18-09-2014

أداء الأجهزة التنفيذية بين سلوك العاملين.. وتقادم الأنظمة

لعل من بديهيات القول إن كفاءة أداء الأجهزة التنفيذية ورضا العامة عنها يرتكز على محورين أساسيين هما:

1 - مبادئ العمل ومفاهيمه (ثقافة العمل).

2 - أساليب وأنظمة العمل وأدواته (آليـاته).

ولعل هذا يُفسر تأخر الدول العربية والإسلامية عن ركب الحضارة العالمية في ميدان الأعمال.

فعلى الرغم من أن هذه المجتمعات تمتلك القاعدة القوية لكلا العاملين (ثقافة العمل ومبادئه الإسلامية العظيمة من جانب، والمقدرات والإمكانات البشرية والمادية من جانب آخر) إلا أنها لم تكلف نفسها كبير جهد تجاه تفعيل هذه المقومات وتوظيفها.. ولذلك ظلت تلك المجتمعات تصارع ليس من أجل المنافسة على المقدمة، بل للبقاء على قيد الحياة.. وظلت مجتمعاتها تعاني من تدني مستوى الرضا عن أداء أجهزتها التنفيذية.

القيم الاجتماعية الموروثة والمكتسبة عامل رئيس لا يمكن تجاهله أو إغفاله في أي مجتمع من المجتمعات، وذلك نظراً لأهميتها في فهم وتفسير نشاط الفرد والجماعة.. ويبدو أن فشل كثيرٍ من نظريات التنمية بما في ذلك النظريات الإدارية وعجزها عن تحقيق أهداف التنمية في الدول النامية يعود في الدرجة الأولى إلى أنها لم تأخذ في الاعتبار القيم والموروثات الاجتماعية المحلية لتلك المجتمعات.

المشكلة هنا أن مبادئ العمل الإسلامية العظيمة (الأمانة والإخلاص وإتقان العمل ومراقبة الضمير) لا تلعب الدور المأمول في توجيه سلوك الأفراد العاملين في الأجهزة التنفيذية، نظراً لأنه لم يتم غرسها كجزء من ثقافة المجتمع في المراحل المتقدمة من التعليم العام أو في الخطاب الديني والذي تم التركيز فيه على التّعبد في الجوارح فقط.

ومن جانب آخر لم يتم وضع وتطبيق الضوابط والقوانين الكفيلة بتوجيه وضبط سلوك العاملين.

ولعل هذا يفسر الخلل الإداري في عدد من الأجهزة التنفيذية على الرغم من حرص وتأكيد القيادة على جودة الخدمة وحسن الأداء، حيث لم تتمكن الوسائل والتقنية الإدارية المنقولة من التكيُّف مع موروثات المجتمع وتساهم مساهمة فاعلة في تحقيق أهداف التنمية الإدارية فيه.

وبناءً على ذلك ونظراً لمحدودية نتائج وفاعلية هيئة مكافحة الفساد فقد يكون من المناسب اتخاذ خطوات جادة لتحسين وضبط السلوك الإداري للأفراد العاملين في الأجهزة التنفيذية بحيث يتم صياغة مشروع وطني يرتكز على عاملين أساسيين: الضبط والتوعية.. هذا المشروع تشترك فيه هيئة مكافحة الفساد ووزارة الخدمة وهيئة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة العامة ويهدف إلى تحقيق تطوير جذري وضبط سلوك العاملين في الأجهزة التنفيذية. بالإضافة إلى الخطوات التالية:

1 - أن تكون ثقافة العمل من المنظور الإسلامي جزءاً رئيساً من برنامج تربية النشء في كافة مراحل التعليم العام. مبادئ الأمانة والنزاهة والإخلاص وإتقان العمل وجودته ومحاسبة الضمير في أداء الأعمال يجب أن تكون جزءاً من التربية الدينية التي يتم غرسها لدى الشباب في مراحل العمر المتقدمة.

2 - أن يتم الترشيح للوظائف الهامة والحساسة من خلال عدة معايير يكون من بينها أسس يتم بوساطتها التأكيد من رسوخ القيم الدينية لدى المرشح.

3 - أن يتم العمل على تقوية الشعور بالإيمان أثناء العمل وتفعيل الوازع الديني لدى العاملين.

4 - أن يتم إعادة صياغة الأنظمة المتقادمة - والتي مضى على صياغة بعضها عدة عقود - بشكل ينسجم ومتطلبات الفترة الحالية.

والله ولي التوفيق.

Falsultan.11@gmail.com

@falsultan11

مقالات أخرى للكاتب