25-08-2014

حواء الخالدة!

لعبة حماس (اختاري من 1-40 تحليل شخصيتك شرط أن يكون الرقم هو عمركِ الحقيقي، يعني عمرك مثلاً 30 تختارين30)

هذا نص رسالة واتس ارسالتها إحدى الصديقات ضمن مجموعة نسائية، لكشف أعمار العضوات فيه!

قديمًا قالوا: إن السر الوحيد الذي تستطيع المرأة الاحتفاظ به هو عمرها! والغريب أن إخفاء حواء لسنها الحقيقية ظاهرة قديمة، وربما لهذا السبب الوجيه لجأت السيدات إلى ما يحفظ شبابهن، ولهذا السبب أيضاً اخترعت المساحيق، التي تطورت فيما بعد إلى (ماكياج) تخفي به المرأة آثار الزمن،ثم كان من حسن حظ حواء أن تطور الماكياج نفسه مع الزمن،فأصبحت هناك مراكز تجميل وعمليات لشد الوجه وإزالة التجاعيد، وفي (غضون) ساعات تزيل المرأة (غضون) الزمن!، ومن المعروف أن حواء تضيف سنة إلى عمرها كل عام حتى تبلغ الخامسة والعشرين،ومن ثم تبدأ كل عام بإنقاص سنة من عمرها، وربما (تتكرم) على الزمن فيتوقف نموها عند الثلاثين على أقصى تقدير.

الحديث عن عمر المرأة يثير جدلاً، لأن معظم النساء يخفين ذلك، ونادراً ما تجد امرأة تواجه الآخرين بعمرها الحقيقي، الأسباب تختلف من واحدة إلى أخرى لكن جلها تدور حول فلك الإحساس بالجمال والأنوثة.

اعتقد أن هناك أسباباً وراء إخفاء المرأة لسنها أهمها الصورة التي رسمتها الثقافات عن المرأة،وهي صورة المرأة المرتبطة بالخصوبة والمرأة الشابة وما يسمونه (حواء الخالدة)!

إن إخفاء المرأة لعمرها محاولة لتجميل الذات، وهو ناتج عن عقدة نقص تعاني منها معظم النساء في المجتمعات العربية، وتتمحور حول الدور الذي تلعبه المرأة، أو الذي يجب أن تلعبه في حياتها مما يجعلها تشعر دائما بالضعف، فتحاول عبر شكلها الخارجي والحفاظ عليه تعويض جانب القوة الذي تفتقده، وقمة عطاء المرأة من حيث الحمل والإنجاب تنحصر بين «20 و45 سنة».

وعند تخطي هذه المرحلة أو الاقتراب من تجاوزها نجد أن اهتمام المرأة يتجه بالكامل نحو مظهرها وكيفية الحفاظ عليه لتظل شابة، أو على الأقل لتبدو كذلك مما قد يوحي باستمرارية العطاء حسب اعتقاد المجتمع واعتقادها.

الغريب أن هذا السلوك مرتبط بالمجتمعات العربية، فالمرأة في المجتمعات الغربية تعترف بعمرها بكل بساطة، على الرغم من أن مظهرها في كثير من الأحيان قد لا يدل على حقيقة عمرها.

والفرق في ذلك إلى اختلاف نظرة المجتمع الشرقي إلى المرأة مقارنة بنظرته إلى الرجل، فالرجال في مجتمعنا كلما تقدم في العمر أصبح أكثر نضجًا ووقارًا، بينما يكون الوضع غاية في البؤس بالنسبة إلى المرأة، لأن دورها في الحياة من وجهة نظر المجتمع يتركز في الزواج والإنجاب، وهما مرتبطان بالشباب، فما أن تتقدم المرأة في السن حتى يفقد المجتمع اهتمامه بها، وهذا من أهم الأسباب التي تدفعها إلى التكتم بشأن عمرها.

الثقة بالنفس هي سر الجمال والجاذبية فعلى المرأة أن تتمسك بها، فعندما تثق المرأة بجمالها وشخصيتها فلا تراها تخفي عمرها بل على العكس تجدها تفتخر به، وكذلك بعض الرجال اذا فقدوا ثقتهم بنفسهم تراهم يلجأون إلى إخفاء عمرهم ليجذبوا المرأة بشبابهم المرأة (الجنس الناعم) تتميز بأنوثتها تخفي عمرها لتحافظ على شبابها، وعليها هنا أن تدرك أن شبابها لن يتجدد بإخفاء عمرها بل على العكس ذلك سيحط من احترامها فيسخر الناس منها وخصوصاً ممن يعرف سنها الحقيقي.

wafa-n-alajami@hotmail.com

المحاضرة بقسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بمدينة الملك عبدالله للطالبات والمستشارة الأسرية

مقالات أخرى للكاتب