Thursday 31/07/2014 Issue 15281 الخميس 04 شوال 1435 العدد
31-07-2014

الدماء تسيل .. والحال هو الحال

من الواضح الذي لا يقبل الشك أن هنالك خللا كبيرا في بنية مجتمعنا لم تستطع أيادي الأطباء ولا الموجهين ولا الدعاة ولا العلماء أو الأخصائيين النفسيين في إيجاد حل لهذا الخلل المريع والقاتل وهو (التهور المروري) ولا أدري لماذا الكوارث وحوادث المرور تزداد أضعافا في شهر رمضان.. هل هذا هو الإسلام؟ نصوم عن الأكل ونفطر على الحوادث والسباب والشتيمة والمخالفات بشتى صورها وأشكالها.. أم أن رمضان يفترض أن يكون شهر الخير والعطاء والتسامح والبر في جميع أشكاله، وحسن التأدب والتحلي بالخلق الذي أوصانا به ديننا ونبينا عليه أفضل الصلاة والسلام. أجزم بأننا في رمضان قوم آخرين.. أخلاق ضيقة، سرعة جنونية خاصة بعد صلاة العصر، النرفزة والسباب والشقاق، ارتكاب جميع المخالفات المرورية، النوم في وقت العبادات، تبذير وإسراف منقطع النظير، هل هذا ما نص عليه ديننا وشريعتنا؟ كلا وحاشا ورغم ذلك لم نتعظ ولم نتوقف عن ارتكاب الأخطاء والمخالفات الشرعية وغير الشرعية... وأعود مرة أخرى لأذكركم بأم المصائب (الحوادث المرورية) وقد كتبت أكثر من مقال حول هذا الموضوع ولكن تبين أنه لا حياة لمن تنادي وما أجبرني على العودة لهذا الموضوع اليوم هو ما نشرته الصحف ووسائل الإعلام هذه الأيام من إحصائيات تقشعر لها الأبدان، حيث تقول هذه التقارير إن حوادث المرور في شهر واحد بلغت (39) ألف حادث.. يا للهول! والوفيات في شهر بلغت (580) حالة وفاة والمصابين (2890) يا لها من كوارث ليس كمثلها كوارث وذكرت هذه الإحصائيات أن الرياض العاصمة تتصدر الحوادث ب (10344)حادثا ثم الشرقية ثم مكة.. كما ذكر في هذه الإحصائيات أن تكلفة الحوادث الإدارية المرورية في الرياض بلغت (62) مليونا سنويا.. تصوروا معي هذه الفواجع، الحروب الطاحنة بين الجيوش لا يمكن أن تفقد مثل هذا الكم الهائل من البشر في شهر واحد إضافة إلى ما يتبعها من مصائب وفقدان الأسر لأبنائها ومعيليها.. والإعاقات التي تنتج عن الإصابات لقد كنت في ولاية (منسوتا) قبل أعوام وذهبت لمستشفى (مايو كلينك) فوجدت المدينة التي تحتضن المستشفى (منيابلس) مليئة بالسعوديين الذين يتنقلون بعربات الإعاقة كلها حوادث سيارات، وأعتقد أن الأعداد تضاعفت الآن أضعاف ما سبق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. ألا ترون أيها السادة والسيدات أن هنالك خللا ما في المجتمع ناتج عن تهاون الأسر في التعاون مع الدولة لضبط هذا المد الجوني وتهور الأبناء وكذلك بعض الكبار هداهم الله الذين يفترض منهم أن يكونوا قدوة للصغار، وكذلك التهاون في تطبيق الإجراءات النظامية الصارمة في الحد من ارتكاب المخالفات ومنها قطع الإشارات عمدا وهو ما يعد (شروعا في القتل العمد) وكذلك الاستهتار وما ينتج عنه مزيد من سفك الدماء في كل شارع والحال هو الحال.. ترى متى تتغير هذه السلوكيات ونصبح أمة تنفذ تعاليم الإسلام بالفعل وليس بالأقوال والتباهي وتلتزم بأخلاقياتها، وتحترم القواعد والأنظمة المرورية حماية لهم ولأسرهم ولمجتمعهم؟ متى نتعاون جميعا للحد من هذه الظواهر السلبية الهمجية التي تتكرر يوميا ؟.. متى يكون وعي المواطن في المستوى المأمول مثل بقية خلق الله في الدول الأخرى؟ نحن نحترم قواعد وأنظمة المرور في أوروبا وأمريكا وغيرها وعندما نعود نقوم بتطبيق العكس في بلادنا، على ماذا يدل ذلك؟ يدل على السذاجة وانعدام الوطنية والتهور السلوكي وانعدام الوعي والحس الراقي والسليم، لذلك لن تتغير هذه الأمور السلبية ولن تنتهي هذه الكوارث المرورية ونحن على هذا الحال ونسير بنفس الرتم دون تغيير (لن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) لذلك نقول أيها الآباء والأمهات والأخوات علموا أولادكم الانضباط السلوكي وكيفية احترام الالتزام بأنظمة المرور والتحلي بسلوك القادة المثاليين في الشوارع وعدم التهور والتوعية المنزلية قبل التوعية الوطنية، ثم يا مرورنا العزيز ابحثوا عن حلول جذرية لموضوع قطع الإشارات والتهور المروري ونفذوا ما صدر من تعليمات وطبقوها في جميع المحافظات.. ثم يا مجتمع تعاونوا وتكاتفوا للمساعدة في ضبط هذا الفيضان الدامي وكفانا قتلا وإصابات.. دعونا نكون يوما ما مجتمعا واعيا يحمل رسالة مفادها (لا مخالفات ولا حوادث) ونكون جميعا ضد من يعبث بالأنظمة ويتساهل في تدمير المجتمع ويرفض احترام الأنظمة ويصر على ارتكاب المخالفات أيا كان كبيرا أو صغيرا.. والله الهادي إلى سواء السبيل....

alfrrajmf@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب