Thursday 12/06/2014 Issue 15232 الخميس 14 شعبان 1435 العدد

قراءة في ديوان (منادي)

الأمير الشاعر الدكتور سعد آل سعود (منادي)* شاعر شعبي غني عن التعريف شدى بكلماته مجموعة من أجمل الأصوات الغنائية العربية فياطالما تغنينا بقصائدة، وكم لامسَت جروحنا وآلامنا وأفراحنا، له بصمته الخاصة في الكتابة الشعرية لأنه يُجيد الرسم بالكلمات التي تستوطن القلوب للوهلة الأولى، صدر له وطرح في الأسواق عن دار القنوات للنشر الديوان المقروء الأول (منادي) في طبعته الأولى 2013م، حيث ضم الديوان أكثر من 88 قصيدة شعرية عاطفية واجتماعية، بدأ الديوان بدون مقدمات بقصيدة قد تكون بمثابة المقدمة للديوان التي يعرفنا بها الشاعر على نفسه وعنونها ب(أنا إنسان) والتي يقول فيها:

أنا إنسان مع نفسي قبل لا أكون معك إنسان

ولي مبدأ ولي نظره وتحكمني قناعاتي

أحاسيسي حقيقه ثابته فالوصل والهجران

انا طبعي إذا حبيت احب بكل حالاتي

منادي والندا نابع من الوجدان للوجدان

إذا ما ينطق احساسي حديثي يشبه اسكاتي

إلى أن يقول:

ولا أجامل بأحاسيسي ولا أقبل فالهوى إحسان

ولا للمصلحة يا سيّدي دور بعلاقاتي

أحب الصدق وأعمل به كسبت أو كنت انا الخسران

ولو صدقي يخسّرني تشرّفني خساراتي

هكذا كانت المقدمة كبطاقة تعريفية عن شاعر الديوان، وهكذا عرفنا الشاعر وتبلورت في فكرنا بعض من طباعه ومشاعره وأخلاقياته، ليجتذبنا للإبحار مع نبضه من خلال قصائد هذا الديوان في بحر مليء بالدرر الشعرية لنتوقف قليلا عند قصيدة (ما قلت لك) ونلتمس منها بعض من مشاعر ذلك العاشق وتخيلاته ليقول مخاطباً محبوبته:

تخيلي اني بعد كل هالود

لا قادر احكي لك ولا اقدر ازورك

ما للجفا وسنينه المظلمه حد

لا غاب عني يااقرب الناس نورك

هكذا كانت سنين العاشق بدون محبوبته، ثم يبحر بنا حيث قصيدة (وش الجديد) لنلتمس منها هذا الجمال الإبداعي في الذي يتجلى في قوله:

أقراك نور وفالعيون انكتبتي

وبين الزمان وبيننا كلمة عتاب

عرفت معنى البعد من يوم غبتي

ومعك عرفت ان الهوى كلّه غياب

ومن قصيدة إلى أخرى، ومن جمال إلى جمال مبحرين معه في ثنايا هذا الديوان لنصل إلى قصيدة (لا تسبق الأحداث):

ما للخطأ في بعض الأحوال تفسير

أحيان نزعل ناس نشري رضاهم

عذري أحبك سيد كل المعاذير

وأغلى من أعذار الحبايب غلاهم

ثم يأخذنا بشوق العاشق وعشق المحب وكبرياء الاعتذار من المحب لمعشوقته في قصيدة (أنا الغلطان) لنقتبس لكم هذا الإبداع التصويري الرائع في هذا البيت الذي يقول فيه:

أحبك يالبعيد إلا عن احساسي وتفكيري

واحس انك عليّ بعيد حتى وأنت قدامي

وفي قصائد الشاعر الغزلية الكثير من الوقفات الإبداعية والتصويرات الجميلة والتي سيستنتجها متصفح الديوان وهي كثيرة من الصعب حصرها.

