Saturday 19/07/2014 Issue 15269 السبت 21 رمضان 1435 العدد

ملَل..!

حسناء محمد

وكأننا لم نعد نتعجب لشيء في وقتنا هذا، فقد ازدحمت علينا دنيا الأولين والآخرين، وكأنما قد مرعلينا كل شيء وجرّبناه وألفناه.

والمجال الآن للكل, لمن أراد أن يتحدث أو يتفقه أو يتأمر أو يألم أو يسخر أو يحرم أو يحلل أو يبرر أو يكبر أو حتى يصغر من الأمور ما يشاء وما يتوافق وهواه ومصلحته.

كما قال العرب تماما «الأمر حيص بيص».

ولا تعلم أين يصدق الأمر أو أين يقف كذبه أين تعلو به قيمه أو أين تحط به أهواؤه.

إلا أن الكثير يكاد يتوافق على كلمة كثيرا ما ترد على الألسن ألا وهي باللغة العامة «الطفش» والطفش لغة لا يصح بهذا المعنى, وإنما يقال ملل.

قالت: لي إحداهن كنت لا أكاد أجد وقتا لشيء فزوجي وبيتي وعيالي يأخذون جل وقتي، وكنت بالرغم من التعب مرتاحة نفسيا أشعر بقيمة الوقت الذي أتفرغ فيه لنفسي وأجد له لذة، حتى جاءت الخادمة فأخذت عني شغل البيت ثم الطبخ ثم العيال وضحكت وهي تقول ولم يبق إلا أبو العيال، فوجدت من الفراغ ما بدأ يضيق به صدري وخصوصا وأنا لست صاحبة اهتمامات ولا هوايات ولا قراءات إنما أجيد تقليب رأسي في ما فعلت فلانة وأعلك لساني أين ذهبت علانة، وبدأت أمارس طقوس الضغط على زوجي وبدأت المشاكل تجد طريقاً سهلاً بيننا، حتى أدرك هو «أي زوجها» علتها قالت فداواني بالتي كانت هي الداءُ.

الملل بالرغم من سرعة الوقت الحاضر, وبالرغم من كثرة الماديات وبالرغم من كثرة المتع حولنا ما هو غير داء أشبه بالسراب لمن تفطن لعلته وأبصر أمره فاعتدل, ونظر إلى الحياة فأجاد إدارتها، وإلى الآخرة فسعى لها، وإلى السعادة فأتقن التقاطها.

تقبل الله طاعتكم