Saturday 19/07/2014 Issue 15269 السبت 21 رمضان 1435 العدد
19-07-2014

دعاة تحت السرة

فتحت بعض القنوات الفضائية التجارية الباحثة عن المال والإثارة الباب على مصراعيه لبعض النكرات للظهور المنفلت, والحديث في قضايا بالغة الحساسية بدون أدلة وإثباتات ومعلومات مؤكدة.. أحد الدعاة الذي ربما لا يعرفه إلا القلة ظهر الأسبوع الماضي وفي نهار رمضان المبارك ليقذف الناس بالباطل عبر برنامج في الصميم في قناة روتانا مع الأستاذ عبد الله المديفر.. هذا الداعية قال كلاماً يحتاج إلى أدلة وليس دليلاً واحداً.. اتهم وقذف المؤمنين والمؤمنات الغافلات دون أن يسوق أدلة أو حتى دليلاً واحداً حين أكد أن نسبة التحرش بين العاملين في القطاع الصحي تصل إلى 100%.

التعميم لغة الحمقى وبعيد عن المنطق أن تعمم سلوكاً معيناً على مجتمع كبير.. القطاع الصحي في بلادنا يُقدَّر عدد منسوبيه ومنسوباته بالآلاف, ومن الحمق والسفه أن يتهم هؤلاء جميعاً ودون استثناء بالتحرش.. لا يمكن القبول أن تختار حالة واحدة أو حتى عشر حالات وتعممها على قطاع كامل هذا إن كان لديك حالات.. هذا القطاع مثله مثل غيره من التجمعات الإنسانية عرضة للمتغيرات والمستجدات والأحداث الطارئة، ولا يستبعد أن تطفو على السطح حالات بين فينة وأخرى، لكن أن تصل الأمور إلى مئة بالمئة حسب وصف هذا الداعية الداهية، فهذا ما لا يقبله عقل واعٍ إلا عقول البسطاء والسذج الذين يتلقفون مثل هذا البهتان والقذف ويتداولونه بينهم على أنه من المسلَّمات التي لا تقبل الجدل، بل ويأتي من بين هؤلاء من يؤكد كلام الداهية لأن أحدهم قد نقل له أنه قد شاهد بعض الأطباء بعينه يتحرشون ببعض الطبيبات, وأن بعض المساعدين الصحيين يتحرشون بزميلاتهم وحين تطالب بالإثبات لا تجد شيئاً.

الداعية اتهم وقذف وحقق ما كان يريد من شهرة, والقناة حصلت على الإثارة التي ترغب بها, وبقيت أمور جارحة لمشاعر أناس أبرياء, وأمور مهدرة لكرامة أناس نذروا أنفسهم لخدمة الناس والعناية بالمرضى, وقضاء الأوقات الطويلة خارج منازلهم للوقوف إلى جانب مرضاهم, وأمور على درجة كبيرة من الأهمية تحتاج لوقفة حازمة من وزارة الصحة, صحيح أن مجموعة من الأطباء والطبيبات قد بدؤوا الإجراءات النظامية لمقاضاة الداعية، لكن هذا في ظني لا يكفي لأن الاتهام موجه لقطاع كبير يتمثّل في وزارة الصحة، ولا بد أن تهرع الوزارة لمقاضاته فإما أن يثبت أقواله بالأدلة وإلا فليتحمل ما سيأتيه ويكون عبرة لغيره من الدعاة المتهورين.

هذا الداعية وغيره كثير متشبعون بثقافة مقلوبة لا ترى من الإنسان إلا أسفله.. ثقافة لا تنظر في أي مخلوق إلا ما تحت سرته يظل الحديث حولها مشبعاً لذلك يدعون الناس لأخذ الحيطة والحذر من الاختلاط خشية التماس وكأن الناس مخلوقات بهيمية ليس لديهم وعي ولا عقول تفكر, أو أن من يعملون في القطاعات المختلطة لا يستطيعون كبح جماح شهواتهم, لذلك يركز دعاة ما تحت السرة على تلك الأمور والحثّ على عزل الرجال عن النساء في مجتمعين منفصلين تماماً خوفاً من سكب مزيد من البنزين على النار المشتعلة، رغم أن الاختلاط موجود في كل مكان حتى في الحرمين الشريفين.

بقي أن أقول بأن من الواجب أن تكون القناة دقيقة في اختيار ضيوفها من بين أصحاب الفكر الراقي ومن ينتظر منهم المشاهد الإثراء والفائدة بدلاً من الهراء الذي لا يترك إلا أسوأ الانطباعات.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب