وزير الداخلية يرعى حفل توقيع إنشائه ضمن منظومة الكراسي العلمية في جامعة حائل

كرسي محمد بن نايف للدراسات الأمنية.. بناء معرفي جديد للجامعات السعودية

الجزيرة - المحليات:

رعى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية في مكتب سموه بالوزارة في الرياض، مراسم تدشين كرسي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز للدراسات الأمنية في جامعة حائل، ووقع اتفاقية إنشاء الكرسي معالي مدير الجامعة الدكتور خليل بن إبراهيم البراهيم، ومعالي مستشار سمو وزير الداخلية الدكتور ساعد العرابي الحارثي.

ويأتي التدشين في إطار اهتمام سمو وزير الداخلية بدعم الدراسات والبحوث المتخصصة ذات العلاقة بالجوانب الأمنية التي تهدف إلى تطوير الأداء الأمني والإسهام في تحقيق بناء معرفي وأمني للتعامل مع المستجدات من خلال رؤية علمية متطورة وتعزيز التعاون والشراكة بين المؤسسات الأمنية والجامعات السعودية ومراكز البحث العلمي في مجال الدراسات والبحوث الأمنية التي تتسم بالشمولية والواقعية وتلبي احتياجات العمل الأمني وإثراء المكتبات العامة والأمنية بالإصدارات والأبحاث التي تسهم في رفع الوعي الأمني العام وتتيح للباحثين والمتخصصين دراسة القضايا ذات البعد الفكري والأمني وظواهر الإرهاب والتطرف وأمن المعلومات وغيرها من القضايا الأمنية وكل ما يثري مجالات المعرفة المتخصصة في مجال البحث العلمي بين الجامعات والأجهزة الأمنية ذات العلاقة.. حضر مراسم التدشين مدير الأمن العام اللواء عثمان بن ناصر المحرج، وأمين عام كراسي البحث والوقف العلمي بجامعة حائل الدكتور عثمان بن صالح العامر وعدد من المختصين بجامعة حائل والأمن العام.

من جانبه رفع معالي مدير جامعة حائل الأستاذ الدكتور خليل بن إبراهيم البراهيم باسمه وباسم كافة منسوبي جامعة حائل، أسمى عبارات الشكر والامتنان وأسمى آيات التقدير والاحترام إلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزير وزير الداخلية -حفظه الله ورعاه-، لتفضل سموه برعاية كرسي محمد بن نايف للدراسات الأمنية، حيث تأتي هذه المبادرة الكريمة من لدن سموه الكريم تجسيماً للمكانة الرفيعة التي يتمتع بها البحث العلمي في سياسة دولة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه-، وما توليه من عناية كبيرة بالعلم وأهله، مشيراً إلى أن الكرسي يعد تعد لفتة سامية أخرى لمنطقة حائل وجامعتها التي تستعد لاستكمال عقدها الأول، وقد قطعت أشواطاً هامة على درب إرساء نهضة أكاديمية وعلمية تواكب المسيرة التنموية الحثيثة التي تشهدها المملكة عموماً ومنطقة حائل على وجه الخصوص، بفضل الرعاية السامية لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وولي ولي العهد -حفظهم الله-، ومتابعة مستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل.

