06-09-2014

الهيئة.. ما بعد ضرب البريطاني وزوجته!

حكاية الرجل البريطاني وزوجته السعودية، اللذين تم الاعتداء عليهما من قِبل أحد أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل أيام، تبدو القصة الأكثر رواجًا سواء في الأوساط السعودية أو العربية والغربية. ستنتهي القصة كما انتهى غيرها كثير من القصص، إلا أن ما يجب التوقف عنده هو كيف نستفيد من الأخطاء، وكيف نتفاداها مستقبلاً؟

ولنتأمل سير هذا الحدث وما رافقه من عبارات مهمة، حيث ذكر عضو الهيئة الذي قام بالاعتداء عند التحقيق معه، أنه اعتدى على البريطاني لأنه استفزه! هذا ما كنا نحذر منه في طريقة عملهم الارتجالية، قلنا مرارًا وتكرارًا أن - بعضهم - يقوم بضرب كل شخص يستفزهم سواء بشكله أو طريقة ملابسه، هذا يثبت أن لا معايير ولا قوانين تضبط عملهم، يتم إطلاقهم في الأسواق لاستفزاز الناس ومن يرفض طريقتهم بالتعامل يصبح مجرمًا دون قانون أو مسوغات، وقد يُهان أمام المارة ويُشهر به أو يتعرض للاعتداء والموت ثم بعدها «يبلط البحر» هو أو أهله في البحث عن حقه وكرامته التي هُدرت عبثاً، ويبدأ في رحلة طويلة عريضة بين سلسلة من الجهات المتعاطفة ذات الصلة، الماهرة في جعل حق الدم يضيع. الفارق الوحيد في هذه القضية أن الضحية «بريطاني» الجنسية، لذا تم التعامل معها فورًا وحُسمت ملابساتها في اللحظة نفسها، عكس الكثير من القضايا الماضية التي كان ضحاياها سعوديين أو وافديين «غلابه». لست ضد أن تُحسم هذه القضية بسرعة البرق، بل هذا شيء مُفرح، إذ يدل على أن المسؤولين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يملكون آلية عمل سريعة لمحاسبة منسوبيهم، ولكنني أخشى أن هذه الآلية لا يتم استخدامها إلا مع دول العالم الأول.

هذه الحادثة التي جعلتنا فرجة لجميع سكان العالم وكأننا قادمين من كوكب آخر، نرجو أن تكون فرصة سانحة لسن قوانين واضحة يعمل بها منسوبو هيئة الأمر بالمعروف ويتقيد بها المواطنون والمقيمون بحيث تكون معلنة للجميع، فالكارثة الكبرى التي تجعلني أنادي بسرعة سن قوانين تضبط عمل أفراد الهيئة، هي أن الاستفزاز يعتمد على مستوى وعي الشخص، فالشخص الواعي يصعب استفزازه قياساً بالشخص الأقل وعيًا، لذا فبرامج التوعية مهمة للغاية سواء مع أفراد الهيئة أو كل من يعمل بشكل مباشر مع الجماهير.

ولأكون أكثر صراحة، فإن عدم وجود أنظمة تُحدد عمل أفراد هيئة الأمر بالمعروف، هو ما أدى إلى تداخل الصلاحيات بينها وبين القطاعات الحكومية الأخرى، أضف إلى ذلك، أن هذا هو ما جعلنا نسمع ونرى بشكل مستمر عن قضايا العنف المتبادل سواء الصادر عن أحد أفراد الهيئة أو الصادر ضدهم. فأول خطوة ينبغي أن نقوم بها إن كنا جادين في تحديد وتوضيح صلاحياتهم، هو الابتعاد عن الجملة المكرورة (خطأ فردي)، فالأخطاء كثرت وتراكمت، وأعلم علم اليقين أن معالي رئيس الهيئة الدكتور عبداللطيف آل الشيخ هو صاحب بذرة الإصلاح الأولى في هذا الجهاز، لذا فالمسؤولية كبيرة على عاتقه في جعل جهازه صديقًا للناس لا عدوًا لهم!

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب