Friday 27/06/2014 Issue 15247 الجمعة 29 شعبان 1435 العدد
27-06-2014

نقاد .. الواتس أب

يعد النقد الفني أحد أركان العملية الفنية وداعما ومنظما للممارسة التشكيلية، وهو حلقة وصل بين الفنان الممارس والمجتمع المتلقي ونقطة نظام بين الفن والذوق العام في المجتمع ومنسقاً للحوار بينهما، ويمثل النقد الفني صوت المجتمع والجمهور من جهة، وصوت للفن والفنانين من جهة أخرى, ويأتي كعملية تفاعلية بعد المنجز الفني وبين المنجز والمتلقي وتغذية راجعة للفنان منجز العمل، والنقد في أبسط مستوياته هو قراءة العمل الفني والحديث عنه وهو ما يضيف إلى المشاهد فوق مشاهدته للعمل الفني، ويوضح الغامض عليه، وهو ما يضيف للفنان ما لم يدركه في عمله، وممارسة العملية النقدية في الفنون التشكيلية تتطلب وجود الموهبة الفطرية في ممارسها والكثير من الإعداد والصقل بالإثراء المعرفي والعلمي المتعمق للمذاهب الفنية وتاريخ الفن والنظريات النقدية والفلسفية،و أن يكون على قدر كبير من الاطلاع على مستجدات الفنون التشكيلية المحلية والعالمية، وعادة ما يتخذ النقد الفني والناقد من وسائل الإعلام العامة مثل الصحافة والقنوات التلفزيونية، أداة للوصول إلى المتلقي والمجتمع الفني والثقافي بشكل عام، ومع انتشار الوسائط الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعية وبرامج الاتصال أصبحت المعلومة متاحة عند أطراف البنان وأضحى تسويق المعلومة وانتشارها متاحا للجميع صغاراً وكباراً، وعلى الرغم من كثرة الإيجابيات لمواقع التواصل الاجتماعي ووسائط الاتصال إلا أنها أفرزت عددا من الأدعياء الذين يجيدون التسويق لذواتهم رغم خوائهم الفني وفقرهم التشكيلي إلا أنهم أصبحوا ناشطين في مواقع التواصل من فيس بك وتويتر وانستغرام وحتى برنامج الواتس أب فتجد جل أوقاتهم في تأسيس مجموعات اتصال واشتغال على التواصل، تارة باسم النقد وأخرى باسم الفنون البصرية وثالثة باسم الصحف الفنية، مقدمين عبارات فضفاضة وألفاظا ملتوية باسم النقد ومعلومات مغلوطة وغير موثقة مستفيدين من مساحة الحرية التي تتيحها هذه البرامج ومواقع التواصل ليصنعوا من حروفهم شيئا ذا قيمة ولو كان مبنياً على جهل، فانعدام الرقابة أصبح لهم محفزاً ليكونوا نقاداً برتبة قص ولصق وباحثين بمرتبة ادعاء ودجل، فأصبح بعضهم عراباً لبعض في غياب وغفلة عن الوعي التشكيلي الحقيقي واشتغال باسم الفن في كل شيء إلا الفن الذي لا يمتون له بصله إلا من باب أهداف ذاتية وعلاقات غير فنية، إن أنتشار مثل هذه الممارسات من بعض الأدعياء أصبحملفتاً للنظر ومقلقاً للفنان والناقد الحقيقي خشية أن يصبح ظاهرة تستحق الدراسة والعلاج وهو ما حدا عدد من الفنانين الجادين والمثقفين للحضور الجيد والواعي بمجاميع التواصل الاجتماعي وبرامجه لتقديم معلومة موثقة ونقد حقيقي عميق، ولكن يظل غياب النقد الجاد والناقد الموهوب المعد جيداً هو ما أفرز عشوائية في الممارسة واختلاط في الرؤية بين المنجز الإبداعي الأصيل وبين المستنسخ البليد.

Fasilkh.er@gmail.com **** faisalkhudaidi@

مقالات أخرى للكاتب