وأكد الدكتور البراهيم في كلمة ألقاها خلال الحفل أن همّة جامعة حائل أن تكون، بعون الله وتوفيقه، وبفضل جهود منسوبيها وطلابها، منارة علم ومعرفة، وهي تسعى جاهدة للارتقاء بالأجيال الصاعدة وتهيئتها للمستقبل على النحو الذي يساعدها على مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية بكفاءة واقتدار، ولم يقتصر الجهد على توفير الكفاءات التدريسية العالية، وإرساء البنية الأساسية وما تتطلبه من تجهيزات وإمكانيات؛ بل تركز أساساً على العمل بأن تكون الجامعة في خدمة المجتمع المحلي والبيئة الاجتماعية التي توجد فيها.. مضيفاً إن من أكبر تحديات التعليم العالي اليوم في العالم التوفيق في إرساء علاقة عضوية بين الجامعة والمجتمع، فكلّما كانت هذه المؤسسات الأكاديمية مرتبطة بمحيطها تستجيب لحاجياته وتواكب تحولاته ومشاغل مواطنيه، فإنها تكون قد حققت أهدافها التنموية والمعرفية والحضارية، وتكون قد وفّرت لخريجيها فرصا حقيقية للمساهمة في خدمة مجتمعهم والاندماج فيه، وتساعدهم على بناء مستقبل أفضل لهم ولوطنهم كافة.

وقد عملت جامعة حائل على أن تكون خدمة المجتمع هدفاً رئيساً من أهدافها الأساسية ومقوما من مقومات رسالتها، وتَجَسَّم ذلك عملياً في عديد من الآليات والهياكل والبرامج التي يأتي في مقدمتها البحث العلمي عموماً والكراسي العلمية على وجه الخصوص، ويوجد اليوم بجامعة حائل 12 كرسياً علمياً في مختلف الاختصاصات العلمية والاجتماعية والتنموية. وهي هياكل تم إحداثها بدعم من شخصيات ومؤسسات آمنت بخدمة هذا الوطن الغالي وآلت على نفسها تسخير ما تملكه من إمكانيات لتحقيق نهضته والمحافظة على مكاسبه وتعزيز تماسكه والذود عن أمنه، مؤكداً أن الجامعة نجحت في ظرف وجيز، والحمد لله، في استكمال هيكلة هذه الكراسي التي شرعت في القيام بالمهام الموكولة إليها في مجال الدراسات والتدريب ومختلف الأنشطة البحثية. وذلك في إطار الحرص على التفاعل المباشر مع مشاغل المواطنين وتطلعاتهم ومواكبة حاجاتهم.

وذكر البراهيم أن المسألة الأمنية أضحت اليوم الشغل الشاغل لمختلف المجتمعات والبلدان. ذلك أن المخاطر والتهديدات قد تنوعت وتزايدت واتسع نطاقها جغرافياً واجتماعياً. فعالم اليوم يعيش تحولات سريعة وعميقة أثّرت في مختلف نواحي حياة الإنسان المعاصر أينما كان، ونتج عن ذلك ظهور أشكال جديدة من المخاطر والتهديدات، وعولمة للعنف والجريمة، وظهور آفة العصر الفتاكة وهي الإرهاب، وتفاقم تهديدات الأوبئة والمجاعات وتناقص الموارد الطبيعية وتآكل المنظومات البيئية، واتسع بالتالي مفهوم الأمن، فلم يعد مقتصراً على توفير اطمئنان البشر على حياتهم وسلامتهم وأعراضهم وممتلكاتهم، وضمان الاستقرار الداخلي للمجتمعات، ودرء الأذى والتعدّي، والتوقّي من الانتهاكات الداخلية والخارجية.. بل صار العالم اليوم يسعى لتحقيق ما بات يُعرف بالأمن الشامل الذي يغطي مختلف جوانب حياة الفرد والجماعة، ويتصدّى لجميع ما يتربص بها من تهديدات؛ وهو مفهوم اقترن بمفهوم التنمية البشرية واحتل مكانة هامة في مضمون الأهداف التنموية للألفية التي يسعى المجتمع الدولي إلى بلوغها.

