Thursday 19/06/2014 Issue 15239 الخميس 21 شعبان 1435 العدد
19-06-2014

اختطاف وزارة .. وحكمة أمير

وزارة توصف بأم الوزارات فمن رحمها يتخرّج الجميع وهي تمثّل دور اللبنات الأولى حتى يصبح الطفل فتى ومن ثم يافع وشاب لتبدأ هذه الوزارة بتصدير البشر إلى بيئة أخرى تعرف بالجامعات.. لا شك أنكم عرفتموها فوزارة التربية والتعليم الكل ارتبط بها وعاش تحت مظلتها طالباً أو معلماً أو موظفاً.. منذ أن كانت تحمل مسمى المديرية العامة للمعارف ثم وزارة المعارف حتى مسماها الأخير.. وقد امتطى صهوة جوادها وزراء عظماء كالملك فهد وحسن آل الشيخ والخويطر والرشيد رحمهم الله.. تلاهم العبيد والأمير فيصل بن عبدالله.

وأخيراً احتفلت بفارس جديد اسمه خالد الفيصل جمع بين شرف الإمارة فهو من أبناء الملك فيصل صاحب الحنكة السياسية والإدارية والاقتصادية.. إلى جانب أنه أمير صنع بصمة في منطقتين كبيرتين ومهمتين في الوطن الغالي وكانت له إدارة منطقة عسير استطاع من خلالها أن يحول العسير إلى سهل.. ويهزم الطبيعة الجبلية والجغرافية ويفتح الحياة الحضارية والسياحية.. ويصنع منطقة جذابة تُشد إليها الرحال من الداخل والخارج.. ومن ثم تتواصل ثقة القيادة بعد ثلاث عقود عندما رأت أن منطقة أخرى بحاجة إليه وهي مكة المكرمة فجاء هناك وشاهدنا أميراً ملأ المكان في بوابة العالم الإسلامي فأنجز وخطط وخلال سبع سنوات كانت (سماناً) أحدث نقلة نوعية بتلك المنطقة الغالية.

إن المناصب تبحث عن رجال كبار ومن يجمعون بين الحنكة والخبرة.. فكان هناك منصب بحث عن الأمير خالد من خلال الثقة الملكية بتعيينه «وزيراً» ليدخل منظومة مجلس الوزراء ودهاليزه.. فلا نعرف من نهنئ بالآخر الوزارة أم الوزير.. وأن وزارة بحجم التربية والتعليم كسبت قائداً ومفكراً وشاعراً.. وفناناً تشكيلياً.. إنما فازت بالمحاسن كلها وفازت بفارس جديد لا يشق له غبار.. شعاره التجديد والتطوير.. وإزاحة التراب المتراكم.. وتحريك الأوعية الإدارية.. والمياه الراكدة.. والأنظمة الميتة دماغياً.. والبيروقراطية المتغلغلة.. وكأنه يحمل نهجاً للإصلاح وشمعة للتطوير.

انطلق الوزير خالد في تصريح ناري ليضع الإصبع على الجرح الذي ينزف (برأيه) ويقول لنا من خلال لقاء عابر مفاده: أن وزارة التربية مختطفة. قرأت مرات عديدة هذا المنطق من هرم الوزارة.. فوقفت طويلاً عند كلماته.. وأعدت القراءة مرة أخرى وأنا أتساءل بدهشة: هل فعلاً تعليمنا مختطف؟! ومن اختطفه؟! ولماذا؟!

حاولت أن أبحث في قاموس اللغة عن معنى الاختطاف!! وهل يحمل معه الإقصاء؟! وبعد سياحة في عالم اللغة وجدت أن الاختطاف مهما اختلفت معانيه فإنه يحمل معه فكرة منبوذة.. وسلوكاً مشيناً وسلب حرية الغير ومنها (إقدام شخص أو عدة أشخاص على خطف أحد الأفراد لأهداف قد تكون سياسية أو اجتماعية أو مالية) وفي عالم الطيران (استيلاء قراصنة بالجو على طائرة وتحويل مسارها) والاختطاف غالباً مرتبط بالانتزاع بسرعة ولا يترك فرصة للتفكير ويُقال فلان اختطفه الموت في ريعان شبابه.

إنني ابن الوزارة منذ نعومة أظفاري وخادم لها من خلال عملي في قطاع التعليم.. ولم أشعر بهذا الاختطاف في مفهومه الواسع الذي أشار إليه سمو الأمير - حفظه الله-.. وهذا لا يعني أن ليس هناك أخطاء جوهرية.. وتوجهات فردية.. وتباين بالمشارب واجتهادات سلبية.. فكل مجتمع بشري بحجم وزارة التربية ومتمدد في السهل والوادي والجبل والحضر.. قد يغفل الرقيب مهما كان حارساً ماهراً.

وإن تصريح سموه مهما كان قاسياً فقد جاء ليدق ناقوس الخطر ويعطي رسالة عاجلة أن وزارة التربية والتعليم يجب أن ترفع شعاراً كبيراً اسمه (الصفاء والنقاء) بعيداً عن الملوّثات الفكرية والعقدية مهما صغر حجمها.. وأن تكون المدرسة محطة للتربية والتعليم وحسب وحقلاً ذهبياً بدرجة اللمعان بعيداً عن العيار المغشوش.. لأنها مصنع صغير لأمة عظيمة.

أرجو أن يوفّق الوزير خالد في المرحلة القادمة في تحقيق الغاية والوصول إلى الهدف الأسمى وتطلعات القيادة والتي دعمت أمة التعليم العام بثمانين مليار لتعزيز الإيجابيات ومحاربة السلبيات وتطوير المنظومة التعليمية والتربوية.. وأن حكمة الأمير وبعد نظره لهي الوقود المحرك لسفينة التعليم في ظل الأمواج العاتية والمد والجزر في الإعلام المعاصر المطروح.. وفّقه الله ومساعديه إلى كل خير.. وإلى اللقاء.

Rasheed-1@w.cn ** ** Arasheed_r@hotmail.com

- الرس

مقالات أخرى للكاتب