Friday 08/08/2014 Issue 15289 الجمعة 12 شوال 1435 العدد

أكد أنهم يدسون السم في العسل.. الداعية عبيد الطوياوي لـ«الجزيرة»:

دعاة الشر يسعون إلى تفريق المجتمع وشق صفه تحت دعاوى الحفاظ على الدين!!

حائل - خاص بـ«الجزيرة»:

(حذر داعية وخطيب جامع من دعاة الفتنة، وممن يسعون إلى تفريق المجتمع وشق صفه تحت دعاوى الحفاظ على الدين، والحد من الفساد بين المسلمين، مستخدمين في ذلك مختلف القنوات الإعلامية، والمنتديات، والخطب والكلمات).

جاء ذلك في سياق حديث للداعية وإمام وخطيب جامع الخلف بحائل الشيخ عبيد بن عياف الطوياوي بعنوان: (دس السم في العسل) استهل بالقول: روى البخاري ومسلم، عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أنه قال:

كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِى. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا فِى جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: (نَعَمْ). فَقُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ). فَقُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: (قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِى تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ). قُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: (نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ (هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا). قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ؟ قَالَ: (تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ). قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: (فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ كَذَلِكَ).

وأضاف فضيلته قائلاً: في هذا الحديث الشريف، يحذر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته، ونحن من أمته، بل من أحوجهم للحذر، (فَإنَّهُ لا يَأتي زَمَانٌ إلاَّ والَّذِي بَعدَهُ شَرٌّ مِنهُ)، كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح. فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يحذر أمته من وجود أناس، بل دعاة، يدعون إلى النار -والعياذ بالله- ويشير -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث، إلى أن هؤلاء الدعاة، سوف يجدون من يستجيب لدعوتهم، ويسمع ويطيع لهم، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: (نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا)، ومن اللطائف أن هؤلاء الدعاة -كما أشار الحديث- من أبرز أهدافهم، وأوضح مقاصدهم: تفريق جماعة المسلمين، وتنفيرهم من ولاة أمرهم، ولهذا لما سأل حذيفة -رضي الله عنه- النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: فَمَا تَأْمُرُنِى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: (تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ).

وشدد فضيلته على أن هؤلاء الدعاة، الذين يمثلون الشر في الأمة، لا بد من وجودهم، لإخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وكما قال -عز وجل-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، وشرهم ـ يتمثل في تشكيك المسلمين في إمامهم، والدعوة إلى كل أمر من شأنه تمزيق وحدتهم، وتفريق كلمتهم، وما أكثر هؤلاء اليوم بين المسلمين, وهم الذين حذر منهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، لديهم أهداف، يسعون إلى تحقيقها، وفي رؤوسهم أشياء، يعملون جاهدين للوصول إليها، ولكنهم لا يستطيعون إلا عن طريق دس السم في العسل، وكسب جهلة الناس، بتحريك نوازع أنفسهم الأمارة بالسوء، وخاصة أولئك الذين لا يبالون بالنتائج، ولا يدركون عواقب الأمور، بل يقدمون أفكارهم، ويبررون أعمالهم، ويحسنون مقاصدهم، لينخدع بهم من يجهل حقيقتهم، وينغر بهم من يخفى عليه أمرهم، فيرى ما يقومون به عسلا، ولكنه في حقيقته عسلا قد دس فيه السم، وهكذا يفعل المجرمون قديما وحديثا، وهذا ما أثبته القرآن الكريم، عن فرعون أخبث داعية عرفته البشرية، كما قال -عز وجل- عنه: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}.

وأردف الشيخ عبيد الطوياوي يقول: فتبديل الدين، وترك واجباته، ومخالفة أوامره، وكذلك الإفساد في الأرض، هذا عسل فرعون، والسم الذي فيه، يريدهم يتبعونه، ويطيعون أوامره، ويخضعون تحت سيطرته وملكه، وهذا ما يريده دعاة الشر اليوم، عبر قنواتهم، ومنتدياتهم، وخطبهم وكلماتهم، ودروسهم واجتماعاتهم، فهم يزعمون الحفاظ على الدين، والحد من الفساد بين المسلمين، ونشر الأمن بأنواعه وأشكاله، ولكنهم يخططون لغير ذلك، ولا أدل على ذلك من تحذير العلماء الذين لم تنحرف أفكارهم، ولم تزغ أفهامهم منهم، ومن الانضمام إلى أحزابهم وجماعاتهم.

وأكد فضيلته على أن معالجة الفقر، والحد من البطالة، ووجود المساكن الفسيحة، والمراكب الفارهة، وتعبئة الأرصدة، والقضاء على المخدرات، ومحاسبة المسؤولين الفاسدين، ووضع الشمس في يد والقمر في الأخرى، هذا كله عسل، يسيل له اللعاب، ولكن يا ترى ما وراء ذلك، وإنه السم، ولو كان ليس سما، لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لحذيفة في رواية مسلم للحديث السابق: (تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ)، نعم - من السم الذي يدس في العسل، الحقد والحسد عندما يوغرا الصدر، ويحاول صاحبهما الانتقام. ومن السم الشهوة الخفية وحب الرئاسة والوصول إلى السلطة، ونصر الظلمة بإعانتهم على ظلمهم، وتصيد الأخطاء، وإحصاء المعايب ونشر المثالب، وتعظيم الحقير، وتحقير العظيم من الأمور، هذا كله وغيره، مما يتقنه خبراء العسل المسموم، يجدون ما يتعلقون به، وما يجعلونه مادة دسمة، لترويج بضاعتهم الكاسدة، ومن ذلك - بعض المسلمين، الذين لا يبالون في ذممهم، الخونة لأماناتهم، المضيعون لمسؤولياتهم، الذين يصدق عليهم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ) فلاهم لهم إلا مصالحهم، ولا خوف إلا على كراسيهم.

وخلص فضيلته إلى القول: هؤلاء - هم الطعم الحقيقي، الذي يستخدمه دعاة أبواب جهنم، لاصطياد السفهاء والجهلة وأصحاب الشهوات، وضمهم لجماعاتهم وأحزابهم، وجعلهم يكرهون ويبغضون ولاة أمرهم، ومن ثم التفرق والاختلاف والنزاع، إننا في هذه البلاد، قد من الله -عز وجل- علينا، باجتماع كلمتنا، والتفافنا حول ولاة أمرنا، ليس خوفا أو جبنا منا، ولكنه امتثال لأمر ربنا، ومحبة بمن ولاه الله أمرنا، فحري بنا أن نحذر ممن حذرنا منه نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وأن نكون يدا واحدة، وصفا واحدا، أمام من يتسبب أو يريد أو يطمح إلى زعزعة أمننا، وتفريق شملنا، وهدم بناء وحدتنا.