وقال البراهيم: إن الأمن الشامل هدف وشرط في نفس الوقت، فهو هدف كل سياسة تنموية، كما إنه شرط من شروط تحققها. فبدون أمن لا يوجد استثمار ولا بناء ولا تقدم. وبدون أمن لا تتحقق الرفاهية والسعادة والاستقرار، ومن هذا المنطلق يحتاج تحقيق هذا الهدف، واستيفاء هذا الشرط، إلى توفير المعارف والمعلومات التي تساعد على فهم ظواهر العنف وطبيعة المخاطر على اختلافها، ويصبح البحث العلمي، وبخاصة الدراسات الميدانية الاستباقية، ضرورة مُلِحّة، وبالتالي واجباً من واجبات الجامعة ووجهاً من أوجه مسؤوليتها الاجتماعية تجاه محيطها وبيئتها، وهذا ما جعل جامعة حائل مُمثَّلة في الأمانة العامة لكراسي البحث العلمي والوقف الخيري تسعى لتعزز هياكلها البحثية والعلمية بكرسي محمد بن نايف للدراسات الأمنية، ليكون منارة معرفية تساعد المجتمع ومتخذي القرار على مزيد من المعرفة بالواقع الأمني وتحدياته، وتدعم جهدهم في مواجهة المخاطر التي تُحدِق بمجتمعنا ووطننا.

وأردف: إن طموح هذا الكرسي أن يكون فى مستوى ما يُعلَّق عليه من أهمية، وأن يرتقي إلى مستوى النظرة الإستراتيجية الرائدة التي تميز السياسة الأمنية للمملكة، فقد تجاوزت حكمة هذه السياسة المحيط الوطني لتخاطب العالم وتساهم في مجهوداته لمكافحة مختلف أوجه الاعتداء والانتهاك والترويع.

وليس أدل على ذلك من الرسالة التي توجه بها خادم الحرمين الشريفين إلى قادة العالم مُحذِّرا من التهاون في مواجهة الإرهاب والتساهل مع رؤوس الفتنة والتطرف، ودعوته مجدداً لمزيد تفعيل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، تحت مظلة الأمم المتحدة، ليكون آلية تدعم الإستراتيجيات الوطنية والإقليمية لمكافحة ظاهرة الإرهاب.. هذا المركز الذي يعود الفضل في وجوده لمبادرة خادم الحرمين الشريفين ودعمه المتواصل له، إنها رسالة تعني الخارج والداخل، ونحن من منطلق مسؤولياتنا الأكاديمية مدعوون إلى تحصين مجتمعنا من عوامل الفتنة والتناحر، والمحافظة على ما ينعم به من رخاء واستقرار.. وذلك بضمان مساهمة الكفاءات العلمية في جامعتنا و من خارجها في هذا المجهود الوطني، بالبحث والدرس والتوعية، وحماية الناشئة من الأفكار الهدّامة ونزعات التطرف والتخريب.

وذكر البراهيم أن الجامعة تأمل أن يحقق هذا الكرسي العلمي الجديد الريادة في مجال تخصصه وأن يكون إضافة نوعية في مسيرة جامعة حائل يستفيد منها أبناؤها وبناتها من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وتنعكس آثارها الإيجابية على مجتمعها كافة.

من جانبه قال الدكتور الدكتور عثمان بن صالح العامر أمين عام كراسي البحث والوقف العلمي، في كلمة ألقاها بهذه المناسبة، إن الجامعة حظيت بشرف كبير بتفضل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية بالموافقة الكريمة على احتضان جامعة حائل كرسّيِ بحثي يحمل اسم سمّوه مختص في الدراسات الأمنية وقد تم توقيع العقد المنشئ لهذا الكرسي بين الأمن العام وهذه الجامعة الواعدة المتميزة برعاية كريمة من سموه.. مشيراً إلى أنه لشرف كبير يُحمِّلُ الجامعة ومنسوبيها مسؤولية عظيمة، مسؤولية المساهمة الفعلية في تحقيق الأهداف السامية التي يسعى هذا الكرسي إلى تحقيقها وهي أهداف ذات صلة مباشرة وحيوية بحياة المواطن السعودي اليوم. والأمن هاجس يتربع على قلوب الكل، ويؤرق الجميع، ويقضِ مضاجع المدنيين مثلما يفعل بالعسكريين على حد سواء، ولذلك صار حديث الساعة، وعنوان الصحافة، والكلمة الفصل بين مشهدين نراهما صباح مساء.

