11-08-2014

غزَّة الصامدة ببسالة والعيد

عداوة الصهاينة لأمتنا العربية واضحة كل الوضوح قبل إقامتهم كيانهم العنصري على أرض فلسطين، وبعد إقامتهم هذا الكيان وارتكابهم المجازر الفظيعة للفلسطينيين بسلسلة حلقات لم تتوقف، ومحاولتهم طمس هوية فلسطين سلسلة لم تتوقف أيضاً، فمن مجازرهم الفظيعة المرتكبة مجزرة دير ياسين،

والإشراف على تنفيذ مجزرة صبرا وشاتيلا، ومن محاولاتهم أيضاً طمس هوية فلسطين، إنساناً وأرضاً، واعتبارهم القدس بما فيها المسجد الأقصى بلدة يهودية، كذلك اعتبارهم مدينة الخليل بلدة يهودية تراثها يهودي.

وفي الأسابيع الأخيرة ارتكب الصهاينة عدواناً هو الأعنف على غزة وأهلها، وأوضحت وسائل الإعلام فظاعة ذلك العدوان، تقتيلاً وتدميراً. ومن الكتابات الجيدة والجميلة في هذا الموضوع مقالة للكاتبة المجيدة الأخت فوزية أبو خالد، نشرت في صحيفة الجزيرة يوم الثلاثاء الماضي بعنوان: (غزَّة حليف المستقبل الوحيد في هذه اللحظة). ومن تمام جمال هذه المقالة أنها تأتي في وقت تعالت فيه أصوات مضامينها أقرب إلى موقف أعداء أمَّتنا من الموقف العادل لهذه الأُمَّة، ولذلك أرى واجبي أن أشيد بكتابة الدكتورة فوزية والثناء عليها، وكل متابع لما تكتبه يجد أن كتابتها تفيض بمشاعر الإخلاص للوطن وللأُمَّة، وقد استهلت مقالتها الرائعة بأسئلة جميلة بينها:

هل يبيح الانحياز ضد فصيل من فصائل المقاومة تمجيد الاستسلام؟

هل يبيح العجز عن المقاومة إدانة المستعدِّين لدفع أثمانها من أرواحهم؟

هل يبيح الاختلاف على مواقف الحاضر تجهيل الأجيال بالتاريخ؟

هل يبيح الالتفاف النهائي على الربيع العربي التحالف مع الشيطان؟

هل كان العدو المحتل على مدى ستين عاماً يجرأ على توسيع حَيِّز جرائمه بإقامة مذابح متنقلة يحركها بين ملاعب أطفال فلسطين وبين مدارسهم وبين فراش نومهم لو أنه وجد من يكفُّ يده عن الولوغ في دم الطفولة أو يحاسبه على جرائم الحرب البواح التي يرتكبها أمام الكاميرات؟

ومما ذكرته الدكتورة فوزية في مقالتها أن مما استنتجته من قراءة تاريخ الاحتلال الصهيوني لفلسطين استمرارية الإرهاب الصهيوني والنمو المطرد للرعب مقابل استمرارية العجز في المواجهة والمضي في تعزيز العجز والدفاع عنه.

ومما ذكرته الدكتورة فوزية في مقالتها أيضاً، أن ندبات جرائم الحروب الإسرائيلية السابقة ووشمها المسموم على لحم الأحياء العرب ممن حملوا أو لم يحملوا أوزار حلم فلسطين الحرة تقول: إن إسرائيل لا تحتاج إلى ذريعة المقاومة لتقوم باقتراف جريمة الحرب في غزة اليوم.. وإن غزة تقدم لحمها المر وتنتصر بإرادتها وتكسب دمها.

وماذا عن العيد؟

في عام 2006م لم تكن أمور أمتنا على ما يرام بل كانت سيئة على أنها لم تبلغ ما بلغته من السوء هذا العام لا في فلسطين وحدها، بل في أقطار عربية متعددة، وحينذاك كتبت قصيدة بمناسبة العيد أوحت بها إليَّ قصيدة المتنبي التي مطلعها:

عيدٌ بأيَّة حال عدت يا عيدُ

بما مضى أم لأمر فيك تجديد؟

وقد اقتبست هذا البيت مطلعاً لقصيدتي فقلت:

عيدٌ بأيَّة حال عدت يا عيدُ

بما مضى أم لأمر فيك تجديدُ؟

هذا السؤال مليك الشعر سيِّده

ألقاه فالدهر إنشاد وتغريدُ

وكلُّ ما صيغ من مَعْسول قافية

صدى لما صاغه بَدْعاً وترديد

ومنها عنه:

لم يقبل الضَّيم إذ لاحت بوادره

من حاكم زفه للحكم إخشيد

واستأسدت في ثرى مصر ثعالبها

حتى اختفت من جَنَى الكَرْم العناقيد

ماذا تراه لو أن العمر مدَّ به

وحاضر العُرْب بالإذلال عِربيدُ

ماذا يقول؟ أيحلو صوت مذوده

وجه الحقيقة؟ هل تحلو الأناشيد؟

كلُّ المواطن مصر أمر حاكمها

يمليه أعوان صهيون المناكيدُ

غدت فلسطين أشلاء ممزَّقةً

وانتابها من يد الأوباش تهويدُ

والسادرون من الحكام ديدنُهم

في كلِّ نازلة شجب وتنديد

هاموا وراء سراب السِّلم زَادُهم

من عَمِّهم سام توجيه وتعميد

وطاعة السيد الجبَّار واجبة

لها بشرع سكارى الذل تأكيد

ومقتضى الطاعة العمياء مظهرها

من الأذلاء تسبيح وتحميد

باعوا المواطن كي تبقى مناصبُهم

يحيطها من رضا الأسياد تأييد

والمشفقون على دار السلام علتْ

وجوههم من مآسيها تجاعيد

جحافل الموت قد حلَّت بساحتها

وضيم في لابتيها أهلها الصِّيد

وملتقى الرافدين المستطاب غدا

فيه لأقدام محتلِّيه توطيد

أين المَفرُّ؟ وهل في الأفق من أمل

يُرجَى؟ وهل يعقب التمزيق توحيد؟

مستقبل ليس يدري كنهه فَطِنٌ

في رأيه عند طرْح الرأي تسديد

والعيد عاد ودامي الجرح يسأله

عيد بأية حال عدت يا عيد

مقالات أخرى للكاتب