Tuesday 10/06/2014 Issue 15230 الثلاثاء 12 شعبان 1435 العدد

تقدم يحرزه التمويل الإسلامي لنيل قبول «صُناع السياسات» في الأسواق الأوروبية

مُطالبات بتقليص مخاطر «إدارة السيولة» بالبنوك الإسلامية .. وبنك «إنجلترا» يتدخل

الجزيرة - من الرياض:

يدرس بنك إنجلترا المركزي سبلا لزيادة عدد الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية التي يمكن لمؤسسات التمويل الإسلامي استخدامها في إدارة السيولة، وهي خطوة باتجاه تقليص المخاطر بالقطاع.

وتأتي هذه الخطوة في إطار حملة أوسع للترويج للندن كمركزي رئيسي للتمويل الإسلامي في مواجهة المنافسة المتزايدة من مراكز أخرى مثل دبي وكوالالمبور.

والسندات الإسلامية (الصكوك) التي يصدرها البنك الإسلامي للتنمية الذي يتمتع بالتصنيف (AAA) هي الأصول الوحيدة -حاليا- التي تلبي معايير البنك المركزي للاستخدام في إدارة السيولة لدى مؤسسات التمويل الإسلامي الاثنتين والعشرين العاملة في لندن.

وتشمل تلك المؤسسات ستة بنوك إسلامية كاملة، ومنها: بنك الاستثمار الإسلامي الأوروبي، وبنك لندن والشرق الأوسط، وبنك جيت هاوس.

وقالت ورقة تشاورية نشرها البنك المركزي إنه علاوة على خفض المخاطر فإن توسيع قائمة الأدوات المتاحة يمكن أن يحسن توقعات النمو للقطاع ويزيل عقبة محتملة أمام دخوله.

وقالت الورقة «الاعتراف بأصل واحد فقط يحتمل أيضا أن يقيد نمو الشركات القائمة المتوافقة مع الشريعة ويضع معوقات أمام دخول شركات جديدة متوافقة مع الشريعة بسبب الصعوبات التي قد تواجهها للحصول على هذا الأصل».

ويتفق مقترح بنك إنجلترا مع نهج القواعد المصرفية العالمية المتعلقة ببازل 3 التي تسمح بضم الصكوك التي تصدرها مؤسسات سيادية تتمتع بتصنيفات عالية إلى أدوات إدارة الأصول السائلة دون خصومات.

ومن شأن هذا السماح أيضا باستخدام إصدار الصكوك السيادية البريطانية المقترح بقيمة 200 مليون جنيه إسترليني (330 مليون دولار)، وكذلك الأدوات التي تتمتع بتصنيف عال في درجة الاستثمار مثل الصكوك التي تصدرها المؤسسة الإسلامية الدولية لإدارة السيولة في ماليزيا.

وقالت الورقة التشاورية إن الصكوك التي تصدرها مؤسسات سيادية ذات تصنيف ائتماني أدنى ومؤسسات أخرى غير مالية قد تكون مؤهلة للانضمام أيضا، لكن ذلك قد ينطوي على خصوم ووضع حدود قصوى.

وأعلنت بريطانيا أول مرة خططا لإصدار صكوك سيادية قبل نحو ست سنوات، لكن لم يتم هذا الإصدار قط بعدما قرر مكتب إدارة الدين في البلاد أن الهيكل باهظ التكلفة.

والمقترح الجديد أقل من خمس حجم الاقتراح الأصلي، ويهدف إلى تعزيز وضع لندن أكثر من هدفه تنويع قاعدة المستثمرين في بريطانيا بدرجة كبيرة.

لوكسمبورج

وفي الإطار ذاته، واجهت خطة لوكسمبورج لإصدار سندات إسلامية أول اختبار لها هذا الأسبوع عندما فحص مجلس الدولة، وهو الجهاز الذي يقدم المشورة للسلطة التشريعية في البلاد مقترحا لتوريق الأصول محل الإصدار.

وقد تسبق لوكسمبورج الحاصلة على تصنيف (AAA) بريطانيا لتصبح أول بلد غربي يصدر صكوكا سيادية، حيث يتطلع البلدان إلى تعزيز حضورهما في مجال التمويل الإسلامي لجذب مزيد من الاستثمارات من دول الخليج الغنية.

وأثار المجلس أسئلة من بينها الجدوى الاقتصادية لإصدار الصكوك والحاجة إلى مزيد من الوضوح على صعيد المعاملة الضريبة وما إذا كان شراء الصكوك قد يقتصر على المسلمين.

وتسلط الأسئلة الضوء على التقدم الذي أحرزه التمويل الإسلامي لنيل القبول في الأسواق الغربية وعلى التحديات التي ما زال يواجهها كخيار اقتصادي لصناع السياسات.

