24-08-2014

أسئلة (مُحيِّرَة).. وأجوبة (مُزَيِّرَة)..؟!!

* الحقيقة، إن المرء ليحار في تفسير ما يجري حوله في المنطقة العربية اليوم. مظاهر التظاهر؛ والعنف والفوضى التي تسود الساحة العربية في أقطار عدة منها، وما نتج عنها من قتل وتخريب وتخويف وذعر، وإذا افترضنا أن لها أسبابها في بداياتها؛ فهل أدت إلى مآلات ونتائج أفضل مما كان قبلها..؟

* والأدهى والأمر من هذا كله، بروز جماعات وتنظيمات تحمل الأسلحة وتقتل بدون أسباب واضحة. كيف نشأت..؟ ومن نظمها ودربها وجاء بها إلى مسرح الحوادث في عالم عربي لا يحتاج إلى مزيد من الفوضى والعنف..؟

* عمدت إلى طرح جملة من (الأسئلة المحيِّرة)؛ التي تعج بها ساحات الحوار اليوم على أكثر من صعيد تواصلي، على أمل أن أصل مع المتحاورين إلى رؤية مشتركة انطلاقاً منها، فما أن طرحت الفكرة على حسابي في (الفيس بوك) و (التويتر)، حتى شارك (shared) الفكرة (1100 مشارك) من الأقطار العربية كافة، وبلغت التعليقات والمشاهدات عليه مئات الآلاف، ما يعني أن الحيرة هي العامل المشترك بين العربي والعربي، في زمن النكسة التي تعم العرب من الماء إلى الماء.

* ما الذي يمكن أن يدور في ذهني وذهنك من أسئلة محيّرة وتبحث لها عن إجابات..؟

«إليكم بعض الأمثلة فقط:

* فلسطين في الضفة والقطاع؛ هي دولة عربية مسلمة، تقاوم يهودياً كافراً وظالماً، لماذا لم يصلها واحد من المجاهدين المهاجرين لنصرتها عبر الأنفاق المخصصة لتهريب الإرهابيين والأسلحة والمخدرات وأرزاق الشعب المصري، أو الدخول عن طريق (القروبات) السياحية، أو عن طريق لبنان؟ مثلما استطاع الجهادي المهاجر من أوروبا وأمريكا والشيشان وأفريقيا وآسيا وغيرها؛ أن يصل ويلتحق بالتكفيريين والمفجرين والقتلة في سوريا وليبيا والعراق.. لماذا لم يصل هذا وأمثاله إلى غزة ليجاهد مع حماس؟!!

* لماذا لا تعتبر قناة الجزيرة ودعاة الربيع العربي ما يحصل في غزة من الربيع العربي؛ ويعلنون النفير؛ كما فعلوا مع سوريا وليبيا ومصر..؟!

* لماذا لم تفجر القاعدة أو داعش أو النصرة في إيران.

* لماذا لا تناصر القاعدة أهل السنة في اليمن، وفي دماج، وهي موجودة بكثافة هناك، فتقاتل معهم ضد الحوثيين، وهي التي توجه حربها ضد الحكومة والشعب اليمني، وتنطلق من هناك في محاولات لاختراق الحدود مع المملكة العربية السعودية..؟!

* لماذا كل الذين يدّعون الجهاد ويدعون له؛ يتهجمون على المملكة العربية السعودية بالذات، رغم أنها الدولة الوحيدة التي تطبق الشريعة الإسلامية، والذي قال فيها ابن باز رحمه الله: (العداء لهذه الدولة عداء للدين.. عداء للتوحيد)، ولا يتهجمون مثلاً على إيران..؟

* لماذا تقف المملكة العربية السعودية -دائماً- سياسياً ومالياً وإعلامياً واجتماعياً مع أهل غزة؛ ويتنكر الحماسيون لكل هذا، بل يتطاولون على المملكة وحكومتها وشعبها..؟!

* لماذا يساعد دعاة الربيع العربي أمريكا في تحقيق أهدافها بتقسيم الدول العربية؛ عبر (سايكس بيكو) جديد، للخروج على الحكام عن طريق المظاهرات، ثم ينعدم الأمن، وتبدأ المطالبة بتقسيم الدولة، مثلما يحدث في سوريا وليبيا والعراق، هل يصدق عاقل؛ أن هؤلاء الكذبة من الدعاة المتلبسين بالدين؛ ليسوا عملاء لأمريكا..؟!

* لماذا لم تتضمن خطبة البغدادي زعيم (دولة الخرافة الإسلامية.. داعش)؛ أي ذكر لإسرائيل أو إيران.. أو حتى أميركا (الشيطان الأكبر)..؟!

* من صاحب المصلحة في إضعاف وإتلاف أكبر الجيوش العربية؛ فبدأ بسوريا والعراق؛ فلما تحقق له ذلك؛ جاء دوره لإضعاف وإنهاك أكبر جيشين عربيين بقيا: الجيش المصري، والجيش السعودي..؟!

* إلى متى يستمر استغفال المواطن العربي واستلابه باسم الدين الإسلامي، وجره خلف أحلام (الأممية)، و(الخلافة الإسلامية)..؟!

«إلى أي مدى تذهب التنظيمات الإرهابية المدمرة في المنطقة؛ التي تنضوي تحت عباءات إخوانية وقاعدية وداعشية وخلافها، وهي تقتل الناس، وتخرب المدن، وتفتت الكيانات العربية بكل غباء وتوحش..؟!

* من المستفيد من تقديم الدين الإسلامي بهذه الصورة الوحشية الظلامية البشعة، التي هي ذبح ونحر وتفجير وتكفير؛ وخروج على طبيعة الحياة والمكتسبات الحضارية الإنسانية، التي شارك فيها الإسلام بفاعلية منذ عدة قرون..؟!

* إذا كانت هذه الأسئلة -ومثلها كثير- محيرة، فإن ما يطرح من إجابات عنها ليست محيرة فقط، وإنما هي (مُزَيِّرَة)، حادة وبالغة القسوة والشدة، وتبعث على الغضب من العقلية التي تفسر ما يجري بسطحية متناهية، ومن طريقة تفكيرنا التي رسمتها عقود من التخلف الفكري، بعد الارتهان للنقل وتغييب العقل، وبعد أن استسلم المفكر والسياسي والمثقف، لوصاية دينية متخلفة ومتعجرفة؛ قادتنا إلى ما نحن فيه اليوم.

alsalmih@ymail.com

assahm@maktoob.com

مقالات أخرى للكاتب