04-09-2014

دبابير الشر الموتورة!

دبابير الشر الموتورة بدأت بالنمو والتكاثر والانتشار، صار لها أزياء ونياشين وأوسمة، صاروا سلاطين، لهم فقهاء ووعاظ وإعلام وجيوش عابثة، جاءونا من فضلات الزمن المتردي، بنوايا مميتة، وحقد دفين، لوأدنا ودفننا أحياء في كثبان الرمل الواسعة، يخططون على هواهم، ويحشدون على هواهم، ويحرضون......

على هواهم في السر والعلن، يقمعون على هواهم، ويتهمون على هواهم كل من يخالفهم بالكفر والإلحاد والخبث والزندقة، يحاولون أن يستبيحوا كوكب الأرض والعرض، استعانوا بكل خبير ومخبر وعميل ومدسوس، سواء كان مكشوف الرأس، أو يضع على رأسه عمامة، أو ملتحيا، أو حليقا، أو تستهويه سهرات الليل، أو تجتذبه مراقص الليل، وأوكار المجون، أو من أصحاب السوابق والرذائل، لقد جاءونا بأعمال يؤطرها الشر منافية لتعاليم الدين الحنيف والحياة القويمة، ظهروا علينا كالغربان، وخفافيش الليل، وضباع الغابة، وتماسيح البحيرات الآسنة، ناصروا كل عدو لنا، وأيدوا صولاته وجولاته، وساروا خلف فلوله، ومارسوا الموبقة والرذيلة باسم الدين، وعلى الرغم من ارتباط هؤلاء الدبابير الشريرة بالحركات والمنظمات المشبوهة، إلا أنهم أوجدوا لهم قاعدة عريضة من الأنصار والمؤيدين، من دون أن يعرف هؤلاء الأنصار والمؤيدون والملتحقون حقيقة من التحقوا به، وإنهم وقعوا رسمياً مع الأعداء معاهدة التعاون المشترك والتفريط بديارهم العربية، تخريبها حرقها والعبث فيها، لقد جندوا لتنظيمهم هذا كماً هائلاً من المشايخ والفقهاء والخطباء والمنظرين، وسط كم كبير من إغراءات المال والمزايا والعطايا، لإشعال البراكين الطائفية والمذهبية والعرقية حقداً وبغضاً وكراهية، لقد أنتج لنا فقههم الضال فتاوى التحريف والتخريف والزيف والخداع، وبرعت مكائنهم الإعلامية في التصنيف الداعر والعاهر والتحريض وقلب الحقائق، الذي يصب في مصلحة القوى الدولية المستفيدة من تناحرنا وتنافرنا واقتتالنا، لقد اشتركوا مع هذه الدول ومع بقية المنظمات والأحزاب والمجاميع بكل أطيافها المصطبغة بألوان بغضنا وكراهيتنا في هذه المؤامرة النتنة الكريهة، لقد ظهروا علينا كفرق راديكالية تحاول أن تمزق بأعمالها القاصرة والدونية السقيمة الإسلام شر ممزق، حتى أصبح المسلمون هم الضحية الأولى لهذا التمزيق المتعمد، وحتى أصبحت رؤوس المسلمين هي الرؤوس التي تجز أولاً وتعلق على أسلاك الكهرباء أو ترمى أمام أبواب البيوت، ردعاً وتخويفاً، قصداً وعنوة، متوافقين بذلك مع تطلعات وأجندات الأعداء الصغار منهم والكبار.

