قراءة في كتاب أبو سليمان محمد الشبيلي

عبد الله بن حمد الحقيل

هذا هو عنوان الكتاب الذي قام بنشره الدكتور عبد الرحمن الشبيلي ولقد أمضيت ساعات جميلة في قراءة كتاب (أبو سليمان محمد الشبيلي) ومن خلال مطالعتي للكتاب أدركت رحلة وحياة هذا الرجل في أخلاقه وكرمه وإنسانيته وتواضعه وما أصدق قول المتنبي:

ذكر الفتى عمره الثاني وجاجته

ما قاته وفضول العيش اشغال

وقال الشاعر الآخر:

ثناء الفتى يبقى ويفنى ثراؤه

فلا نكتسب بالمال شيئاً سوى الذكر

فقد أبلت الأيام كعباً وحاتما

وذكرهما غض جديد إلى الحشر

لقد عرفت أبا سليمان في بيروت عام 1389هـ حيث كنت منتدباً للتدريس في ثانوية الدوحة وقد أخبرني أحد الأصدقاء بقدومه فذهبت للسلام عليه ووجدت منه كل بشاشة ومودة ومحبة، وكرم نفس وشخصية اجتماعية ورجل دبلوماسي وألح علي بزيارته فكان يتصل بي إذا مضى يومان دون أن أراه ويلح علي بمصاحبته خارج الفندق للنزهة وزيارة بعض أصدقائه ثم رجوته بتشريفي بزيارة فوعد خيراً دون أن يحدد موعداً وما شعرت في اليوم الثاني إلا ويطرق علي باب منزلي بعد صلاة العشاء بصحبة صديقيه صالح العبدلي ومحمد المنصور الرميح فسعدت بزيارتهم وأمضينا وقتاً ممتعاً تناولنا فيه أحاديث شتى في الأدب والتربية والدبلوماسية والصلات الاجتماعية وغيرها ودعوت جاري للتعرف عليه وهما عبد العزيز التويجري وسليمان الوابل واستمرت العلاقة بيني وبينه ووصلتني منه رسالة مؤثرة كتبها بخط يده بعد رجوعه إلى مقر عمله حيث كان سفيراً في بغداد وذكر لقاءاتي به وتحدث عن الليلة التي أمضاها في منزلي مما أخجلني وهو أبو الكرم والندى والشهامة، وكتبت له رسالة جعلت مطلعها بعد الديباجة:

صحبتكم فازددت نوراً وبهجة

ومن يصحب الطيب المعبق يعبق

ولقد سعدت باللقاء به عدة مرات في الرياض والمدينة المنورة وجدة، وكان يلح علي بزيارته في مقر عمله فلم يتيسر لي ذلك.

لقد أمضيت وقتاً جميلاً في هذا السفر الممتع والكتاب الجميل، وليت الكثير من سفرائنا يقرأون هذا الكتاب والتعرف على سيرته وأخلاقه وخدمته لمواطنيه وتسهيل مهماتهم ومساعدتهم، وما أصدق ما قيل (ما مات من ترك الذكر الطيب وقول الآخر فما لسوى الذكر الجميل بقاء).

إن تعامله وكرمه مع مواطنيه لدليل على حبه لوطنه وأمته وما زال ذكره خالداً في البلدان التي عمل فيها، ومع السفراء الذين زاملهم ففي كل مرة ولقاء مع الدكتور عبد الهادي التازي السفير والباحث العلمي يتحدث إلي عن أخباره وذكرياته وسعة أفقه وقدراته، ولقد أحسن المؤلف صنعاً عندما جمع سيرته في كتاب وثائقي ليطلع الجيل والقراء على حياته الحافلة ويتعلموا منه الكثير من الإخلاص والكرم.