Wednesday 09/07/2014 Issue 15259 الاربعاء 11 رمضان 1435 العدد
09-07-2014

جوزيف ودمعة وداع لمبتعث راحل

ينتشر المبتعثون بأرجاء المعمورة لغرض طلب العلم أولاً وثانياً لإبراز الصورة المشرِّفة لوطننا الغالي لدول العالم أجمع. فلا تكاد تخلو دولة من دول العالم الأول من المبتعثين المنتشرين في أرجاء المدن، فالولايات المتحدة وحدها يوجد فيها أكثر من مائة ألف مبتعث ومبتعثة

موزعين على الولايات الخمسين. فيلجأ أغلب المبتعثين غير المتزوجين منهم لسكن بشقق مشتركة مع أهل البلد الأصليين. فلهذا النوع من السكن فوائدة عدة ومن أهمها اكتساب اللغة المحلية الدارجة بتلك المدينة وتعلّم الثقافات الأخرى وأخذ الإيجابي منها وإبراز ثقافتنا للمجتمعات المختلفة والتوفير من المكافأة. فمدينة بوسطن الأمريكية التي تعد واحدة من أغلى المدن الأمريكية من حيث تكلفة إيجار السكن وذلك لوجود أعرق وأقدم جامعات العالم فيها مثل جامعة هارفرد التي تعد أول جامعة في أمريكا. لم يكن سبب غلاء المعيشة عائقاً أمام خالد المبتعث لدراسة الماجستير الذي أتى لهذه المدينة من أجل التزوّد بالعلم. فاختار خالد أن يبحث عن سكن مع شخص أمريكي ووقعت عيناه على صاحب إعلان مذيل باسم جوزيف بأحد مواقع البحث الذي يعرض فيه غرفة بشقته للإيجار. تم الاتفاق بينهما على العقد لمدة سنة وعند مرور الشهور الأولى تحوّلت العلاقة بين خالد وجوزيف إلى علاقة متينة. فعند مرض جوزيف لم يكن خالد والمبتعثون الآخرون إلا خير معين. فوقفتهم بجانبه أثناء المصاعب والمحن أثرت في هذا الرجل المسن المتقاعد الذي لا يوجد من عائلته أحد بتلك المدينة. فتح عيناه جوزيف ذات صبيحة على صوت المبتعث خالد قائلاً له، حان وقت الرحيل. في بداية الأمر ابتسم وطلب منه أن يرسل تحياته لعائلته وأحبته في السعودية. ولكن بالنهاية وعند صعود خالد سيارة الأجرة مودعاً، لم يتمالك هذا الرجل المسن نفسه وأمسك بيد خالد باكياً وهو يقول بصوت مرتفع لم أكن أتمنى أن تحدث هذه اللحظة، أنت تركت بصمة إيجابية عن بلدك في قلبي، أنتم شعب عظيم كريم وكم أتمنى أن يوجد في كل بيت مبتعث سعودي لكي يرسلوا رسالة إلى الناس عن الكنز الكبير الموجود في قلوبكم وبما يوجد في بلدكم من أخلاق نبيلة. وختم حديثه من مدينة قبلة العلم بوسطن والدمعة تملأ عينيه قائلاً: شكراً لمن أرسلكم إلى هنا.

مقالات أخرى للكاتب