وقال العامر إن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالعزيز وزير الداخلية ذا النظرة الثاقبة والعقل المتقد والحكمة البليغة أدرك أهمية البحث العلمي لكثير من الإشكاليات الأمنية الداخلية التي لم تعد قابلة للتجاوز ولا يمكن التعامل معها بالحلول الفردية الاجتهادية؛ ومن هنا تأتي أهمية البحث العلمي في دعم منظومة الأمن الشامل التي هي الإطار الضامن للعملية التنوية برمتها، ولم يعد اليوم بمقدور الجامعات أن تكون بمعزل عن محيطها وبيئتها الحاضنة لها، وبالتالي يقع على كاهلها مسؤولية النهوض بالدراسات في مختلف مجالات الحياة وفي مقدمتها ما يتعلق بأمن المواطن واستقرار المجتمع وتماسكه، وجامعة حائل وهي التي تنعت وتصنف بأنها «جامعة ناشئة» تسجل من خلال مشروع الكراسي البحثية والوقف العلمي حضوراً متميزاً يتوج بهذه الرعاية الكريمة لتوقيع كرسي بحثي هام هو الأول من نوعه في الجامعة السعودية اسماً ومسمى، ولذا فإن الكل ينتظر من القائمين على هذا الكرسي نتاجاً علمياً ينعكس على الواقع إيجابياً ويشارك رجل الأمن في تحقيق التميز الفعلي حين تقديم الخدمة للمواطن والقاطن والزائر.

وشدّد العامر على ضرورة التلازم بين الأمن والتنمية الشاملة والمستدامة في جميع المناطق وفي كل المرافق، فهي ليست خياراً، بل أضحت ضرورة ناجزة وحتمية قائمة أمام متخذي القرار وأهل الحل والعقد، والواجب وجوباً عينياً على مؤسسات الدولة وقطاعاتها المختلفة الحكومي منها والأهلي والخاص استشعار المسؤولية التنموية المباشرة، كما أن على كل فرد منا أن يكون فاعلاً بكفاءة ومهنية في سبيل ومن أجل المشاركة الحقيقية في تسريع العجلة وإيجاد الحراك الفاعل تحقيقاً لتنمية مستدامة يسعد فيها إنسان هذا الجزء من الوطن أو ذاك، ونضمن بها بعد عون الله وتوفيقه تحقق أمن بلادنا ونهضتها وتطورها واستقرارها وسعادة أهلها وقاطنيها والزائرين لها ومريدها، ولضمان النجاح في هذا المشروع الوطني الهام كان لزاماً أن يبنى على قاعدة صلبة متينة.

وذكر العامر أنه ما كان لبلادنا أن تحقق هذا الحجم الرائع من الإنجازات التنموية التي ينعم بها المواطن السعودي والمقيم والضيف من مختلف الجنسيات لو لم يوجد هذا الحصن العتيق الذي هو الأمن، حيث قام رجال الأمن في بلادنا الغالية بواجبهم المناط بهم على أتم وجه وفي أحسن صورة ولا زالوا مرابطين في الميدان يذودون عن حياض الوطن ويدافعون عنه.. وقفوا في وجه المفسدين الإرهابيين والمروجين على حد سواء.. وسهلوا للحاج والمعتمر والزائر، وواجب المواطن تجاههم تقديرهم واحترامهم والاعتراف بفضلهم وجميل صنعهم بعد الله وسؤال الشهادة والرحمة لمن فقدناه، مدافعاً عن وطننا الحبيب والشفاء العاجل لمصابهم ومد جسور التواصل مع من هم في الميدان منهم حماية للوطن وضماناً لسلامته، مع الدعاء الدائم لهم بالعون والتوفيق.