برلمانيون ورجال أعمال يابانيون يتحدثون تحت «قبة الجزيرة» (2-2):

الحكومة اليابانية تمنح الأولوية في ترسية مناقصاتها للمنشآت الأكثر توظيفا للشباب

الجزيرة - سالم اليامي / تصوير - محمد شديد:

يواصل أعضاء الوفد البرلماني ورجال الأعمال اليابانيين في الجزء الثاني من ندوة «قبة الجزيرة» حديثهم عن التجربة اليابانية في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث أكد السيد تورو شيرايشي عضو البرلمان الياباني ورئيس الوفد أن حكومة بلاده لا تدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة فقط، ولكنها تدعم ابتكار مختلف التقنيات التي تساعد في معالجة مشكلات المجتمع الياباني، كالمشكلات المتعلقة بالبيئة، إلى جانب التركيز على تأهيل الشباب وزيادة فرص العمل، ومعالجة مشكلة تقدم الأعمار في المجتمع، مبينا أن من بين المنشآت التي ترافق الوفد الياباني منشآت ترتبط بتقنيات إعادة التدوير.

وقال شيرايشي: تمنح الحكومة اليابانية نقاط أولوية للمنشآت التي تتقدم للحصول على مناقصات مشروعاتها، التي توظف عددا أكبر من الشباب، بدوره أكد الأستاذ عدنان الشرقي وكيل محافظ الهيئة العامة للاستثمار لخدمات المستثمرين، أن هناك مداولات ومناقشات لإنشاء هيئة خاصة تعنى بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة ودعمها وتطويرها والنهوض بها ورفع مستوى إسهامها في الاقتصاد المحلي، لافتا في هذا الإطار إلى عدد من المبادرات الحكومية لدعم هذا القطاع في المملكة.

تجربة اليابان في مجال التكامل الصناعي

وتحدث الزميل فهد العجلان نائب رئيس التحرير قائلا: علمت بأن اليابان لديها تجربة مميزة فيما يتعلق بالتكامل الصناعي، وصناعة قطع الغيار، لذلك نتمنى من رئيس الوفد أن يحدثنا عن هذه التجربة، وكيف يمكن استثمارها في العلاقة مع المملكة، وكيف يمكن أن تستثمرها المملكة بشكل جيد؟

وأجاب السيد تورو شيرايشي: أعتقد أن الأعمال الدقيقة المتعلقة بصناعة المعادن اليابانية هي ذات نظام بديع جدا، وأعتقد أنها الأفضل في العالم، أما فيما يتعلق بصناعة المنتجات البترولية، فالمملكة بإمكانها أن تستفيد كثيرا من تجربة اليابان.

أوجه دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالمملكة

من جانبه، قال الأستاذ عدنان الشرقي وكيل محافظ الهيئة العامة للاستثمار لخدمات المستثمرين: نحن في المملكة نولي اهتماما خاصا بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة لدينا، وحقيقة تدور هناك مناقشات ومداولات لإنشاء هيئة خاصة تعنى بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة ودعمها وتطويرها والنهوض بها ورفع مستوى إسهامها في الاقتصاد المحلي.

كذلك في القطاع الخاص بدأت جهات عدة مختلفة بإنشاء هيئات ونوادي خاصة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكما تعلمون فإن مفهوم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لدينا في المملكة هو مفهوم حديث نسبيا، وبدأ يدخل فيه مفهوم ريادة الأعمال وتطويرها، حيث يتم حث الشباب في الجامعات والمعاهد على مفهوم ريادة الأعمال والدخول في هذا المجال، كما توجد مبادرات حكومية في المملكة لدعم هذا القطاع ومنها مبادرات وزارة العمل، وزارة التجارة، ووزارة التجارة والصناعة، وهيئة المدن الصناعية، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، وكذلك الهيئة العامة للاستثمار، وتتمثل هذه المبادرات في إنشاء مراكز خدمة متخصصة تساعد الشباب على بدء الأعمال بحيث تكون جميع الجهات الحكومية في موقع واحد لتقديم الدعم والمشورة لرواد الأعمال من الشباب في المملكة.

