هل الصحف بحاجة إلى تقليل أوراقها

د. موسى أحمد بهكلي

تعتبر الصحيفة أحد مصادر القراءة المرغوبة فهي لطيفة يمكن أن تقرأها وأنت على الفراش ويمكن أن يطويها لك الفندق أسفل الباب ويمكن أن تتركها في صالة الضيوف ولكن بالنظر إلى صفحات الجريدة نجد أنها تحتوي على معلومات قد لا يحتاجها القارئ حتى لو أراد تثقيف نفسه وقراءة الجريدة كاملة يوميا قد يأخذ وقتا كبيرا، خذ مثلا صحيفة عدد صفحاتها 33 واستغرق في كل صفحة 7دقائق فهذا يعني أنه يحتاج إلى 231دقيقة أي قرابة الأربع ساعات، فهل يمكن لشخص عادي أن يمكث هذا الوقت في قراءة الجريدة وهل قراءتها هو الشي الوحيد الذي يقوم به في اليوم؟! وينبغي أن يحرص عليه!، نعم إن قراءة الجريدة تحسن من المستوى اللغوي للقارئ وتضيف له، لكن أليس المحتوى المقدم له في الصحيفة كبيراً.!

إذا تناولنا عدداً عشوائياً من إحدى الصحف وقمنا بتحليل محتوياته فنجد فيه موضوعات سياسية صفحتان يمكن أن تقلل إلى صفحة واحدة، 7صفحات محليات يمكن أن تقلل إلى 4صفحات، 8صفحات اقتصادية يمكن أن تقلل إلى 4صفحات، 5صفحات رياضة يمكن أن تقلل إلى واحدة، 3صفحات متنوعة يمكن أن تقلل إلى 2 وبذا فإنك يمكن أن تختزل الصحيفة إلى النصف مع تقديمك خدمة صحفية احترافية، فالمتلقي يصعب عليه أن يذهب فقط للصفحة التي تحوي اهتماماته فقط ولا يعرج لأي عنوان قد يجذب انتباه أو إعلان يلفت نظره، وفي نفس الوقت قد لا يكون لديه الوقت الكافي لقراءة الجريدة بالكامل وقد يحس أنه ما كان ينبغي له أن يشتريها مادام لا يستطيع قراءة أغلبها، كما أن الإعلانات قد تكون آخر اهتماماته،، وبعض الأخبار إذا لم تنشر قد لا تؤدي إلى فرق كبير.

إن الانتقاء والترتيب فن ينبغي لكل محرر إجادته فخبر ينشر في الجريدة المماثلة ليس بالضرورة أن تنشره أنت. أرى أن الجريدة يجب أن تراعي ظروف القارئ وأن تقدم له معلومات معقولة وحجمها مناسب لوقته وإلا ما الفائدة من كتابة الكثير من المقالات لا تقرأ، إننا يجب أن نضع أنفسنا محل متصفح الجريدة، فهو كأي إنسان لديه التزامات يومية بدءاً من العمل والمشاوير البيتية والمناسبات الاجتماعية والواجبات الدينية، ولا تنسى أن القراءة عملية ذهنية تستلزم جوانب عديدة لما هو مكتوب، كما أنه يلاحظ على أغلب المقالات الإطالة والإطالة تجعل القارئ يفتر عن إكمال المقال، هذا إذا بدأ بقراءته!، كما أن الإطالة تسمح للكاتب أن يكتب ما يشاء بدون أن يبذل جهداً أكثر للموازنة والإتقان والتدقيق فهو يكتب وقد ينشر له لأي سبب ولكن المقال الحالي الذي يقرأ للكاتب، فيه إسهاب يمكن إيجازه وفيه تكرار لا يضيف شيئا مع أن خير الكلام ما قل ودل، كما أن الإيجاز مهارة تصقل بالتمرين، إذا مرن الكاتب نفسه عليها، وليعلم الكاتب أنه لا يكتب لنفسه وإنما يكتب للآخرين، خطب الحجاج فأطال الخطبة فقام له أحد الإعراب فقال: خطبت فأطلت الوقت لا ينتظرك والرب لا يعذرك.