Tuesday 15/07/2014 Issue 15265 الثلاثاء 17 رمضان 1435 العدد

تحقيق حول التحركات غير المبررة في أسعار الأسهم قبل أن تتبعها الإعلانات الجوهرية من الشركات

الطابع الكتوم لمتطلبات الإفصاح يجعل شركات الخليج تحصل على درجات متواضعة في الإدارة والحوكمة

الجزيرة - الرياض:

عندما قررت أكبر شركة عقارية في دبي تغيير رئيسها التنفيذي العام الماضي لم تخطر سوق الأسهم لأسابيع في واقعة تبرز التحديات التي يواجهها المستثمرون وسط طفرة البورصات الخليجية.

لكن مديري الصناديق يقولون إن الأسواق الخليجية متأخرة في مجال واحد مهم: حجم المعلومات التي تعلنها الشركات المدرجة.

فبسبب الطابع الكتوم لإدارات الشركات وضعف آليات الإفصاح والإعمال غير المنتظم لقواعد الإفصاح تكون المعلومات في أحيان كثيرة أشد ندرة قياسا إلى الأسواق في مناطق أخرى من العالم. ويثير ذلك مخاطر بالنسبة للمستثمرين وقد يخلق في بعض الأحيان فرصا للتداول على أساس معلومات غير متاحة للغير.

وقال سليم فرياني مدير الاستثمار في أدفانس إمرجينج كابيتال ومقرها لندن «اللوائح وتطبيقها في أسواق مجلس التعاون الخليجي ولاسيما الإمارات وقطر تتحسن لكن أمامهم طريقا طويلا مقارنة مع أسواق الولايات المتحدة أو لندن - وهو ما يظهر إلى أي مدى هي أسواق جديدة.

«ستكون هناك فضائح بسبب طبيعة الشركات وهو ما يجعل من الصعب الوثوق بها ثقة كاملة.» الإفصاح في كل البورصات الرئيسية بالشرق الأوسط امر ضروري للشركات المدرجة و لكن هذه القواعد لا تطبق باستمرار. ولأن أسواق المال في الخليج أحدثت عهدا من كثير من نظيراتها في الخارج - السعودية دشنت بورصة منظمة في أوائل الثمانينيات - لم تتطور بعد ثقافة صديقة للمستثمر.

غطاء السرية

وجرت العادة أن تعمل الشركات العائلية تحت غطاء من السرية وهناك الكثير من الشركات الكبيرة التي تسيطر عليها الحكومات وتحجم عن الإعلان عن كثير من المعلومات.

وقال عبد الله علاوي مدير الأبحاث لدى الجزيرة كابيتال في جدة «السبب هو الثقافة المتجذرة - معظم الشركات في المنطقة أقامتها عائلات من التجار الذين يعتقدون أن كل شيء هو سر من أسرار المهنة ولا يحبون الكشف عن أي شيء ما لم يكونوا مضطرين لذلك».

ولا تتجاوز نسبة الشركات الخليجية الحاصلة على درجات «قوية» في الإدارة والحوكمة من وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيفات الائتمانية 6.3 بالمئة مقارنة مع 9.5 بالمئة لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا و7.5 بالمئة للعالم بأكمله.

وقال تومي تراسك مدير تصنيفات الشركات في ستاندرد اند بورز إن سبب التقييم الضعيف للشركات الخليجية هو معايير استقلالية مجالس الإدارات والشفافية وسيطرة المالك وثقافة الإدارة.

وقال تراسك «الشركات التي نصنفها في منطقة الخليج إما مملوكة لحكومات أو لعائلات ذات نفوذ وكلا الأمرين يمكن أن يضر بالحوكمة.» وأضاف أن مسؤولين حكوميين يهيمنون على مجالس إدارات شركات البنية التحتية مما يجعل القرارات تميل لصالح السياسات الحكومية لا مصالح مساهمي الأقلية أو الدائنين.

وأبلغت مصادر رويترز أنه في أواخر العام الماضي قامت إعمار العقارية شبه الحكومية أكبر شركة عقارية مدرجة في دبي من حيث القيمة السوقية بتغيير الرئيس التنفيذي للمجموعة لو بينج وتعيين عبد الله لاحج ليحل محلها. لكن الشركة لم تخطر البورصة بذلك إلا في أواخر يناير كانون الثاني وبعد أن بثت رويترز الخبر بثلاثة أيام.

ومما يبعث على خيبة الأمل أيضا غياب التوقعات التي يحتاجها المحللون خلال المؤتمرات التي تعقدها الشركات بشأن أعمالها. وقال سانيالاكسنا مانيباندو كبير المحللين لدى أبوظبي الوطني للأوراق المالية «كمحلل يساورك القلق على الدوام من عدم إطلاعك على ما يطلع عليه الآخرون.

«يوجد عدم اتساق - هيئة السوق تشجع على الشفافية لكن الشركات ستقول هناك معلومات لا نستطيع إبلاغكم بها.» وفي استطلاع أجرته رويترز وشمل نحو عشرة من مديري الصناديق الأجنبية احتلت السعودية المرتبة الأولى بين خمس بورصات رئيسية في الشرق الأوسط من حيث الإفصاح عن معلومات الشركات وحصلت على 43 نقطة من أصل 60.

وحلت قطر في المركز الثاني بواحد وأربعين نقطة ثم مصر 39 نقطة. واحتلت الكويالمركزي الأخير ولم تسجل سوى 18 نقطة. التداول وقد يؤدي عدم انتظام الإفصاح في الأسواق الخليجية إلى تحركات كبيرة وغير مبررة في أسعار الأسهم تمتد أحيانا لعدة أيام ثم تعقبها إعلانات مهمة من الشركات. وفي تلك الحالات لا يتضح عادة حدوث تداولات غير سليمة لكن يظل من الصعب تبديد الشكوك.

وقال علي العدو مدير المحفظة في شركة المستثمر الوطني بأبوظبي «التحركات غير القابلة للتفسير تدمر ثقة المستثمر. ينبغي أن تتفاعل الأسعار مع الأخبار - إيجابا أو سلبا - وينبغي أن يحدث هذا بشكل صحيح في السوق وبتدفق سليم للمعلومات».

ولدى هيئات سوق المال قواعد ضد التداول على أساس معلومات غير متاحة للغير أو التلاعب في السوق.

وعلى سبيل المثال تقول هيئة الأوراق المالية والسلع الإماراتية إن أي شخص يستغل معلومات غير معلنة لتحقيق كسب شخصي معرض لعقوبة السجن حتى ثلاث سنوات وغرامة تصل إلى مليون درهم (270 ألف دولار).

لكن السلطات في أنحاء المنطقة تفتقر إلى القدرة على إجراء التحقيقات لتتبع المستثمرين المخالفين ولا توجد قضايا كبيرة بحق المتداولين على أساس معلومات غير متاحة للغير كالتي نراها في دول أخرى مثل الولايات المتحدة.

وقال علاوي «هناك حالات تقليدية لتسرب معلومات لا يمكن إثباته ولا توجد لدينا إجابات.» لكن الصورة ليست كالحة السواد.

فلمصر التي يرجع تاريخ بورصتها لأكثر من 100 عام مضت سمعة قوية نسبية في محاربة التداولات غير السليمة. فقد ألغت هيئة الرقابة المالية تداولات يوم في أسهم بنك استثماري والذي ارتفع بقوة قبل إعلان البنك عن إعادة شراء أسهم بمليار جنيه مصري (144 مليون دولار).

ويعتقد بعض مديري الصناديق أن زيادة الانكشاف على رأس المال الأجنبي ورغبة دول الخليج في تنويع موارد اقتصاداتها بدلا من الاعتماد على النفط ستشجع على تشديد المعايير في الأعوام المقبلة.

وفرضت هيئة سوق المال السعودية غرامات بعشرات الملايين من الريالات على المستثمرين في 2013 بسبب مخالفات للوائح التداول وغرمت بعض الشركات مبالغ صغيرة بسبب مخالفات في الإفصاح.

غير أن بعض المحللين يرون أنه ينبغي لإحداث تحسن كبير أن تتغير العلاقة بين الحكومات والهيئات التنظيمية. وقال ناصر السعيدي مؤسس ورئيس ناصر السعيدي وشركاه وهي شركة استشارات اقتصادية مقرها في دبي وبيروت «هيئات السوق في الخليج بحاجة إلى الاستقلال وإلى تفويض يمكنها بالعمل بشكل مستقل عن الحكوماكي يتحسن مستوى حوكمة الشركات».

وفي مسح رويترز حلت مصر في المركز الأول بين الأسواق الخمس الرئيسية في الشرق الأوسط من حيث إعمال قواعد محاربة التداولات المخالفة وأحرزت 43 نقطة.

وجاءت السعودية في المركز الثاني بخمس وثلاثين نقطة.

ومن المتوقع أن تجتذب أسواق الأسهم لدول مجلس التعاون الخليجي الست مليارات الدولارات من التدفقات الأجنبية الجديدة في الأعوام القادمة مع تحول المنطقة إلى وجهة استثمارية رائجة.

وترفع شركات لمؤشرات الأسواق مثل ام.اس.سي.آي وستاندرد اند بورز داو جونز تصنيف الإمارات العربية المتحدة وقطر إلى وضع السوق الناشئة.

وتستعد السعودية للسماح بالاستثمار الأجنبي المباشر في سوقها لكنها لم تحدد موعدا بعد. وحافظت الأسواق الخليجية على قوتها في غمار الاضطرابات العالمية على مدى الأشهر الأخيرة بفضل فوائض التجارة والميزانيات لدول المنطقة والتي تجعلها ملاذات آمنة.