14-08-2014

من يسند ساند؟

بعض القرارات التي تصدر من بعض الجهات الحكومية تحتاج إلى من يقوم بعمل استبيان عن مدى قبول الناس بتلك القرارات فيما لو تم طرحها، وذلك قبل إصدارها بشكل رسمي، إذ إن تلك القرارات تحتاج إلى تمهيد وشرح وتفنيد قبل إصدارها ليفهم الناس حقيقتها ويتفاعلوا معها ويتقبلوها، خصوصا إن كانت تلك القرارات إلزامية وتمس الجوانب المادية لدى عامة الناس،

إضافة إلى أن تلك القرارات تخص فئة دون أخرى من المجتمع وهم الموظفون السعوديون الذين يعملون في القطاع الخاص ومشتركون في التأمينات الاجتماعية.

الكثير من هؤلاء الموظفين ينتظر نهاية الشهر بفارق الصبر، فما أن ترى صفوف السيارات على آلات الصرف النقدي في الطرقات إلا وتتذكر أن السبب في هذه الزحمة هو صرف الرواتب، فالبعض لا يكاد يمضي منتصف الشهر إلا وتجده في حالة حرجة بسبب قرب انتهاء الراتب إن لم يلجأ للدين، وما أن يصل هذا الراتب العزيز إلا وتجد الكثير من المستقبلين في انتظاره إضافة إلى صاحبه فأقساط السيارة وفواتير الهاتف ومخالفات ساهر وغيرها من الالتزامات الأخرى الشهرية، ولذلك تجد أن صاحب الراتب يحرص على أن يتأكد من صرف كل ريال موجود في راتبه في موضعه ووفقا لالتزامات المعدة مسبقاً ووجود أي خصم أو نقص في الراتب مهما كان حجمه سيساهم في إحداث خلل في ميزانية صاحب الراتب، فضلاً عن تأثره النفسي بهذا الخصم، خصوصاً إن كان بدون موافقته وبشكل إلزامي.

نظام ساند هو نظام تأميني يهدف إلى حماية العامل أثناء فترة تعطله عن العمل لأسباب خارجة عن إرادته ويقضي بدفع 2 في المائة من أجر الموظف الشهري المشترك في التأمينات الاجتماعية بشكل إجباري على أن يتحمل 1 في المائة صاحب العمل و1 في المائة الموظف وهو نظام يقدم إعانة مالية بمعدل لا يقل عن 2000 ريال ولا يتجاوز 9000 ريال خلال الفترة الانتقالية الواقعة بين ترك الوظيفة السابقة والحصول على وظيفة جديدة وفق الضوابط المنظمة لذلك، كما سيتم خلال تلك الفترة تأهيلهم وتدريبهم والبحث لهم عن فرصة تدريبية.

تم إصدار قرار بتطبيق هذا النظام الذي له الكثير من الفوائد والمميزات وهو نظام معمول به عالميا ويقدم بالتعاون مع منظمة العمل الدولية غير أن تقديم النظام لمجتمعنا كان يجب أن يكون بطريقة أفضل مما كانت عليه، خصوصا أن النظام مرتبط بالراتب الشهري للموظف، وهذا يعني الشيء الكثير بالنسبة للموظفين على الرغم من أن أساس النظام في مصلحة هؤلاء إلا أن أسلوب تقديمه لهم كان من الممكن أن يكون بطريقة أفضل مما كانت عليه سواء من خلال التأمينات الاجتماعية أو وزارة العمل. وقد ساهم هذا الطرح في عرض الكثير من الانتقادات للنظام ساهمت في عزم البعض من الموظفين على التوجه لديوان المظالم للطعن فيه بحجة الاستقطاع من الراتب بدون وجه حق، والبعض أكد ضرورة أخذ الموافقة الشرعية عليه نظراً لأن الاستقطاع بدون موافقة فيه خلاف شرعي والبعض كان ينتظر الزيادة لراتبه فإذا به يفاجأ بالخصم منه وما أثر هذا الخصم في المقارنة الدائمة التي تحدث بين تكلفة الموظف السعودي والموظف الوافد وكثر الحديث حول هذا الأمر حتى شعرنا بأن نظام ساند يحتاج إلى مساندة.

فيما يتعلق بالناحية الشرعية فأنا على ثقة أن التأمينات الاجتماعية لم يفوتها التأكد من الناحية الشرعية لمثل هذا القرار، وفيما يتعلق بمبدأ طرح مثل هذا القرار فهو قرار نبيل يجسد روح التكافل والتعاون للوقوف مع من يفقد عمله لفترة مؤقتة ولظروف خارجه عن إرادته ويساهم في توفير مصدر دخل له غير أن الراتب الشهري يبقى حقا شرعيا للموظف لا يمكن المساس به دون إذن الموظف وإن اقتضت المصلحة العامة القيام بهذا الأمر بهدف توفير دخل آمن للموظف عند حدوث أزمة تفقده لعمله فيمكن طرح الأمر بشكل اختياري وليس إلزاميا كما صدر.

مقالات أخرى للكاتب