الشخص الأوحد

شهد العسكر

يقول الله جل في علاه إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لاَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ، (الإسراء، 7)، من هذه الآية الربانية الكريمة تنبثق قيمة من القيم العليا التي هي أساس نجاح الأفراد والمجتمعات وصلاحها، هي قيمة لا يمكن أن تكون فعالة بالشكل المطلوب إلا إذا غابت فكرة الشخص الأوحد التي إما يظن الشخص فيها أنه قادر على أداء المهام جميعها دون أن يكون مع الجماعة، ففكرة القائد لديه خاطئة في كونه يريد أن يكون كل شيء، متصدرا أمام الملأ ويتولى زمام الأمور في كل وقت وكل حين وغاب عن ذهنه أنه لن يتقدم ولن يصلح ما لم يعمل في منظومة جماعية متكاملة تسعى جميعها إلى أن تقدم الرقي للأمة والتطور في الجوانب الحياتيه والأخروية كافة، أو أن المجتمع يظن أنه لا بد أن نشير بإصبع الاتهام إلى شخص واحد دون غيره وكأن الخطأ الذي ارتكب منه وحده دون أن ينظروا إلى المسببات الأخرى ودون أن يعاتبوا أنفسهم في كونهم جزءا من هذا الخطأ الصغير أو الفادح. فعلى سبيل المثال عندما تعتب على أمانة مدينة الرياض أو على العمال الذين يعملون تحت أشعة الشمس الحارقة في أنهم مقصرين في تقديم الخدمات ونسي أو تناسي أن من يشير بإصبع الاتهام إلى تلك المنظومة أن الخطأ أو التقصير يشمله كفرد يعمل ضمن هذه المجموعة المتكاملة، أو عندما تعتب على عدم محاسبة المتسولين الذين يجوبون شوارعنا ليلا نهارا وخاصة في شهر رمضان المبارك ونسيت أو تناسيت أن الكثير منا ساهم ولو بشكل غير مقصود في زيادة عدد المتسولين في كل عام من إعطائنا لهم أي مبلغ حتى ولو كان لا يتعدى العشرة ريالات فهناك جهات مختصة تستقبل التبرعات الخيرية من المواطنين والمقيمين وهذا يحافظ -بعد الله- على أمن الدولة وقس أخي الكريم وأختي الكريمة على الكثير من الأمثلة في المجالات كافة التي نشير فيها بإصبع الاتهام إلى شخص واحد.

فمن خلال هذه المشكلة التي يقوم عليها مجتمع بأكمله علينا أن نزيد من درجة الوعي في المقام الأول ونوضح الصورة بشكل جلي للفرد الذي هو جزء من المجتمع من خلال وسائل الإعلام المقروءة، المكتوبة والمرئية، والتربية الوالدية ثم من خلال تفعيلها على أرض الواقع بشكل عملي من خلال الأعمال التطوعية التي يقوم بها شرائح المجتمع كافة وعلى اختلاف فئاتهم وأعمارهم في الجوانب كافة التي يعيشها هذا الفرد مع المجتمع فهو عنصر فعال لا بد أن يكون له الدور الحقيقي لبناء لبنات هذا المجتمع بالشكل الصحيح، فمن خلال تلك الحلول المقدمة وغيرها سوف نغيِب عن المجتمع فكرة الشخص الأوحد لنستبدلها بالمسئولية الجماعية التي تقع على عاتق كل فرد يعيش على أرض وطنه التي سوف تنتقل بشكل تلقائي عند سفره لأي دولة أخرى فهو غيَر الفكر الخاطئ إلى فكر صحيح ولم يكتف بالاحتفاظ بها دون تطبيق بل قام بتطبيقها ليجد مستوى الثقة في نفسه بدأ يزداد فهو مسئول عن مجتمع قبل أن يكون مسئولا عن نفسه فقط.