أما في قصيدة (ما سألت الشمس) فيقول:

ما سألت الشمس عن وقت الغروب

دامها وان جاملتني غايبه

الوصل لو تبتعد وصل القلوب

لا تقول ان الأماني خايبه

دمعة في خافقي عيّت تذوب

من عذاب البعد عاشت هايبه

ولأن الدنيا أرزاق كُتبت للعَبد قبل أن يُخلق، ولا بُد أن يأتيه رزقه حتى ولو بعد حين، ولكن لابد من العمل بالأسباب، لذلك لا ننسى -أن القناعة كنز لا يفنى- والمؤمن قنوع بما أعطاه خالقه؛ لذلك قال شاعرنا في قصيدة لا تخلوا من الحكم والأمثال:

الزمان أرزاق والمؤمن قنوع

ما كتب للناس بالدنيا يصير

يالضعيف انت القوي مهما تجوع

من بنى بيت الغني غير الفقير

اعمل الأسباب لا ترضى الخضوع

واعلم ان ابواب فضل الله كثير

إلى أن يقول:

البشر تحكمه عادات وطبوع

استشير ولا ندم من يستشير

التجارب علّمت كل مخدوع

وجاهل ٍ من قال انا عالم كبير

وهنا يعود بنا الشاعر الى المثل الشعبي الذي يقول (فاقد الشي لا يعطيه) ليطرب مسامعنا بهذه العذبة بعنوان (فاقد الشي لا يعطيه) فيقول:

أخطيت يوم اني طلبتك حنانك

لا صرت تفقد شي وشلون تعطيه

مهما نطق لي بالمشاعر لسانك

شي ٍ بدون احساس ما أقتنع فيه

وللغياب ألم وأمل على مر الأيام في قلب الشاعر:

أستأذنك بغيب غيبه طويله

واحمل معي جرحي تداويه الأيام

تبقى ويبقى الحب ذكرى جميله

وشلون بنساها وأنا كلي آلام

تبقى علاقتنا النبيله نبيله

لو الفرح بعيون الآمال ما دام

وفي الختام، أترككم مع هذه الرسالة التي بعثها الشاعر لنفسه ليشبع ذائقتنا بها ويقول فيها:

عذّبت سمعك بصوت الحب يا منادي

يا للحزن كيف دمعك يبكي عيونه

عكّرت صفو القلوب وجوها هادي

ذكّرتها بالحنان وعشت من دونه

مشتاق شوق المطر لمعانق الوادي

ومحتاج حاجة غريب الروح لشجونه

أسير الإحساس مثل البلبل الشادي

غرّد حزن والملا طربان للحونه

ميلاد صوتك يصادف يوم ميلادي

يا شاعر الحزن خذت الليل من لونه

الحب صوتك يزف الريح للكادي

يرقص على نفحته ويعانق غصونه

إن قلت بعض الحقايق تقبل عنادي

الحب منطق وقمة عقله جنونه

أجمل مشاويرنا من غير ميعادي

وأصدق أحاسيسنا فالقلب مصيونه

ومظلوم الأحباب فالدنيا هو البادي

لا تنشد اللي عشق من قلب وشلونه

اللي يعرف الغلا ما يعرف يعادي

تقبّلت نفسه التجريح ممنونه

من عاش عمره وفا ظن الوفأ عادي

يوم أن هالناس حتى الغالي تخونه

أسمع صدى صوت قلبك للهوى ينادي

ينطق لك الصمت ويلبي لك سكونه

جاء ديوان (منادي) أنموذجا لما يتمنى وينتظر عشاق هذا الشاعر وجمهوره وإثراء للمكتبة الثقافية والتي نقلنا به الشاعر إلى آفاق من جمال الكلمة وجزالة اللفظ وروعة الأسلوب في القصائد التي احتوى عليها الديوان.

وعلى الخير نلتقي... أستودعكم الله

***

هامش

*الأمير الدكتور الشاعر سعد بن سعود بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود ((منادي)) وهو الاسم الذي بدأ به تجربته الشعرية هو أستاذ جامعي متخصص في مجال الإعلام صدر له كتابان: الاتصال والإعلام السياسي، والإعلام السعودي وتطوره السياسي.

- الشاعر/ محمد حلوان الشراري - عضو الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالجوف - عضو الملتقى العربي الثقافي (فرسان الصحراء) في الأردن

mhm_747@hotmail.com