Monday 23/06/2014 Issue 15243 الأثنين 25 شعبان 1435 العدد
23-06-2014

الملك يوصي .. والأمير يقسم .. إنه وطن القرآن

(بارك الله فيك، أحثك على المواطن أول شيء وقبل كل شيء، المواطن أهم عليك مني أنا، لأن حق المواطن حق لي أنا، وأريد منك الصبر والتأني والتحري. كل خبر يأتيك تأكد منه، والله يضع فيك البركة).

تلك هي وصية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز,لابنه أميرمنطقة الرياض تركي بن عبد الله, بعد أن أدى القسم بين يديه - حفظه الله - لنقرأ هذه الوصية مع أميرنا المحبوب تركي بن عبد الله لنعلم أن هذه الكلمات المعدودات ليست مجرد كلام عابر بل هي وصية أبوية ملكية غزيرة المعنى (المواطن أول كل شيء وقبل كل شيء) إن الملك يضع الأمير تركي أمام مسؤولية عظيمة وجليلة, فهو يقول له: إن تعيينكم في هذا المنصب إنما هو من أجل خدمة المواطن, فليس هناك ما هو أهم من المواطن, ويصرح بها الملك عندما يقول (أهم عليك مني أنا) في إشارة إلى عظم حقه عليه كابن وكولي أمر ومع ذلك يقول له فإن المواطن والنظر في قضاياه وقضاء حاجته وحفظ أمنه ومراعاة مصالحه أهم عليك مني أنا,وأنا الأب الذي جاء بنص القرآن عظم حقي, وبنص القرآن ايضاً عظم حقي كولي أمر، ويعلل الملك هذا بأن (حق المواطن حق لي أنا) وكأنه يقول إذا قمت بحق هذا المواطن فإن ذلك يسرني ويسعدني، وسعادتي حق الأبوة على البنوة, وحق ولي الأمر على عامله.

(أريد منك الصبر والتأني والتحري) في رسالة واضحة بأن العجلة في الحكم في من يقف بين يديك قد يجرك إلى الظلم,وهذا ما لا أريده منك، أريد منك الصبر والتأني في اتخاذ القرار, والتحري بطرق مختلفة حتى لا تظلم أحداً من المواطنين بأي حال من الأحوال (كل خبر يأتيك تأكد منه) وكأنه يقول (وما آفة الأخبار إلا رواتها) فلا تستعجل وتبني حكمك او قرارك بناء على ما تسمع أو ما ينقل إليك دون التأكد بنفسك من الحقيقة.

وانا أستمع لوصية والدنا الملك عبد الله رجعت لوصية مشابهة سبق وأن قرأتها لطاهر بن حسين لولده عبد الله إذ يقول:(عليك بتقوى الله وحده لا شريك له، وخشيته ومراقبته عز وجل، ومزايلة سخطه وحفظ رعيته بالليل والنهار، والزم ما ألبسك الله من العافية بالذكر لمعادك، وما أنت صائر اليه، وموقوف عليه، ومسؤول عنه، والعمل في ذلك كله بما يعصمك الله عز وجل وينجيك يوم القيامة من عقابه وأليم عذابه. فإن الله سبحانه قد أحسن اليك وأوجب عليك الرأفة بمن استرعاك أمرهم من عباده. وألزم العدل فيهم، والقيام بحقه وحدوده عليهم، والذب عنهم، والدفع عن حريمهم وبيضتهم، والحقن لدمائهم، والأمن لسلبهم، وادخار الراحة عليهم، (ومؤاخذك بما فرض عليك، وموقفك عليه عنه) مسائلك ومثيبك عليه بما قدمت وأخرت ففرغ لذلك فهمك وعقلك وبصرك، ولا يشغلك عنه شاغل، وإنه رأس أمرك، وملاك شأنك، وأول ما يوفقك الله عز وجل به لرشدك)

وصية الملك للأمير أعتبرها من أندر الوصايا وأثمنها, أقول ذلك صادقاً لا متزلفاً ولا متمسحاً بجوخ أو حرير, ولذا كتبتُ هذه المقالة قارئاً لها وأنا متأكد بأن الأمير تركي سيقرؤها مرات ومرات, قالها الملك لابنه صنو روحه وكأنه يذكره بقول الشاعر:

و راع صاحب كسرى أن رأى عمرا

بين الرعية عطلا و هو راعيها

و عهده بملوك الفرس أن لها

سورا من الجند و الأحراس يحميها

رآه مستغرقا في نومه فرأى

فيه الجلالة في أسمى معانيها

فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا

ببردة كاد طول العهد يبليها

فهان في عينه ما كان يكبره

من الأكاسر والدنيا بأيديها

و قال قولة حق أصبحت مثلا

وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها

أمنت لما أقمت العدل بينهم

فنمت نوم قرير العين هانيها

هذه الوصية هل نسميها وصية ملك لعامل من عماله أو وصية والد لولده؟، ولكونها جمعت بين الأمرين فإنها بكل تأكيد خرجت من قلب صادق,ووقعت في قلب واعٍ.

تركي بن عبد الله الذي جاء في وقت يتطلع كل مواطن في منطقة الرياض إلى نهضة مختلفة, وتنظيم مختلف, وحزم مختلف, يضعه ولي الأمر أمام مسؤولياته بعد أدائه للقسم الذي قال عنه العزيز الحكيم (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم) قسم تقشعر منه الأبدان (أقسم بالله العظيم) وهل أعظم من ذلك قسم ؟ أن أكون مخلصاً، يالله قسمٌ على الإخلاص ويا له من مطلب جسيم عظيم, إخلاص لأمور جسام أولها الدين, وما أعظم هذه المسؤولية، مسؤولية الإخلاص للدين, وقد قالها الامير تركي أمام المفتي أول يوم تولى فيه إمارة الرياض (أعاهدكم بالتمسك بكتاب الله وسنة نبيه) وهذا هو نهج هذه الدولة المباركة منذ أن أسسها الإمام محمد بن سعود - رحمه الله -.

وثاني القسم الإخلاص لولي الأمر الذي هو من الإخلاص للدين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} وثالث القسم الإخلاص للوطن، مراعاة الناس وحفظ حقوقهم وأمنهم وأخلاقهم.

حمالة عظيمة من الله أولاً ومن ولي الأمر ثانياً تحملها الأمير تركي بن عبد الله الذي الجميع يتوسم فيه من الخير أجزله, ويرجو له من التوفيق أعظمه.

والله المستعان..

almajd858@hotmail.com

تويتر: @almajed118

مقالات أخرى للكاتب