06-09-2014

العصا السحرية للإنجاز!

في اجتماع لوزير الصحة المكلف المهندس عادل فقيه، مع وكلاء وزارته والمهندسين المختصين بتنفيذ المشاريع الصحية، بإضافة إلى فريق هندسي من شركة «أرامكو»، قرر سحب المشاريع المتعثرة في الصحة البالغة 60 مشروعا متعثرا قيمتها نحو 4 مليارات ريال، وإسنادها إلى شركة أرامكو؛ بهدف تسريع إنجازها وفقا لجدول زمني محدد.

هذه بلا شك خطوة مهمة ومفيدة للغاية، تماماً كما هو حال إسناد الأحد عشر ملعباً، إلى شركة أرامكو، بعد نجاح تجربة إنشاء ملعب «الجوهرة» في جدة، بوقت قياسي، وبأعلى المواصفات العالمية، ولكن ماذا لو خطت مختلف الوزارات المختلفة، وبالذات الوزارات الخدمية، التي لها مساس مباشر بالمواطن، كالتعليم والإسكان، إضافة إلى الصحة، كيف يمكن لشركة مثل أرامكو، حتى وهي تزخر بالكفاءات الوطنية المدربة، أن تغطي كل مشروعات البلاد؟ وهل هذا الوضع يعد أمراً مقبولاً، أم أنه سيسهم في تكريس البطالة المقنعة في إدارات المشاريع في الجهات الحكومية؟

لماذا لا تبحث هذه الوزارات، ذات المشاريع المتعثرة عن سر الإنجاز، الذي تميزت به أرامكو عن غيرها، خاصة أن موظفي هذه الشركة العملاقة هم من المواطنين، وليسوا أجانب ذوي عرق آخر، ولم يأتوا من كوكب آخر؟ فمن الوهلة الأولى يظهر أن هناك خللا كبيرا في الأداء الوظيفي في القطاع الحكومي، ومن أجل تحقيق قفزة حضارية كبرى على مستوى المشاريع التنموية، لابد من معالجة هذا الأمر، ولا بأس هنا من اللجوء إلى أرامكو كقطاع تدريبي على تحقيق الإنجاز في الوقت المحدد!

ماذا لو أسهمت الدولة في ندب مجموعة مهندسين من قسم المشاريع بأرامكو إلى بعض الوزارات، وقام هؤلاء بتشكيل فريق عمل، يضم بالإضافة لهم،موظفي هذه الوزارة، ومتابعة الإنجاز بشكل يومي تفصيلي، كي يتحقق الأمران معا، إنجاز المشروع في وقته، واكتساب هؤلاء المهندسين الحكوميين الخبرة اللازمة في إدارة المشاريع الحكومية المقبلة، وإنجازها في الوقت المحدد!

قد يبدو تطبيق الأمر سهلا للوهلة الأولى، وذلك في من حيث البعد النظري له، لكنه من حيث التنفيذ قد لا يحقق النتيجة المطلوبة، لأن من بين عناصركفاءة الأداء والإنجاز، توافر الإخلاص والرضا الوظيفي والانضباط في العمل، وهذه الأمور مترابطة بعضها ببعض، فقد يتعلم المهندس في القطاع الحكومي من زميله في أرامكو، شروط العمل والانضباط فيه، والدقة الشديدة في التفاصيل، والمتابعة اليومية للمنجز، وربط ذلك بالتواريخ المحددة، لكنه قد يشعر في نهاية الأمر بالإحباط حينما يدرك أن السلم الوظيفي للمهندسين الحكوميين هو ذاته السلم الوظيفي لموظفي الدولة، الذي يعد ضعيفاً، بل متواضعاً، مقارنة بموظفي القطاع الخاص، فكيف بشركة ضخمة وعريقة مثل أرامكو!

في نظري، ولكي نحقق النجاح الحكومي في انسياب المشاريع الحكومية، وعدم تعثرها، بالذات في القطاعات الثلاث، الصحة والتعليم والإسكان، يجب إعادة النظر في كادر المهندسين الحكوميين الذين هجر معظمهم القطاع الحكومي، بعد أن وجد فرصته الذهبية في القطاع الخاص، خاصة من يضع كل تركيزه في عمله، ولا يفكر بغير وظيفته، بعيداً عن موظفي الدولة، من المهندسين والأطباء، الذين يجمعون بين وظيفتين، في القطاع الحكومي، ودوام جزئي في القطاع الخاص.

مقالات أخرى للكاتب