكان البنك الامريكي قد أورد في النشرة التعريفية الخاصة بالصكوك أسماء لعلماء سعوديين، قال: إنهم اطلعوا على الإصدار وإنهم بصدد الموافقة عليه، وهو ما نفاه وبشكل قاطع في حينه، اثنان من أبرز مَن وردت أسماؤهم في النشرة الشيخ عبد الله المنيع، والدكتور محمد القري. ونفى الفقيهان في أحاديثهما الإعلامية اطلاعهما بأي شكل على أي نشرة تعريفية خاصة بالإصدار المذكور، مؤكدَين أن ما ذهب إليه مستشار البنك الخارجي من أن الشيخين لم يردّا على طلبات الموافقة وأن اسميهما وردا فقط كعميلين محتملين للموافقة، هو كلام غير صحيح نهائياً، وغير مقبول.

وكان جولدمان قد ذكر في نشرته الاستهلالية- كما جاء في «رويترز» التي أودعت لدى سوق الأسهم الأيرلندية أسماء ثمانية من علماء الشريعة، وذلك كمستشارين متوقعين، حيث أورد الأسماء على الصفحة 21 من تلك النشرة. وقال مورات أونال، الرئيس التنفيذي لفندس أندوورك، ومستشار الاستثمار الذي بحث بصورة موسعة شؤون شبكة علماء الشريعة، وعضويتهم في أكثر من جهة، لـ«رويترز»، إن سمعة عالم الشريعة غالباً ما تستخدم من جانب المؤسسات لزيادة فرصة بيع المنتج المالي.

وأشار الى إن أسوأ الأمور أن أولئك العلماء لا يعرفون أن الشركات تنشر أسماءهم في السوق. وأضاف ‹›إن التمويل الإسلامي صناعة ناشئة، وإن سمعة العلماء تعوض عن نقص الإدارة، ولذلك فإن مستقبل هذه الصناعة يعتمد على سمعتهم لكي تتمكن من بيع منتجاتها››