ويسمح مشروع القانون المقترح في لوكسمبورج بتوريق ثلاثة عقارات لإصدار صكوك قيمتها 200 مليون يورو (275 مليون دولار).

ويذكر التقرير المقدم من الأمين العام للمجلس مارك بيش ورئيسه فيكتور جيلين قضايا عدة لا تعالجها الخطة، من بينها جوانب فنية تتعلق بالقانون في لوكسمبورج.

وقال «هل يتشكل تجمع مصرفي على النحو التقليدي أم أن نمط التسويق سيكون مختلفا؟ ما نوع «الكوبونات»؟ من سيحق له الشراء؟ مستثمرون مسلمون فقط أو من المؤسسات أم أفراد من مواطني لوكسمبورج أيضا؟ «يجد مجلس الدولة أن المشروع لم يتناول المعاملة الضريبية للصكوك».

وقال المجلس إن الإجابة عن تلك الأسئلة ليست شرطا للتصديق على مشروع القانون لكنها ستعطي خلفية مهمة، نظرا للطبيعة المبتكرة للمقترح.

ومن غير الواضح ما إذا كانت تلك الأسئلة قد تؤجل إقرار المشروع، ومن شأن تصويت مقرر على ميزانية لوكسمبورج أن يمدد عملية الموافقة على الصكوك بما يصل إلى خمسة أشهر. وطلب المجلس «تبريرا مقنعا» للحاجة إلى الصكوك كأداة تمويل أنسب من السندات التقليدية في ضوء التكاليف الإضافية لإقامة مجلس شرعي لضمان الالتزام بالشريعة الإسلامية.

وقال «أولا في عالم المال يقول خبراء كثيرون من بينهم مسلمون إن التمويل عن طريق الصكوك أعلى تكلفة على المقترض من حيث المبدأ مقارنة مع السندات التقليدية».

ومن أسباب التكاليف الإضافية أن عقودا إسلامية معينة يمكن أن تخضع لرسوم ضريبية تبلغ المثلين أو ثلاثة أمثال بسبب الحاجة إلى نقل ملكية الأصل محل العقد عدة مرات، لكن سلطات الضرائب في لوكسمبورج أوضحت المعاملة الضريبية لصفقات التمويل الإسلامي منذ 2010 بما يضمن أن المعاملة الضريبية للصكوك ستكون مماثلة للسندات التقليدية.

وإلى جانب تبرير التكلفة الإضافية لاستخدام الصكوك قال المجلس إن المشروع يتطلب توضيح الغرض النهائي لحصيلة التمويل. وقال «يفتقر المشروع إلى الربط بين الأداة محل الاختيار

(الصكوك) والمتطلبات التشريعية للإنفاق العام».

وقدمت وزارة المالية التي ستصدر الصكوك المقترحة وثائق تدعم المشروع، لكن المجلس قال إنه لم يحصل على رأي غرفة التجارة الذي كان سيكون «مفيدا جدا».

وفي آسيا، أقر المشرعون في هونج كونج مشروع قانون يسمح للحكومة الحاصلة على تصنيف (AAA) بجمع نحو 500 مليون دولار من إصدار سندات إسلامية.

ومن شأن أول إصدار صكوك من هونج كونج أن يساهم في تعزيز سجلها في مجال التمويل الإسلامي ويجعلها حلقة وصل بين الصين الأم والمستثمرين في منطقة الخليج وجنوب شرق آسيا. وأكدت لجنة مشروعات القوانين في المجلس التشريعي في رد أرسل لرويترز بالبريد الإلكتروني أن المجلس أقر مسودة القانون. وتقع مهمة إصدار الصكوك الآن على عاتق سلطة النقد في هونج كونج ضمن برنامج السندات الحكومي بالمنطقة الذي يبلغ سقف اقتراضه 200 مليار دولار هونج كونج (25.8 مليار دولار). وحتى فبراير- شباط كان لدى البرنامج 14 سندا مدرجا تبلغ قيمتها الإجمالية 94 مليار دولار هونج كونج وبآجال تصل إلى عشر سنوات.

وتأتي خطط هونج كونج لإصدار صكوك في وقت تزداد فيه المنافسة بين المراكز المالية لاقتناص حصة من سوق التمويل الإسلامي التي تتركز في جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط.

وسيكون إصدار صكوك بقيمة 500 مليون دولار أكبر من أول إصدار سيادي مزمع في كل من لوكسمبورج وبريطانيا وكل منهما في مرحلة مختلفة من التنفيذ.

ووصفت وثائق قانونية إصدار الصكوك المقترح بأنه «افتتاحي» وهو ما يشير إلى أنه لن يكون إصدارا استثنائيا على غرار الخطة البريطانية لإصدار صكوك قيمتها 200 مليون جنيه إسترليني، وستودع حصيلة الإصدار لدى صندوق الصرف الأجنبي في هونج كونج الذي تديره سلطة النقد.