26-08-2014

التجنيس في اللغات

حصان. هاتف. زيد.

ما الرابط بين هذه الأشياء؟ فكر قليلاً.

هل عرفت؟ دعني أعطيك اختباراً آخر: فَرَس. منضدة. عبير. بين هذه الكلمات عامل مشترك، ما هو؟

إذا لم تصل للإجابة فإليكها: الرابط بين الكلمات الثلاث الأولى أنها مذكرة، والكلمات الثلاث التي بعدها مؤنثة.

أتى خبر شيّق في صحيفة نيويورك تايمز عن اللغة. اللغة الإنجليزية لا تحدد الجنس للكثير من الأشياء، كالجمادات والحيوانات وحتى البشر أحياناً، فمثلاً كلمة باب door وسيارة car لا تُنبئان السامع عن جنسِ هذا الشيء، بينما في الكثير من اللغات الأخرى نعرف جنس هذه الكلمات، وفي العربية الباب مُذكَّر والسيارة مؤنثة، فنقول: انكسر الباب، ومشت السيارة.

ولا يقتصر تجنيس الأسماء على العربية بل الكثير من اللغات الأخرى حتى الأوروبية مثل الألمانية والإسبانية والروسية تُجنّس الحيوانات والجمادات، ولهذا شذّت الإنجليزية هنا، فتجعل هذه الأشياء مبهمة الجنس، وهذا ما يغير طريقة تفكير المرء عن الشيء المذكور، فمثلاً أُعطي البعض قائمة بكلمات مختلفة وطُلِب منهم أن يكتبوا عنها بعض الصفات التي ترتبط بها، وهنا ظهر الفرق بين اللغات التي تجنس الكلمات والتي لا تجنسها، فلما سُئِل أهل اللغة الإسبانية عن كلمات مثل جسر وساعة وكمان - وهي مُذكّرة الجنس في لغتهم - قالوا إنها ترتبط عندهم بصفات رجولية مثل القوة، بينما قال الألمان -الذين يؤنّثون تلك الكلمات- إن تلك الأشياء ترتبط بصفات مثل الرقة والأناقة، وفي كلمات أخرى مثل جبل وكرسي انعكست الصفات عند كلا الفريقين لأن جنس تلك الكلمات انعكس أيضاً في لغاتهم، وهذا طبعاً في سياق لم يعرفوا فيه عن نوايا الباحثين وأنهم يريدون معرفة رأيهم في كلمات مؤنثة أو مذكرة، وإنما تلك كانت إجاباتهم بالبديهة.

تجربة أخرى أظهرت نفس الأمر، فقد جلس أصحاب لغاتٍ مختلفة يشاهدون بعض الرسوم المتحركة، ولما ظهرت إحدى الشخصيات فيها وهي شوكة طعام وأوشكت أن تتكلم انقسم المشاهدون لفريقين، فأما من يتكلمون الفرنسية فرغبوا أن تتكلم الشوكة بصوت امرأة لأن الشوكة مؤنثة الجنس في اللغة الفرنسية (la fourchette)، بينما تمنى الإسبان أن تنطق الشوكة بصوتٍ رجولي غليظ لأنها مذكرة الجنس في لغتهم (el tenedor).

إنها ملاحظات شيقة. طبعاً عند الاستشهاد بهذه الدراسات والتجارب فيجب أن نعلم أنها لا تنطبق فقط على من جُرِّبَت عليه بل على أي شخص، فهذه عينات عشوائية والبشر يتشابهون في الصفات والطباع التي تُدرَس، فتنطبق النتيجة على أغلبية الناس.

i.alammar.11@gmail.com

Twitter: @i_alammar

مقالات أخرى للكاتب