Thursday 07/08/2014 Issue 15288 الخميس 11 شوال 1435 العدد
07-08-2014

على ثغوره البرية،.. وتحت سمائه..!!

بعض الذين يؤدون واجبهم، ويقومون بمسؤوليتهم خلصا، يصدقون مع أنفسهم قبل أن يكونوا صادقين مع رؤسائهم أو غيرهم..

وفي كل موقع عمل هناك مقابل الأداء «راتبٌ» يتقاضاه الموظف.. ليصبح أداء الواجب ذا وجهين: وجهٌ لشغر الوظيفة بمستحقاتها، ووجهٌ لمدى إيمان الفرد وهو في وظيفته بما عليه أن يؤديه، وكيف يؤديه، فيحظى بأن يوسم شاء أو أبى بتميزه، لأنه بذلك يبصم خصائصه، ويكشف عن آداب سلوكه الوظيفي من الصدق، والحرص، والتفاني، واحترام الوقت، والطواعية للطوارئ، والشعور بالمسؤولية، وعدم الخنوع لمغريات الراحة فلا يتنصل عن الأداء عند الحاجة ببذل مضاعف..

والذين يجدون في أداء أعمالهم أنفسهم، ولا يتقاعسون عنها، ولا يتخلون فيها عن هذه الآداب دائما ما يكونون موضع تقدير، وتقييم، وثقة واعتماد..

والرؤساء المنصفون غالباً ما يكافئونهم بأنواع عديدة من الوسائل، بدءاً بالثقة فيهم والاعتماد عليهم وتقديم الشكر لهم، وانتهاء إلى ترقيتهم وشكرهم ومنحهم الشهادات والأوسمة، وفي أكثر وسائل التقدير زيادة «مرتباتهم» بعلاوات ترضيهم.

والذين يعملون في السلك العسكري والأمني أكثر الذين يتطلب منهم مجاهدة النفس في جهاد الأداء من أجل الوطن..، وأحقهم بالتقدير والشكر وتقديم الحوافز لهم.. فمسؤولياتهم تصل في فترات الطوارئ، وحاجة العمل، وأهمية الموقع، وضرورة الحدث إلى أنهم لا يبذلون الجهد فقط بل ربما الأرواح وما بينهما من مصاعب.. لذا هم أول المستحقين والخلص منهم تحديدا التقدير والمنح..

وقد رأينا في سنة الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم نماذج التعامل مع رجاله المرابطين، والمشاركين في الأحوال كلها فيها ما ينم عن تعزيز، وتقدير، وتحفيز لكل عَضد يسهم في حفظ الأمن، وتمكين السلم، بالإيثار، والبذل..

أمس مر بي شريط الذاكرة برجال الأمن من جنود، وغيرهم حين كانوا على الطرقات، وفي مداخل المدن، وعند الإشارات، وعلى منافذ الوطن أيام «حرب الخليج»، ثم عندما تعرض الوطن لهجمات «الإرهاب» المتطرفة تلك التي أفزعت الآمنين، وشجت في لحمة العباد، وكيف كان هؤلاء يقفون في الشمس، ويسامرون النجوم، ويراقبون الحركة، ولا يغفلون عن اللمحة، وكيف كنا نشعر بالأمان بمجرد أن نجدهم حيث نمضي..، وفيهم أولئك الذين يتصدرون المنافذ وهم يعلمون أنهم عرضة للمحتال، وللمدلس، وللكاذب، ولذي الغرض، ولحامل وباء الاعتداء، تتكتل في صدره الضغينة، ونية العدوان..، وبينما هم يدركون أنهم في خطر، لكن الوطن أثمن حينها من الروح..، أولئك البواسل كانوا بكل أدوارهم نماذج، منهم من بقي، ومنهم من ذهب وكلاهم في أمن الوطن سيف، وروح..، وعزم، وفداء..

وفي كل الأوقات والأحوال، وتحديدا في الوقت الراهن تكون حدود الوطن أمانة هؤلاء جميعهم، وتخصيصا الموظفين في الثغور البرية، وعلى الأطراف من الوطن، إذ في ضوء تفشي الفئات الإرهابية، ووجود أولئك المنفلتين عن الضوابط، يقوم هؤلاء المخلصون من أفراد الوطن بجهود تفوق واجبهم، يضاعفون الانتباه، ويتفاعلون مع المواقف بهمة، وذكاء، وقد رأينا كم منهم قد تعرض للأذى لكنهم للواجب يبذلون، ومع الأحداث يقدمون..وللوطن رعاة يخلصون..

قرأت بالأمس أن سمو وزير الداخلية قد خص منهم المرابطين على الثغور البرية من رجال الجوازات بمكافأة، قد وُضعت تحت مسمى «بدل إرهاب» يتمشى مع طوارئ الفترة، والراهن الماس، وفي هذا تعزيز يستحقونه، وشكر منطوٍ يدركون أبعاده، ويصلهم منه التعزيز، والإحساس بهم، والثقة في واجبهم..

ومع أن الصادقين المؤثرين في أداء رسالة الوطن، وحماية أجزائه، وأبنائه على اختلاف أدوارهم، ومراتبهم، من الخاصة والعامة لا ينتظرون عادة إلا أن يمكنهم الله من واجبهم، لكن في هذه البادرة من سمو وزير الداخلية ملمحا ناطقا بتقدير دورهم...، وبها ما سيجعلهم أشد عزما، وأملأ اطمئنانا.. وأصدق إحساسا بما عليهم أن يكونوا عليه من اليقظة، والتفاني...

فالوطن أمانة يحمل هؤلاء مسؤولية رعايتها..

بمثل ما هو أيضا أمانة الجميع تحت سمائه بكل فئاتهم، ومواقعهم، وأدوارهم، وأعمارهم..وأفكارهم..!!

حفظ الله هؤلاء على الثغور، ووفقهم، وزادهم وعيا، وألهمهم الصواب، وحرس بهم الوطن،..

وصرف عنه نوايا المفسدين في الأرض..

وحرس البلاد، والعباد في سلام دائم، وأمان...

وعزز قوته، وعتاده،..

وشمَله بعينه التي لا تغفل، ولا تنام..،

وجمع أبناءه على قلب سواء.

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب