14-08-2014

إلزامية ساند..!!

جاء خبر تطبيق نظام «ساند» إلزامياً بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وهو قشة لأنه 2%، أما البعير فهو المواطنون أو بعضهم - إن صح التعبير- الذي جاء قدرهم أنهم يعملون في القطاع الخاص، وأن يكون جزء من دخل هذه الفئة العاملة يشارك في دفع ضريبة معونة البطالة، والمفارقة أنه ليس من وظائف المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أن تفرض على منسوبيها ضريبة إلزامية للمشاركة في أزمة البطالة في الدولة.

فإذا كانت ضريبة، فالأولى أن تكون من خلال الحكومة، وعلى الجميع بدون استثناء، وإن لم تكن كذلك، فالأصح أن تكون اختيارية، على أن يستفيد منها المشارك، و لكن أن يُطلق عليها اسم خيري على وزن إفعل، ثم تُطبق على الفئة العاملة في القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية إلزامياً، فذلك أمر يخالف النظام العام، لأن الأمور الخيرية لا تُفرض إلزاماً، ولأنه أيضاً ليس من حق المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أن تفرض ضريبة على أعضائها، وليس من حق مجلس الشورى أن يفرض ضريبة على فئة عاملة محددة من المجتمع لتوفير دخل لمعونة البطالة.

تم تأسيس المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للقيام بمهام محددة للعاملين والمشاركين في تسديد الرسوم، وتقدر الرسوم على دخل المواطن الذي يعمل في القطاع الخاص والمؤسسات والشركات الحكومية بـ18%، يدفع منها المواطن من راتبه 9%، وتدفع المؤسسة 9%، وبإضافة 2% تصل الرسوم أو الضريبة إلى 20%، وفي تقرير نشره موقع (السي أن أن) في 4 مايو 2014، عن أعلى 12 دولة في العالم في ضريبة دخل الفرد، تأتي بلجيكا 42% المرتبة الأولى، وفي المرتبة الثانية عشرة المكسيك 5.9%.

بينما تقتص التأمينات الاجتماعية في السعودية 9% من راتب الفرد العامل، مع وجود فارق في الخدمات بينها وبين التي تُقدم في تلك الدول، حيث تقتصر الخدمات التي تقدمها المؤسسة العامة للعاملين على التقاعد سواء لعامل سن التقاعد أو لأسباب الإعاقه، ومع قصور تلك الخدمات هل نحتاج إلى زيادة دخل الفرد العامل في القطاع الخاص إلى10%، وإلى تحميله مهام أخرى، ليست من مهام المؤسسة، إذ لم يكن ضمن تلك المهام أن تقدم معونة للبطالة لغير العاملين، والذين قد يخرجون من عضويتها للالتحاق بقطاع آخر مثل الدوائر الحكومية أو القطاعات العسكرية أو غيرهما، بينما كان العاملون ينتظرون خدمات أخرى نظير ما يقدمونه من رسوم مرتفعة نسبياً عند مقارنتها ببقية العالم.

بالنسبة لي تدخل « ساند « في تعريف الضريبة لأنها إلزامية وتدفع لمهمة أخرى، لذلك دعونا نتكلم عن الضريبة، و هي مبلغ مالي عادة تتقاضاه الدولة من الأشخاص والمؤسسات بهدف تمويل نفقات الدولة، أي بهدف تمويل كل القطاعات التي تصرف عليها الدولة كالتعليم متمثلا في المدارس والوزارات ورواتب عمالها وصولا إلى الخدمات، ومنها تأمين معونة البطالة،كما يكون لها دور في السياسات الاقتصادية كدعم سلع وقطاعات معينة أو الصرف على البنية التحتية كبناء الطرقات والسدود.

يتم تطبيق نظام الضرائب في الدول التي تقوم على دخل دافعي الضرائب، و يتم تحديد قيمة الضريبة بقوانين يتم المصادقة عليها من ممثلين معتمدين من دافعي الضرائب، وعادة ما تعهد وظيفة جمع الضرائب وتوزيعها على القطاعات المختلفة إلى وزارة المالية بعد تحديد الميزانيات، و تنص الكثير من القوانين في عديد من البلدان على أن الضريبة مبلغ مالي تطلبه الدولة من الذين يتحقق فيهم شرط دفع الضريبة، وعادة تشمل كل الطبقات العاملة سواء كانت أجنبية أو محلية.

كما أن الضرائب لا تُفرض فقط على دخل الفرد، ولكن يدخل فيها ضرائب على الأرباح، والتي منها بيع العقارات والسلع وأرباح المؤسسات، ولو تم تطبيقها عندنا لدخل فيها أولئك الذين يعملون في مؤسسات وهمية، وتدر عليهم الملايين من دخل العمالة الأجنبية بسبب الإتاوة التي يدفعها العامل لصاحب المؤسسة، كما وجب أن يشارك فيها أيا كان له دخل مالي سواء من الدولة أو غيرها.

كان توقيت وتوظيف نظام ساند خاطئاً تماماً، ولأسباب يأتي في مقدمتها عدم نظاميته وتطبيقه في ظروف غير مهيأة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وثانياً أنه جاء في عصر طفرة مادية غير معهودة في الدولة، وثالثاً أنه طُبق على فئة خاصة، وستكون آثاره في غاية السلبية إذا تم الإصرار عليه، ورابعاً سيكون في مضمونه دعوة مبطنة للبطالة، والعيش على أكتاف الذين يعملون، وسيكون ذلك مدخلاً لزيادة نسبة العاطلين عن العمل، والسبب أن هناك من يفضل الحصول على نصف راتب من دخل الذين يعملون.

الخلاصة في الموضوع في نظام الضرائب أنه لا يحق لأي كيان غير الدولة أن يفرض ضريبة على المواطنين، و المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مهمتها تقديم خدمات للمشاركين فيها، و ليس من مهامها أن تفرض ضرائب لفرض معونة بطالة لمن تركوا أعمالهم أو فُصلوا منها، وإذا كان الجواب أنها ليست ضريبة، وأنها مشاركة في تأمين الذين تم فصلهم، فعليه يجب أن تكون غير إلزامية، وأن تكون بمثابة النادي الاجتماعي في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وأن يستفيد منها المشاركون فقط في عضوية النادي.

مقالات أخرى للكاتب