07-09-2014

في دارنا «كنيسة»...!!

أحسب أنّ مجتمعنا هو أكثر المجتمعات في العالم استهلاكاً «للعمالة» بشتى أنواعها، ودياناتها، ومعتقداتها التي تأتي معها محمّلة ليس في حقائب السفر، بل في الرؤوس، والصدور ..

وقد أثبتت الوقائع الكثير من السلوك، والمواقف السالبة، التي أفرزتها هذه الصدور، والعقول بما فيها من أفكار ومعتقدات داخل البيوت، وفي دوائر العمل، والشركات التي تُجلب لها..

مع أنّ المجتمعات الأخرى تجد مواطنها هو السباك، والكهربائي، والحرفي، والبنّاء، وعامل النظافة في المصحات، والشركات، والباعة، وفي والبنوك، وحارس البيت، ومزارع الحدائق الخاصة، والسائقين، والرعاة، وخدم المنازل، ..

بينما بيننا يتأفّف المواطن من أن يمتهن إحدى هذه المهن، ويتعالى عن أن ينخرط فيها.. وإن كان في أمسّ الحاجة للعمل لكنه يتأفّف لسابق سوء فهم عن الكرامة، والاعتزاز، والمروءة..!!

لذا تعدّدت علينا اللغات، والديانات، والأفكار، والمعتقدات، والشخصيات، والنفسيات، والأفعال، بل انتشرت نتائج ذلك من سرقات، وقتل، وتأثير في تنشئة، وتربية، وعلاقات في الأُسرة، وفي مواقع عملها..

ولقد واجهنا السرَّاق، والسحرة، والقتلة، والمعتدين، والمرضى بالصرع، وبالحسد، والكائدين بظلم..، ومتسخي اللسان، والأبدان..، وممارسي المعتقدات الخاطئة التي تعارضنا فكراً، وسلوكاً، وديناً، وقناعات..، و، ..و..!!

نعم هناك الطيب منهم، والمؤمن، والصادق، والنظيف، واللطيف، والمؤمن، والصبور، والشكور..

لكن، كم خسرنا قيميا في مقابل اندماج العمالة المختلفة في لُحمتنا..؟!

وكم عادات حميدة اندثرت فينا أولها خدمة الذات في البيوت، وتعاون الأفراد، وثانيها الاعتماد على الذات في بنية المجتمع باحتياجاته المختلفة من حمل المقشة إلى الطوب...؟!!

أمس أفقنا على آخر ما أنتج، وأفرز هذا الاتكال، وهو وجود كنيسة في حي العزيزية بالخفجي أقيمت من قِبل سبعة وعشرين هندياً، خصصوا أحد المساكن الذي هو بالتأكيد مأوى إسكانهم من قِبل شركة أو مؤسسة، فاتخذوه كنيسة فيه يمارسون عبادتهم، وطقوسها، وتلاوة الإنجيل المحرف، واستخدام الأدوات التابعة لممارساتهم التعبدية الباطلة..!!

ذلك جاء في خبر الأمس المشير إلى تمكن هيئة الخفجي للأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بعد متابعتهم، وحصولهم على القرائن التي مكنتهم من الوقوف الفعلي الميداني، ليجدوا أنّ أحد بيوتنا تحوّل على يد هؤلاء الوافدين إلى كنيسة في عقر دارنا..!!

ترى ألا يطرق هذا الخبر رؤوسنا بقوة لننفض كثيراً مما عشش فيها، وجعلها ساكنة، مطمئنة، في الاعتماد على الاستقدام، والاتكال عليه..؟

ألا نفكر في دراسات مؤسساتية لمدى آثار الوفادة التي تمادى فيها الأفراد، والجماعات ..؟

ربما لمواجهة حاجة البيوت بسعتها التي قد لا يعرف أصحابها كل بواباتها، وحجراتها، وتلك التي لا يجد أفرادها فيها لضيقها زاوية مستقلة لمن يستقدمون لخدمتهم..،

وربما لتنوع المفاهيم، وحدّة أثرها فيما اعتاد الناس رفضه من الحرف المختلفة الآنفة، ..

وربما ظاهرة «استقدام العمالة» منزلية، وسواها هو باب قد فُتح، ثم صَعُب إغلاقه بعد أن تعوّد الفرد امرأة، ورجلاً على التواكل في الاعتماد على غيره، ..وبعد أن فقدت روح الجماعة في العمل، بدءاً من المنزل، وانتهاءً لخارجه فلم يَعُد أحد يستغني عن العمالة، لا أفراداً ولا جماعات ولا مؤسسات، ولا شركات....

ربما..، وربما، وربما..

التحية الصادقة لرجال الحسبة في الخفجي تحديداً لعظيم ما أنجزوه..،

ولجميع رجال الحسبة في البلاد ...

هذه الشعيرة التي أقرّها الله في محكم تنزيله، .. ويقومون بأدائها امتثالاً لأمر الله ..

فليوفقهم الله لرؤية الحقيقة، واتخاذ السبيل الصحيح، بالطريقة المثلى، والعمل الجاد النزيه، بوضاءة الحق..

وتفكروا يا قوم : فقد أذنت «كنيسة» الخفجي لليقظة، والحذر..

أختم وفي صدري سؤال :

كيف خُصص منزل لأن يكون كنيسة في منأى المسؤولين عن ساكنيه..؟!،

ألا يراقبون «عمالتهم، ويتفقدون مأواهم.. ومسالكهم، وعلاقاتهم..؟!

ذلك المنفذ والسبيل..!!

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب