«الجزيرة» تفتح ملف دور المؤسسات الشرعية في ترسيخ الوسطية ومكافحة الغلو والإرهاب(3)

أكاديميون شرعيون ودعاة ومتخصصون: استراتيجية شاملة للمؤسسات والهيئات الدعوية والتربوية لاستئصال منابع التطرف

الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:

تتابع (الجزيرة) وللأسبوع الثالث على التوالي تسليط مزيد من الضوء على ظاهرة الانحراف الفكري والعقدي وأخطارها الجسيمة، وآثارها السيئة على المجتمع المسلم من خلال استطلاع آراء كوكبة من العلماء والدعاة وطلبة العلم وأساتذة الجامعات وخبراء في العمل الإسلامي إضافة إلى عدد من المسؤولين المعنيين حول دور المؤسسات الشرعية في ترسيخ منهج الوسطية والاعتدال ونبذ الغلو والتطرف ومكافحة الإرهاب حيث قدموا - في أحاديثهم - مجموعة من الأمور التي ينبغي على المؤسسات القيام بها في هذا الشأن منها: رصد كل مامن شأنه راع أو داع لنبذ الوسطية ومكافحته وبيان زيفه وعواره وتوضيح ما يخالف مقاصد الشريعة، وبناء عقول الناشئة على العقيدة الإسلامية المستقاة من نصوص الكتاب والسنة، وتوضيح محاسن هذه الشريعة وأنها قائمة على الاعتدال والوسطية، والتركيز على الطلاب في الجامعات والكليات الشرعية على الخصوص وتكثيف المحاضرات التي تخدم هذا الجانب.

التعامل السلبي

في البداية قال سمو الأمير الدكتور/ خالد بن عبدالله آل سعود: الغلو والتطرف بات في مجتمعنا ظاهرة فكرية شديدة الخطورة على أمننا الوطني لايمكن - بأي حال - إغفاله أو قبول عدم تعاون الجميع في نبذه ومحاربته والقضاء عليه، بعدما كان - لسنوات طوال - مجرد انحراف فردي محدود بين شبابنا على وجه التحديد، وعلينا صراحةً أن نعترف بكل وضوح أن السبب الرئيس في تنامي هذه الظاهرة - المُخيفة - والدخيلة على مجتمعنا الإسلامي هي (التعامل السلبي من بعض عُلمائنا الأفاضل مع شبابنا، والبعد عن مُعايشتهم، وفتح أبوابهم لهم، ومنحهم المزيد من وقتهم، واكتفائهم - فقط - بإلقاء الدروس والخُطب، والإجابة عن بعض تساؤلاتهم) وينتهي الأمر على ذلك، وهو ما أسهم في اتساع الفجوة الحاصلة بين العلماء وهؤلاء الشباب الذين وقعوا - نتيجة ذلك - ضحية بعض دُعاة السوء والضلال - ممن يتسترون بعباءة الدين والتُقى، فأصبح شبابنا وأبناؤنا - مع شديد الأسف - مجرد (قنابل موقوتة) بأيدي دُعاة وأصحاب هذا الفكر الضال لتنفيذ مُخططاتهم الإرهابية والإجرامية في التفجير والتكفير، و سفك الدماء (وتسييس الإسلام لأغراض حزبية) وجماعات مشبوهه، خاصةً ونحنُ نعيش في في وقت عصيب يواجه فيه عالمنا الإسلامي تحديات فكرية وثقافية تشوه سماحة الإسلام ومبادئه الخالدة التي تقوم على الخير والتسامح والتراحم والوسطية والاعتدال.

وعليه ؛ فإن «أعضاء هيئة كبار العلماء» هي أهم المؤسسات الشرعية التي يقع على عاتقها العبء الأكبر في ترسيخ الاعتدال والوسطية في المجتمع، وكذا نبذ الغلو والتطرف ومكافحة الإرهاب، وأعضائها الأجلاء الأفاضل مُطالبون - أكثر من أي وقت مضى - في احتضان هؤلاء الشباب، ومُعاملتهم بروح الأبوة الحانية، والترفق بهم، والتبسط والتواضع معهم، لا الاستعلاء عليهم، وكذلك الاجتهاد في استشعار شبابنا بمدى أهمية دورهم - المنتظر منهم - في مستقبل أوطانهم، وبأنهم وحدهم هم - بعد الله - صمام الأمان فيه، وفي قيادة مسيرة التنمية والتطوير.

كما أن على الآباء والأمهات والمعلمين دور هام للغاية في توجيه أبنائنا وشبابنا بأن يبذل جهده في أن يصل للعلماء الربانيين، وأن يحرص على إجلالهم واحترامهم، والاستماع إليهم، والاستفادة من علمهم وإرشاداتهم، واستشارتهم في كُل صغيرة وكبيرة، والالتزام بنصائحهم وتوجيهاتهم.

الأمن الفكري

ويؤكد الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد: أن واجب المؤسسات الشرعية تجاه مجتمعنا هو المحافظة على عقيدة الإسلام وما قامت عليه هذه البلاد من عقيدة أهل السنة والجماعة والمنهج السلفي الواضح الوسطي المعتدل الذي كان عليه الخلفاء الراشدون والتابعون والتابعون لهم بإحسان من القرون الثلاثة المفضلة، ثم أئمة الإسلام من أئمة الفقه وأئمة الحديث وأئمة السنة إلى عصورنا المتأخرة التي قامت فيها الدعوة الإصلاحية بعيداً عن الغلو والتطرف.

ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد كإحدى هذه المؤسسات الشرعية معنية فيما يخصها بمواجهة الأفكار الضالة ومكافحة الإرهاب الفكري، والمحافظة على الأمن الديني والعقدي أكثر من غيرها، وترسيخ مبدأ الاعتدال والوسطية في المجتمع، وذلك لأنها مؤتمنة على الدعوة ومناشطها، والمساجد وما يقام فيها من خطب ومحاضرات.

وتعتبر هذه المواضيع لها الأولوية القصوى والمهمة في برامجها, حيث أعدت عدداً من البرامج لتحقيق الأمن الفكري وتعزيز الوسطية ومكافحة الفكر الضال من خلال خطب الجمعة ورسالة المسجد والأنشطة الدعوية في جميع مناطق المملكة.

حيث أنشأت برنامج العناية بالمساجد ومنسوبيها وكونت فريقاً علمياً للبحوث والرد على الشبهات وتحديد مواضيع الخطب المناسبة التي تعالج قضايا المجتمع وعلى الأخص القضايا ذات المساس بالغلو والإرهاب.

وكذلك خصصت إدارة خاصة للتوعية العلمية والفكرية تبنت عدداً من البرامج منها برنامج الانتماء والمواطنة والندوات الشهرية للأمن الفكري التي تقام في جميع المناطق للأئمة والخطباء والدعاة، وبرنامج التوعية العلمية والفكرية الموجه للنساء العاملات في دور تحفيظ القرآن الكريم بالإضافة إلى طباعة آلاف المطبوعات المتنوعة في محاربة الفكر الضال.

بالإضافة إلى أنه تم تشكيل فريق عمل من المتخصصين يتولى الإشراف على التنفيذ من خلال مناشط منبرية وإعلامية ومحاضرات وندوات ومؤتمرات وطباعة كتب، والتصاريح التي تذكر لوسائل الإعلام عن هذه البرامج بالإضافة إلى التعاميم التي توجه الى الخطباء عند وجود أمر طاري أو أحداث تمس أمن الوطن والمواطن والمقيم.

حشد الطاقات

ويقول الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الشثري أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: إن على المؤسسات الشرعية من الجامعات وغيرها دوركبير في بيان الدين الحق الذي ارتضاه الله لعباه والذي بُني على الوسطية والاعتدال في كل أمور الدين الاعتقادية والعملية على حد قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) البقرة: 143، ومن ترك وسطية الدين فقد سار في الأطراف ودخل تحت الخطر وتعبد الله على غير هدى، ومن هذا المعنى فإن المؤسسات الشرعية عليها مسؤولية عظيمة ودوركبير في التصحيح والتوعية بما تملكه من قدرات علمية من علماء ودعاة وأئمة مساجد وخطباء ومفكرين وباحثين مختصين في تصحيح مسار هذه الأفكار التي ضلت عن سواء السبيل ودورها يأتي في مقدمة المؤسسات الحكومية لمواجهة الفكر المخالف لمنهج الاعتدال والوسطية؛ لأن الله تعالى أمر باتباع صراطه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف فقال سبحانه: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأنعام: 153 كما توعد ربنا - جل وعلا - كل من يتبع السبل الضالة ويترك اتباع الصراط المستقيم الذي هو الوسطية والاعتدال فقال سبحانه: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء: 115.

وطالب د. الشثري المؤسسات الشرعية في ظل هذه التحديات الخطيرة بوضع الخطط الآنية والاستراتيجية الشاملة في جوانب متعددة منها: جوانب في بناء عقول الناشئة على العقيدة الإسلامية المستقاة من نصوص الكتاب لهذا الدين الحنيف، وبيان حرمة الدماء المعصومة في الإسلام وأن الله حذر من الاعتداء عليها بغير حق، وبيان الأحكام الشرعية في التعامل مع غير المسلمين، وإقامة المناشط الدعوية المعتدلة والدراسات الاجتماعية والنفسية وغير ذلك لمواجهة التطرف الحادث والفكر الضال المخالف للفطرة السليمة ولتعاليم الشرع الحنيف، وحشد الطاقات العلمية وتسخير الطاقات الفكرية في أعمال مستمرة لتواكب الأحداث والمستجدات لمواجهة كل غلو وتطرف ومحاربة الإرهاب والإجرام وتتحول هذه الطاقات والقدرات إلى طاقات عملية في المجتمع وواقع مشاهد لنشر وترسيخ مفهوم الاعتدال والوسطية ودحض كل فكر ضال أو رأي منحرف، مشيراً إلى الأثر والتأثير الكبير على الناس في وسائل الإعلام أصبح الناس يتأثرون ويؤثرون بما يشاهدونه في وسائل الإعلام لذلك لزم العمل المشترك بين المؤسسات الشرعية ووسائل الإعلام الرسمي وغيره ليتم التكاتف والتعاضد في توعية أفراد المجتمع وترسيخ المفاهيم الصحيحة للإسلام ومن أهمها: الاعتدال والوسطية في إقامة الندوات والملتقيات والحوار وما أشبه ذلك، والاستفادة من البرامج التي يكثر فيها وجود الشباب، وتوجه لهم من خلال ذلك رسائل قصيرة ومركز حول هذه المفاهيم، ولا شك أن الإعلام يناله نصيب كبير من المسؤولية في هذا الشأن.

أزمات ونوازل

وأشار الدكتور خالد بن هدوب المهيدب الاستاذ المشارك بقسم الدراسات الاسلامية بجامعة سلمان بن عبد العزيز أن الأمة الاسلامية في زمننا الحاضر تمر بأزمات ونوازل متلاحقة تستدعي أن يكون لعلماء الأمة ودعاتها دور في تجلية المفاهيم ودحض الشبه والصدع بكلمة الحق، ولا يتأتى ذلك إلا بأن يقام للعلماء وزنهم ويعاد النظر في طريقة التعاطي السلبية معهم من قبل بعض وسائل الإعلام التي تسعى للنيل منهم وتقزيم دورهم والحط من شأنهم مما أثر سلباً على مقامهم ومنزلتهم في نفوس المتلقين، وأفسح المجال لأن يتصدر الرعاع ومن يلبسون لباس الدعاة ويسعون لتحزيب الأمة والطعن في علمائها ودعاتها وتخوينهم، واتاح المجال لدعاة الفتنة والتحزيب لأن يكونوا في الواجهة فأصبحوا يتلقفون الشباب الأغرار ويغوونهم ويسممون أفكارهم ويقذفون بهم في أتون جماعات خرجت عن صف أمة الإسلام تحمل أفكاراً خارجية وتتبنى عمليات إرهابية.

