12-08-2014

حقد الإرهاب؟

تتطور الأحداث في هذا العالم بسرعة مذهلة، فهذه أحداث إرهابية وتلك ثورات اجتماعية واقتصادية، وهذه اختراعات علمية جديدة ابتكرها الإنسان. والعالم لا يكاد يهدأ من أحداث وتطورات في إحدى المناطق، إلا وتظهر له أحداث مضادة أو مشابهة في مناطق أخرى. ولهذا أصبح طابع الحركة السريعة المتلاحقة هو الطابع الذي يسيطر على أحداث واقتصاديات العالم في هذا القرن. وهذه الأحداث والتطورات حتّمت على بني البشر التفكير في أحداث الساعة ومشاكلها بشكل بالغ التركيز.

لقد استأثرت ظاهرة الإرهاب خلال العقد الأخير من القرن الماضي وبدايات القرن الحالي باهتمام متزايد من لدن البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء، بل أصبح الإرهاب أحد أخطر مشكلات القرن الحالي، ومن أهم الظواهر التي تعاني منها المجتمعات الإنسانية في الوقت الحاضر، لما يعكسه من آثار سلبية في سبيل تقدم الأمم وازدهارها.

والإرهاب ظاهرة عالمية، ويعتبر مصدراً خطيراً على اقتصاديات الكثير من بلدان العالم؛ حيث إنَّ تدمير الاقتصاد والدخل الوطني جراء الهجمات الإرهابية سوف يضر باقتصاد الوطن كله.

وللأسف، فقد نما اقتصاد الإرهاب من خلال الأنشطة غير المشروعة مثل: تجارة الأسلحة وغسيل الأموال وتجارة المخدرات.

لقد أجريت عدة دراسات وأبحاث خُصِّصت لقياس تأثير الأعمال الإرهابية على اقتصاديات المجتمع وما زالت تواصل أعمالها البحثية. وقد خلصت إلى مجموعة من الأرقام والإحصاءات المهمة، منها على سبيل المثال:

1- تقدِّر لوريتا نابوليوني في كتابها عن الإرهاب، تقدِّر الاقتصاد الجديد للإرهاب في الوقت الراهن بنحو 5.1 تريليون دولار، سواء من خلال التحويلات القانونية أو غير المشروعة.

2- التقديرات الأولية في إحدى الدول العربية تشير إلى خسائر تتجاوز 15 مليون دولار على الأقل شهرياً، ومع كل يوم تزداد التقديرات والتوقعات بمزيد من الخسائر الاقتصادية. النقل والسياحة والنفط والصيد والبيئة وقطاعات أخرى أوجعها حقد الإرهاب والفاتورة يدفعها المواطن الذي تسعى الحكومة لتحسين أوضاعه.

يمكن القول - بصفة عامة - إنَّ الإرهاب عدو للتنمية ولا يجتمعان مطلقاً، ومن هنا، فإنَّ خطر الإرهاب المباشر يتمثل في ضرب الاقتصاد الوطني الذي هو شريان الحياة للمجتمعات، وعلى سبيل المثال: ضرب المطارات والموانئ أو ضرب السياحة ومنشآت النفط، ومن ثم تدمير المجتمع كله وإيقاف عجلة التنمية. كما يبرز أثر الإرهاب كذلك على القوى البشرية للدولة، إذ إن الوطن يخسر عدداً من أبنائه الذين هم سواعد البناء، وهذه خسارة فادحة في المرتكز التنموي الفاعل.

جاء في دراسة عن الآثار الاقتصادية للإرهاب أنَّ هناك آثارا على البطالة والتضخم والاستثمار والأسواق المالية وإفلاس الشركات وقطاع التأمين والقطاع السياحي وسعر الصرف وميزان المدفوعات.

ومن ذلك على سبيل المثال:

أ - صرف مبالغ كبيرة على حرب الإرهاب، كانت ستنفق على مشروعات التنمية البشرية والبنية الأساسية كإنشاء الطرق والمستشفيات والمدارس لخدمة المواطنين كافة.

ب - إحجام الشركات الكبرى والمتعددة الجنسيات عن إقامة مشروعات في المجتمع؛ خوفاً من الإرهاب والإرهابيين.

ختاماً يمكن القول إنَّ حوادث العنف والإرهاب تؤثر على اقتصاديات أيّ بلد، كما تستدعي صرف نفقات كبيرة جداً لتوفير وسائل آمنة لحماية المؤسسات الحيوية في المجتمع.

zrommany3@gmail.com

- المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

مقالات أخرى للكاتب