وهكذا نشروا الفتن الطائفية في شرق الأرض العربية وغربها، واشتركوا في صنع الكوارث مع معظم الكيانات العدائية، لقد اتضحت أبعاد أدوارهم الخطيرة التي أجادوا لعبها بحرفية تامة، بعد أن أعلنوا التمرد على قواعد الدين والإنسانية والأخلاق والمبادئ والعرف، ووضعوا أنفسهم في خدمة مخططات الأعداء الكثر، وتحولوا إلى أدوات بيد القوى الاستعمارية الاستعلائية الغاشمة، بل أصبحوا أكثر صلافة ووقاحة من هذه الدول التي أنشأتهم وأوجدتهم وبثت الحياة في أجسادهم الخاوية، وتطلعاتهم وأفكارهم السقيمة، لقد الصقوا الخبث والإلحاد والفجور بكل الدول العربية والإسلامية القائمة الآن، ولم تسلم منهم دولة واحدة أو أحد، فالكل في نظرهم فاجر وملحد وزنديق وخبيث، لكننا إن تعمقنا في نصوص وعناوين تلك الفتاوى لا نجد فيها فتوى واحدة تدين غير الدول العربية والإسلامية؟! إن فتاويهم المحرضة ضد البلدان العربية والإسلامية تسلحت بكل المظاهر الثورية والجهادية والحماسية، لكننا لا نجد بينها فتوى واحدة تحمست وثارت ضد الوجود العسكري المتزايد على أرض العرب؟! أحيانا نقرأ ونسمع فتاويهم التي تدعو إلى إبادة ثلث الشعب العربي، وأحيانا تدعو إلى قتل طائفة بعينها، إما إذا شمل القتل الطائفة الأخرى فإن المقتول سيذهب مباشرة إلى الجنة بجواز سفر من صاحب الفتوى يسمح له بالتجوال في جنائن الآخرة كيفما يريد ويشاء؟! لكننا لم نقرأ لهم حتى الآن فتوى تدعو إلى شجب أو استنكار أو رفض العمليات العسكرية والاستخباراتية التي تقوم بها تشكيلات الناتو وإسرائيل؟! والأنكى من ذلك كله أننا لم نسمع فتوى واحدة تدعو إلى التلاحم والتفاهم والتقارب بين الكيانات الطائفية المتناحرة؟! إن علينا بعد هذا ألا نقف مكتوفي الأيدي، مشدوهي الأفواه، أمام جحافل الظلام، الذين يتحينون الفرص لطعننا بالخناجر والرماح وذبحنا بالسيوف والقذائف الحارقة.

وختاماً أسألوا أنفسكم أيها الناس الراشدون العقلاء هذه الأسئلة وحاولوا الإجابة عليها بتجرد تام: لماذا تحاك المؤامرات حصرياً ضدنا وبأيدينا؟ ولا تحاك ضد الدول الأخرى؟ لماذا تكثر فتاوى القتل والتخريب وإشعال الحرائق في البلاد العربية ولا تكثر في غيرها؟ لماذا الدم والعرض العربي مستباح بهوان وبأيدينا لا بأيدي غيرنا؟ لماذا يفكر غيرنا في العالم الآخر التحضير للألفية الثالثة ونحن نفكر بالعودة إلى العصر الجاهلي لخوض معارك (البسوس) ومعارك (داحس والغبراء)؟ لماذا ندير بجودة عالية المؤامرات في الخفاء والعلن ضد بعضنا البعض؟ لماذا يذبح بعضنا الآخر في وضح النهار وفي غسق الدجى؟ لماذا نزهق أرواحنا بأيدينا بدم بارد وبمشاعر خالية من الإيمان؟ لماذا نستعمل كل عوامل القوة التي لدينا للقضاء على بعضنا وليست لتنمية بعضنا؟ لماذا نرى اللصوص ونتركهم يدخلون بيوتنا ويتجولون بها بحرية ونغض الطرف عنهم ولا نحرك ساكناً؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟.... إذ يستهوينا الصمت، والرغبة في الانزواء، وانتظار الذي يجيء، فلسنا جديرين بهذه الحياة التي ارتضاها لنا الله جل وعلا، ولا بهذا الوطن الأبي الكريم، ولا عزاء لنا بعد ذلك إن ذهبنا ضحية البغاة الطغاة البرابرة المجانين.

ramadanalanezi@hotmail.com

ramadanjready @

مقالات أخرى للكاتب