وأضاف الشرقي: كذلك لدينا في الهيئة العامة للاستثمار «ساقيا» مبادرة نعمل عليها حاليا وهي إنشاء قاعدة إلكترونية لعملية المواءمة بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية ونظيراتها في خارج المملكة، حيث يتم تصنيف المنشآت بحسب رؤوس أموالها وبحسب حجم عمالتها، والقطاع الذي تعمل فيه، ومحاولة خلق فرص استثمارية بين الجانبين المحلي والأجنبي.

من جانبه، قال الأستاذ سعد الغامدي من هيئة المدن الصناعية: فيما يتعلق بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة فقد قدمت هيئة المدن الصناعية «مدن» الكثير من الجهود لدعم هذا القطاع، وكان هناك الكثير من المبادرات التي قدمتها «مدن» التي دعمت هذا القطاع، ورواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتمثل ذلك الدعم في فكرة إنشاء المصانع الجاهزة، وهي عبارة عن مصنع جاهز بمساحة 500 متر مربع، يتم إنشائه بمواصفات عالمية، ومن ثم تأجير هذا المصنع إلى المستثمرين في القطاع الصغير أو المتوسط. وأضاف الغامدي: كخطوة ثانية لهذه المبادرة قامت «مدن» بابتكار فكرة الواحات الصناعية»، ولدينا الآن «واحة مدن» بمنطقة الأحساء في المنطقة الشرقية، وهي عبارة عن واحة صناعية تستهدف الصناعات النظيفة والصناعات الخفيفة، التي تركز عليها المنشآت الصغيرة والمتوسطة في نشاطها، كالصناعات الطبية والصناعات الدوائية، وأيضا الصناعات الغذائية، والصناعات النظيفة التي تسهم في إضافة قيمة إلى المدن الصناعية، وهذه الواحات الصناعية تتوافر فيها جميع الخدمات الحكومية، التي يحتاج إليها كل من يريد أن يستثمر في القطاع الصناعي.

كما أشار الغامدي إلى أنه يوجد في «مدن» مئات المصانع، لافتا إلى أن هدف الهيئة هو الوصول إلى ألف مصنع جاهز في 2015م.

بدوره أشار السيد تورو شيرايشي إلى أن الوفد الياباني في زيارته الحالية للمملكة سيقوم بزيارة لمصانع «مدن» الجاهزة للوقوف عليها ونقل ما شاهدناه من منجز إلى اليابان، بما يحقق الفائدة الكبيرة.

دور المنظمات الصناعية في تطوير العلاقات

وعاد الزميل فهد العجلان ليسأل: في اعتقادي أن هناك منظمات في اليابان معنية بدعم المشروعات وبخاصة الصناعية منها، مثل «جايكا» و»جيترو»، فكيف يمكن الاستفادة من هذه المنظمات في تطوير علاقة المملكة واليابان في مجال المشروعات المشتركة بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة؟

وأجاب السيد تورو شيرايشي: سوف لن أتحدث عن «جايكا» هذه المرة، أما فيما يتعلق بـ»جيترو» فقد كان هناك تعاون كبير لإنجاح زيارة البعثة اليابانية التي ترونها اليوم إلى المملكة، وهناك الكثير من كبار المستشارين في «جيترو» الذين كان لهم دور كبير في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بما يمكنها من الاستثمار خارج اليابان، وعند التأسيس للشراكات مستقلا بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة اليابانية ونظيراتها السعودية، سيكون هناك بعض الإشكالات فيما يتعلق ببعد المسافة، وهنا ستكون مهمة «جيترو» في المساعدة على طمر هذه الفجوة وتقريب المسافات بين المملكة العربية السعودية واليابان.

فيما وجه عبدالمجيد الميموني سؤالا إلى رئيس الوفد الياباني قائلا: ما هي جهود الحكومة اليابانية في زرع ثقافة العمل في شريحة الشباب بين 18 و25 سنة، وهل تتغير سياسة دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بحسب الحالة الاقتصادية لليابان، وبالنسبة لأعضاء الوفد الزائر من ملاك المنشآت الصغيرة والمتوسطة، هل تلقوا تعليما متقدما قبل إنشاء مشروعاتهم، وما هو معدل أعمارهم؟

فأجاب السيد تورو شيرايشي رئيس الوفد: بخصوص دعم الحكومة لصغار السن في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، فهي تقدم دعما للمنشآت التي توفر فرص عمل للموظفين الصغار، وكذلك تمنح نقاط أولوية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تتقدم للحصول على المناقصات الحكومية، ويكون فيها موظفون من صغار السن. وكما قال السيد مياو تشي منذ قليل فإن الحكومة اليابانية تقوم بتقديم دعم خاص للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي يقوم بتأسيسها شباب صغار.

عمل المرأة وتأثيرها في الاقتصاد

وأتيح المجال في ختام اللقاء لأعضاء الوفد الياباني للمشاركة، وتحدثت السيدة كارين ماكيشيما عضو مجلس النواب الياباني قائلة: أشكر تعاون «ساقيا» للمساهمة في وصولنا إلى المملكة والمشاركة في هذا اللقاء، مع علمي بأنه من الصعب أن تشارك سيدة في هذا النوع من البعثات، ليقاطعها الزميل فهد العجلان متسائلا: ماذا تقصد السيدة ماكيشيما بهذه النوع من البعثات؟

وأضاف: على العكس تماما نحن نرحب بالسيدة ماكيشيما وغيرها في المملكة، والمرأة السعودية تشارك في اجتماعات كثيرة ربما قد تكون أهم من اجتماعنا هذا، ومنها مجلس الشورى الذي يضم في عضويته عددا كبيرا من السيدات، أيضا المرأة السعودية ترشح نفسها للانتخابات البلدية، كما أن هناك في المملكة مديرات للجامعات، وقد يتاح للسيدة ماكيشيما أن تلتقي سيدات أعمال سعوديات ممن لهن تأثير في الاقتصاد السعودي.

واستأنفت السيدة ماكيشيما حديثها قائلة: في هذا الوقت الذي نزوركم فيه هناك عدة عضوات يابانيات قائدات لمنشآت صغيرة ومتوسطة، والمملكة العربية السعودية واليابان ما زال أمامهما الكثير من العمل في مجال تبوؤ المرأة مكانة كبيرة على رأس المنشآت، ودعوني أشير في هذا الصدد إلى أن وراثة المنشآت من جيل لآخر وبالذات من النساء هو ما ساهم في عراقة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في اليابان.

المنشآت الصغيرة والمتوسطة.. عمق ثقافي وحضاري

وهنا تحدث السيد تورو شيرايشي قائلا: بالنسبة لليابان فإن مفهوم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لا يقتصر فقط على مجال التقنية، بل يتعدى ذلك إلى مفهوم الثقافة والحضارة بعينها، وهذا ما يأخذنا إلى الرغبة في التعرف على المملكة العربية السعودية كثقافة وليست تقنية فقط، ونعتقد أن الشراكة بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة في البلدين ستعزز من مفهوم التواصل الثقافي والحضاري، وأنا شخصيا لدي رغبة كبيرة في التعرف على ثقافة المملكة العربية السعودية، وهذا العام جربت صيام شهر رمضان. فيما تحدث الزميل فهد العجلان: بما أنكم أشرتم إلى الجانب الثقافي، لدي سؤال: هل صحيح أن المدير يحتال على الموظف الياباني ليأخذ إجازة، فأجاب السيد شيرايشي: هذا صحيح.

وفي ختام اللقاء، وجه الزميل فهد العجلان نائب رئيس التحرير الشكر لأعضاء الوفد الياباني والحضور من الهيئة العامة للاستثمار وهيئة المدن الصناعية ووزارة التجارة على مشاركتهم في ندوة «قبة الجزيرة»، متمنيا لقاءهم في فرصة أخرى مقبلة.