وأكد د. المهيدب إن العلماء والدعاة المؤثرين متى ما أفسح لهم المجال للتواصل مع كافة شرائح المجتمع في وسائل الاعلام والتأثير وعبر كافة المنابر المتاحة فإن لهم تأثيرا بالغا في إرساء مبادئ الاعتدال والوسطية في أوساط الشباب وحمايتهم من الأفكار والتيارات الشاذة والمنحرفة التي تقودهم الى اعتناق الأفكار والمبادئ الخارجية والأفكار الالحادية التي بدأت في الظهور نتيجة ضعف دور العلماء والدعاة في القيام بواجبهم، مشدداً على أن المرحلة الحالية مواتية أن تبادر المؤسسات الشرعية الرسمية والخيرية بالتعاون مع المؤسسات التعليمية والثقافية والاعلامية بتبني حملة وطنية صادقة تهدف إلى احتواء شباب الوطن واحتضانهم وتحذيرهم من الأفكار والمذاهب الوافدة وتجلية حقيقتها وبطلانها، مع فتح قنوات للحوار والمناقشة معهم فإن ذلك سيسهم بشكل فاعل سلامة أفكار شبابنا وفتياتنا من الأفكار الدخيلة ومن دعاة الضلال الذين يجندون كافة الوسائل المتاحة لهم لاختطاف فكر شبابنا وأتصور لأن مثل هذه المبادرة ستسهم بشكل فاعل في احتواء شبابنا وتصحيح أفكارهم.

لا ظلم ولا اعتداء

وقال الشيخ سعود بن زيد المانع المشرف العام على المكتب التعاوني للدعوة والارشاد وتوعية الجاليات في الدلم بمنطقة الرياض: إن الله جعل ديننا وسطا لا غلو فيه ولا تفريط ولا ظلم ولا اعتداء على الآخرين بغير حق ولا ضرر ولا ضرار. فالواجب على العلماء والدعاة والمربين والمؤسسات الشرعية التأكيد على هذه المبادئ وغرسها في نفوس الناس وتوجيههم اليها كل بحسبه وذلك عن طريق الأمور الآتية:-

1 - إصدار الفتاوى من سماحة المفتي وكبار العلماء فهي محل ثقة الناس وتفوت الفرصة على أدعياء العلم والمغرضين.

2 - المشاركة بكلمات وبرامج في وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة.

3 - استغلال وسائل الاتصال والشبكات المعلوماتية لكثرة من يرتادها بإرسال مقاطع مرئية ومسموعة ومقروءة لكبار العلماء والدعاة الموثوقين.

4 - خطب الجمعة والدروس والمحاضرات والكلمات الوعظية.

5 - تعميق الوسطية والاعتدال عن طريق معلمي المواد الشرعية في المدارس على اختلاف انواعها والجامعات.

6 - مكاتب الدعوة بتنظيم المحاضرات وتوزيع الكتب والأشرطة لكبار العلماء والدعاة الموثوقين التي تبين ذلك.

إن دور العلماء والدعاة والمؤسسات الشرعية يجب ان يكون قويا ومنظما وتكامليا وذلك بالتنسيق والاشراف والمتابعة له تحت المظلة الرسمية المعتمدة الموثوقة.وهما رئاسة الافتاء ووزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد حتى تسير وفق المنهج الشرعي والتكاملي بعيدا عن الاجتهادات الخاطئة أو المعلومات والفهم المغلوط.

إن المعتقد الصحيح والعلم الشرعي يجب أن يؤخذ من كتاب الله - عز وجل - وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم على نهج السلف الصالح وذلك عن طريق كبار علماء الراسخين الربانيين بسؤالهم والاستماع لمحاضراتهم وتوجيهاتهم وقراءة كتبهم فقد أوصى الله عامة الناس بذلك فقال سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل: 43، وقال تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) النساء: 83، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر)، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (لايزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وعن أمنائهم وعلمائهم فاذا أخذوا عن صغارهم وشرارهم هلكوا).

وصح عن ابن سيرين رحمه الله أنه قال: (ان هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم) وفق الله العلماء والدعاة للقيام بواجبهم على المنهج الصحيح ووفق الأمة للأخذ عن كبار العلماء والدعاة الموثوقين وكفى الله شباب الأمة وعامتهم من الغلو والجفاء ورزقهم المنهج الوسط المستقيم.