Wednesday 18/06/2014 Issue 15238 الاربعاء 20 شعبان 1435 العدد
18-06-2014

لا .. لشعار: الأقربون أولى بالمعروف .. نعم للمعايير القياسية العادلة!

لكي ننجح بتميُّز وقدرة وجدارة لا بد أن نعطي أصحاب الكفاءات والمواهب والخبرات فرصة لنيْل استحقاقاتهم القيادية والإدارية والوظيفية والمهنية والعلمية، بعيداً عن علاقات الصداقة والقرابة والمحاصصة الفئوية والتكتلية والمناطقية والتعصب العائلي والانحياز القبلي والولاء الطائفي والمذهبي، وشعار: الأقربون أولى بالمعروف، وحتى تكون الفرص عادلة لأصحاب الكفاءات الوطنية كافة

لا بد من الابتعاد عن المزاجية الاختيارية الارتجالية المتأرجحة، حتى لا يزيد مستوى مؤسساتنا تقهقراً وينحدر نحو التخلف، وبالتالي عجزها وفشلها، وفقدانها القدرة على الوفاء بالتزاماتها الاجتماعية والأخلاقية والوطنية .. إن الدول المتقدمة نجحت لأنها أعتمدت على (التوصيف الوظيفي)، الذي يُعد من أهم ركائز المؤسسات الإدارية، وأقوى أركانها، فالوصف الوظيفي هو الركن المتين الوحيد، الذي ينبغي الاستناد عليه في تحديد القيمة النسبية للوظائف داخل المؤسسة أو المنشأة والاستدلال على المسارات الصحيحة في خارطة المواصفات الوظيفية القائمة على المعايير العادلة، وصولاً إلى تشخيص مواصفات شاغل الوظيفة، وتحديد مستواه التعليمي، ومعايير تأهيله المهني والإداري، ومجالات خبرته ومدتها، ومهاراته المطلوبة، وسماته الشخصية، وصفاته الاجتماعية، ومن ثم معرفة حدود مسئولياته، وسلطاته الوظيفية، وواجباته الأساسية، ورسم ملامح البيئة الإدارية التي يتعيّن عليه العمل فيها، مع وضع تصور كامل لمؤهلات مديري الشركات والمؤسسات، ومؤهلات مديري أقسامها وشعبها وتفرعاتها الأخرى، فالتوصيف الوظيفي أداة عادلة جداً تستعين بها الإدارات الحكومية والشركات والمؤسسات الأهلية في تقييم أداء تشكيلاتها وهيئاتها وأعضائها، وهو أيضاً وثيقة قانونية غير خاضعة للتلاعب، ولا تسمح بالانحياز إلى فرد أو جماعة أو فئة معينة، ولا تتضمن أية إشارة إلى العنصر أو اللون أو المنشأ أو الإقليم أو الانتماء أو السن أو الجنس، ولا ينبغي أن تجري الأمور على ما هي عليه الآن، حتى بات الباب مفتوحاً على مصراعيه، فتسربت منه رياح الفئوية والمناطقية والانتماءات المختلفة، وتيارات المحسوبية والمنسوبية، وحملت لنا سمومها وهمومها، فطغت الفئوية والشللية الضيقة على واجهات بعض الإدارات الحكومية والشركات والمؤسسات الأهلية، وفرضت علينا نماذج من المديرين لا تنطبق عليهم أدنى معايير الكفاءة، ولا تشملهم الاستحقاقات الوظيفية المتعارف عليها، وكانوا عالة على العملية الإنتاجية، وتسببوا في تسرب التقاعس والتخلف والفساد، وتفشي الرشوة، وضياع الحقوق، واضطراب الأوضاع.

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم

ولا سراة إذا جهالهم سادوا

ولكي ننجح في تحقيق خطوة واحدة نحو الأمام في مسيرة الخطوات المتعثرة والهفوات المتكررة، علينا وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، فالاختيار والتعيين للمناصب القيادية العليا يجري الآن خارج السياقات السليمة، التي تحدد صلاحية المرشح الأصلح، والتي يُفترض أن ننتقي فيها أفضل المؤهلين لشغل الوظائف الشاغرة، فمعايير العقل والمنطق والعدل والإنصاف تحتّم علينا الاستناد على قاعدة التوصيف النوعي الوظيفي، وبخاصة حين يتعلق الأمر باختيار قادة المناصب الإدارية العليا، لأن هذه القاعدة هي السبيل الأسلم لمعرفة مهارات الناس، والانتفاع بهم، فإذا توفرت في المرشح الأهلية العلمية والاستقامة والإتقان والخبرة، فهو الأنسب والأجدر ولا مجال للتردد، بصرف النظر عن لونه وعرقه وطائفته وميوله وانتمائه، أما إذا كان المرشح مؤهلاً من وجهة نظر علاقته ووساطته، لكنه غير مؤهل علمياً، فمثله لا يصلح لملء الشاغر، لأن المرء عدو ما يجهل، بصرف النظر عن توفر حسن النية، وقد تسبب أمثال هؤلاء في تردي الأداء، وفقدان تكافؤ الفرص بين الموظفين الآخرين، وتسببوا في اضمحلال التنافس الشريف بينهم، واتجاههم إلى العبث والتخريب واللا مبالاة، وتسببوا أيضاً في نوم العقول والأدمغة وتأخر النمو والتنمية والإنتاج، وسمحوا بتزايد نفوذ الوصوليين والانتهازيين والمنافقين والمرائين والتضليليين.

إنني أتساءل في الختام: هل تُوجد في تنظيماتنا الإدارية هيئات دائمية تساعد على الاختيار بموضوعية، وتحذرنا من الترشيحات الإدارية المبنية على العلاقات والولاءات والانتماءات الفئوية والمناطقية الضيقة؟.. إن الأمر مهم جداً وبناء على ذلك يتعيَّن علينا النهوض بمهام الإصلاح الإداري، وإصدار القوانين والتعليمات والتشريعات النافذة في هذا المجال، ورصد الانتهاكات والمخالفات الوظيفية التي نخرت وما زالت تنخر في بنيان الهياكل التنظيمية لإداراتنا الكثيرة المختلفة والمتنوعة، ولا مناص من مراقبة توزيع المناصب بين الموظفين بشفافية ومنطقية وعدالة، عندئذ سيعرف كل موظف حجمه الحقيقي، وسيتصرف في حدود مسئولياته، وصلاحياته، وواجباته، وعلاقاته الوظيفية، أعتماداً على المعايير القياسية العادلة.

ramadanalanezi@hotmail.com

ramadanjready @

مقالات أخرى للكاتب