Sunday 06/07/2014 Issue 15256 الأحد 08 رمضان 1435 العدد
06-07-2014

«عودة الخلافة»... أسوأ عرض رمضاني!

.. وكأنك تشاهد مسلسلا تاريخيا في شهر رمضان، شيء يشبه مسلسلات الحروب التاريخية التقليدية، والتي يطلق عليها جزافا «إسلامية». أعمال اختفت عن الشاشة إلى حد كبير لكنها عادت مثل عروض الواقع بإخراج سيئ جداً، عنيف وخطير وكارثي. وفيها لا حاجة لتبرير سطحي أو لفظي من أجل القتل وإقامة المقابر الجماعية، والتسلي بذلك.

لا شك أنك تابعت مشهد إعلان تنظيم «داعش» قيام الدولة الإسلامية وتنصيب شخص يدعى البغدادي خليفة للمسلمين، ثم دعوة الخبرات والعلماء والكوادر العلمية إلى الهجرة للدولة الإسلامية الحديثة وأرض الخلافة التي لا تعترف بأي حدود جغرافية أو تراب وطني، وهكذا أصبح لدينا اليوم «خليفة للمسلمين» على إيقاع تاريخي من القتل والتكبير في الوقت نفسه، لكن التطور المهم اليوم أنه لم يعد مهما من دين المقتول في الطريق إلى دولة الخلافة المزعومة، هنا كل شيء مباح ومستباح!

لا تبدو الصورة غريبة، إنها نفس الثقافة المشوهة التي حفظناها من التاريخ. إنه مشهد قريب من مشاهد المسلسلات التاريخية التي ظلت جزءا من رمضانات عديدة مرت.. بلهجتها الغريبة تلك التي يحجبها صوت السيوف والخيول والملابس الغريبة، نفس ملابس الدواعش والأفغان والقاعديين، نفس الفكرة وإن اختلفت التقسيمات وأدوار الظهور.

بحسب ما جاء على لسان الناطق الرسمي باسم التنظيم الإرهابي، أبومحمد العدناني الشامي، إنه عبدالله إبراهيم الملقب بـ»أبوبكر البغدادي». ينسب نفسه إلى الخليفة أبي بكر وإلى العاصمة العراقية بغداد. وترجع أصوله إلى منطقة ديالى شرق العراق. وهو أحد أفراد عائلة تنتمي إلى عشيرة السامرائي. وتتلمذ على يدي الأردني «أبو مصعب الزرقاوي» في العراق، وقاتل تحت رايته، كما تولى قيادة «الدولة الإسلامية في العراق» عام 2010، التنظيم المنبثق من رحم «القاعدة في بلاد ما بين النهرين».

تنظيم «داعش» أو الدولة الإسلامية في العراق والشام-، كانت نواته الأولى دولة العراق الإسلامية التي تم إعلان تأسيسها في 15 أكتوبر سنة 2006 ثم سقطت عام 2007 وعادت بقوة العامين الأخيرين 2013 و2014.

أما ولاية داعش السورية فقد تم إعلان تأسيسها في 10 أبريل سنة 2012، بعد يوم واحد من استتباع فرع القاعدة في العراق على لسان أميره حينها البغدادي وقبل أن يترقى إلى منصب الخليفة! -طلب استتباعا لجبهة النصرة بقيادة أبو محمد الجولاني، ولكن الأخير لم يقبل، فحدث انقسام واقتتال على السلطة دائما.

عام 2010 أكد أبو بكر البغدادي على ولائه لزعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، وأعلن بيعته له، ليحصل على قوة القاعدة وبدعمها، واستطاع تنفيذ استراتيجية ثانية في القضاء على الصحوات وتنشيط العمليات والتمدد في سوريا.

وكما هي عادة هذه التنظيمات في معاداة الجميع، وحتى الانقلاب على نفسها، قطعت داعش هذا العام -2014 علاقتها مع القاعدة، وتنظيم القاعدة وأميرها الظواهري ببيعتها كإمارة ودولة، لتتسع الهوة بينها وبين القيادة المركزية للقاعدة. وصار تنظيم داعش العنيف قوياً وها هو اليوم يعلن إقامة دولة لم تنجح القاعدة في إقامتها..!

يبقى أن إعلان الخلافة مهما كان ساذجاً أو مختلفا عليه، يبقى الإعلان عن عودة الخلافة ودعوة المسلمين للهجرة لدولة الخلافة أهم تطور في مسيرة الجماعات «الجهادية» الإرهابية عالمياً منذ 11 سبتمبر.

حتى وإن بدا لنا المشهد الدموي كرتونياً سخيفاً وبعرض سيئ.. لكن هناك من يأخذ كل هذه التطورات على محمل الجدية.. بما فيهم الدواعش وأعوانهم والمحبطون الحالمون بتحطيم الأوطان..!

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب