Friday 04/07/2014 Issue 15254 الجمعة 06 رمضان 1435 العدد

البيئة .. هاجس الكشافة السعودية

محمد بن عبدالله آل شملان

تنظرُ جمعية الكشافة العربية السعودية باهتمامٍ إلى المستقبل، ومع ذلك فهي تحرص على استصحابِ البرامج النافعة للوطن وللمجتمع من خلال مواكبتها الجديد. وهذا شأنها منذ انطلاقتها قبل أكثر من سبعة عقود من الزمان.

هذا المزج المتناغم بين النفع للوطن والمجتمع هو بعض ما يُعطي هذه الحركة - التي تكمل بنهاية هذا العام عامها التاسع والسبعين - شخصيتها المميزة بين رصيفاتها في البلدان الأخرى.. ومن الطبيعي لمثل منْ يتصدّى لمهمة القيادة في الكشافة أنْ يلمّ بالأُسس التي انطلقتْ منها حضارة هذا الوطن المقدّس والوشائج المتينة التي استطاعت الحفاظ على تماسكه.

فجمعية الكشافة العربية السعودية في المملكة تستهدف نشر الحركة الكشفية وتشجيعها وتنظيمِها في جميع قطاعاتها الكشفية في أنحاء هذا الوطن الأشم، والمساهمة في تهيئة نشئه وتوجيه شبابه وإعدادهم خلقيّاً وثقافياً واجتِماعيّاً وتنمية شعورهم بالواجِب نحو الدين ثم المليك والوطن، وهي تحاول الوصول إلى ذلك عبر تقديم برامج متنوعة ومتعددة تساعد على تربية الكشاف من النواحي الروحية والخلقية. مع تأصيلها تأصيلاً إسلامياً. فبجانب نشرها أبرز التطبيقات والمبادئ التربوية كالصدق وحسن الخلق وحب الخير وحب خدمة الآخرين فإنها تقوم باستلهام التجارب بكل تداعياتها وإشراقاتها.

وفي مسيرة الحركة الكشفية في هذا الوطن (المملكة العربية السعودية) برامجُ جميلةٌ لا تُنْسى من بينها «المشروع الكشفي الوطني لنظافة البيئة وحمايتها» الذي فجَّر الكشافون على مختلف محافظات ومناطق مملكتنا الحبيبة شرارته الأولى من روضة الخفس بمحافظة حريملاء عام 1430هـ، كان ذلك بعد ستة أعوام من أوسمة الفخار والعزة التي تقلّدوها من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ـ أيّده الله ـ لما كان وقتئذ ولياً للعهد، أثناء استقباله في مكتبه في الديوان الملكي في قصر اليمامة يوم السبت 25 شعبان 1422هـ الموافق 10 ديسمبر 2001م، وزير التربية والتعليم ورئيس جمعية الكشافة العربية السعودية الأسبق الدكتور محمد بن أحمد الرشيد ورؤساء الوفود المشاركة في المؤتمر الكشفي العربي الثالث والعشرين الذي استضافته المملكة في كلمة له، حيث قلّدهم - وحُقَّ لهم الفخر -: «إنَّ الكشافة رسول خير ومحبة وسلام للعالم»، «..إنَّ ديننا الإسلامي يحث على الالتزام بالأخلاق الحميدة لأنه دين محبة وإخلاص ووفاء وأخلاق..»، «إنَّ للكشافة دوراً عظيماً حيث إنها ذات رسالة سامية من خلال الخدمات والجهود التي تقدمها للإنسانية جمعاء»، «إنَّ المملكة العربية السعودية كانتْ ولا تزال تهتم وتدعم المجال والحركة الكشفية في كل النواحي». ووصف - حفظه الله - الكشافة السعوديين «بأنَّهم كانوا وما زالوا خير مثال للالتزام بأخلاق الكشافة النبيلة ومثالياتها وبالشرف الكشفي».

وأوسمة الفخار والعزة تلك شكّلت الأساس القوي والعضد الجليّ لميلاد الحركة الكشفية في هذا الوطن عام 1356هـ في عهد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - الذي أثمر بعدها عدداً من البرامج والنشاطات الرائفة التي تنفذ من قبل جمعية الكشافة العربية السعودية ومن قطاعاتها الكشفية المختلفة وفق خطط سنوية مبنية على خُطَطٍ واستراتيجياتٍ مثاليّة ناضجة.

إنَّ برنامج المشروع الوطني الكشفي لنظافة البيئة وحمايتها - بشهادة الكثيرين إن لم يكن الجميع - حالة فريدة مثيرة من الارتباط العميق بالبيئة الذي يظلّ ذلك الكشاف مشدوداً إليه برباطٍ وثيق لا ينفصم وصلات عميقة تتجاوز حدود التعبير عنها أو حتى قياس مداها.. الذي تأتي أهميته في تفعيل المشروع الكشفي العالمي «رسل السلام» الذي تبنّاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه -. لقد هرولتْ كشافة المملكة العربية السعودية من قطاعات الجمعية المختلفة على مدى سنوات المشروع الستة وتسابقتْ وتدافعتْ للحفاظ على البيئة عبر رؤية المشروع المثاليّة «أن تصبح المحافظة على البيئة سمة مميزة للمجتمع»، وتعزيز قيمة النظافة والمبادئ المرتبطة بها من خلال الممارسة العلمية، وتفعيل الأنشطة الكشفية في مجال نظافة البيئة، وتقديم نماذج عملية لإجراءات نظافة البيئة والإسهام فيها، بالإضافة إلى إبراز دور الكشافة نحو المحافظة على البيئة وتنميتها.

تلك الجهود التي تراقص فيها كشافة المملكة منذ بداية المشروع عام 1430هـ وحتى الآن على أنغام صفحاته الملوّنة بألوان قوس قزح عبر أدائهم الفاعل وانتماءهم الوطني الرفيع ومسؤوليتهم الخلاقة ومبادرتهم الإيجابية المثمرة وتعاونهم وحبهم خدمة المجتمع. مما حدا بالمنظمة الكشفية العالمية أنْ تختاره كأحد أفضل البرامج الكشفية خلال المؤتمر الكشفي العالمي التاسع والثلاثون في البرازيل. ويحرص عدد كبير من قادة الكشافة المخلصين والكشافين المتحمسين لخدمة الوطن والمجتمع على تنفيذ هذا المشروع عبر أنشطة مختلفة منها خدمة المنتزهات البرية، وخدمة الحدائق العامة، ومنافسات منح شارات الخدمة العامة، والبرامج الإثرائية ( ندوات - حوارات - ورش )، وإعداد وتوزيع المطبوعات الإرشادية والتوعوية.

إنَّ جمعية الكشافة العربية السعودية وهي تحتفل يوم الأحد 9 رمضان 1435هـ بختام المشروع الكشفي الوطني لنظافة البيئة وحمايتها في نسخته السادسة، برعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل رئيس جمعية الكشافة العربية السعودية وبحضور أصحاب السمو الملكي الأمراء والمعالي الوزراء، وعدد من منسوبي المنظمة الكشفية العالمية، يكاد لسان المجتمع نحوها يقول وبأعلى صوت: «يا كشافة الوطن من أيِّ مكان كنتم.. شكراً لمن من أعماق القلب.. ولاشيء لدينا غير قبلة حب نحملها إعجابنا وأحاسيس فرح صنعتموها أنتم في نفوسنا.. وكنتم بحق ومضة الفجر المرتقب في ليل البيئة الطويل».