21-09-2014

ماذا أسمي الوطن؟ فضاء العطاء الوفاء

مفردة الوطن تتردد في كل قصائدي تقريباً.. وأنا شاعرة منذ الطفولة، بدأت كتابة الشعر بمجرد أن تعلمت القراءة والكتابة.

فما هو مفهوم الوطن عندي..

الوطن هو الشعور بالأمان والاستقرار والثقة المتبادلة والمحبة والعطاء بصدق من الجانبين.

مفهوم شاسع لا يختصر في أوراق ثبوتية أو نسب أو حقوق أراني أستحقها وأطالب أن تقدمها لي جهة رسمية.. ثم لا تطالبني بأية مسؤولية لأستحقها. مفهوم فضاء يتطلب أجنحة قادرة على التحليق لرؤية شاملة.. وليس فقط أقداماً تمشي على أرض معبدة.

ولذلك فأجواء قصائدي كلها حوارات مع الوطن: فرحة مختالة راضية بتصفيقة حيناً, باكية شاكية معاتبة إهماله حيناً, ومتطوعة متحمسة ساعية لرفعته حيناً. هي علاقة طفلة ذكية وفية حفية بأبيها وأمها.

هذا الشعور تجذر في طفولتي التي كانت مميزة بجو مجتمعي متسامح ومتقبل لتعدد الثقافات, وجو أسري إيجابي مشجع للعلم وللتفوق والبذل لا يرى الفتاة تقصر عن الفتى في إمكانياتها حين يتمتعان بكافة ما تتطلبه التنشئة السليمة. ولدت ونشأت في البحرين في فريج شعبي تتعايش فيه المذاهب والجنسيات حيث جيراننا من البحرينيين والنجادة والإحسائيين ينتمون لعائلة واحدة جيرة شملت أسماء عوائل معروفة منها الزامل والقصيبي والسحيمي والسويلم والقاضي والبسام, جذبتهم فرص التجارة وتوفر التعليم إلى البحرين. في هذا الجو الحاضن لكل طموح برزت مواهبي مبكراً ونلت كثيراً من الجوائز الدراسية العلمية وتقدير المواهب أثناء الدراسة الأولية والجامعية. ودعم الوالد كل قدراتي منذ نعومة أظفاري وتلعثم لثغاتي.

علمني والدي أن أعطي بالتزام وأتشبث بأعلى مستوى من العطاء أستطيع أن أقدمه أينما كنت.. وأكد لي أن استقرار العالم هو في استقرار الإنسان على أرض يعمرها, وليس أرضاً يهدمها على رؤوس من لا يتفق معهم.

لم تلقني أمي ولا أي مدرسة علمتني بين الروضة والجامعة أن علاقتي بديني أو بالوطن تختزل في ممارسات معينة ترتبط بكوني أنثى ضعيفة ترى نفسها في مواصفات الجسد.

وكل دعم وشكر وتكريم لقيته حيثما كنت طالبة مدرسة أو جامعة أسس لمنجزاتي وعطاءاتي.. وكل فرصة أتيحت لي أو شققتها بنفسي نحو تميز العطاء معلمة أو موظفة في وزارة التربية أو في شركة أرامكو بعد التخرج, كانت نتيجة خيار واعٍ والتزام شخصي بما تتطلب الوظيفة من مسؤولية وجهد. ولابد أن أضيف أنه عطاء متبادل إذ لا يحقق نجاحاً من لا يبذل جهداً مخلصاً.

وبعد هذا التنوع والتميز في البدايات فإن أهم تشريف حظيت به شخصياً كان اختياري ضمن أول مجموعة من 30 سيدة انتقين بتكليف من مليك البلاد خادم الحرمين عبدالله بن عبد العزيز وشرفهن باختيارهن للمشاركة في مجلس الشورى بعضوية كاملة.

بالنسبة لي شخصياً أدرك وأتشرف بأنه كان خياراً مضاعف التكريم، انتقاء لشخصي وتقديراً لالتزامي بمعنى الوطن ومسؤولية المواطنة.

منذ الطفولة أرى نفسي في دور الحظيظة بأن أكون ضمن النخبة المختارة ليس للعيش في كسل الاتكالية بل لمسؤولية تعبيد الطريق الوعر نحو القمة، وشقه لكي يسهل على القادمات عبوره إلى الأعلى. ولربي حكمة في كل ما يشاء لنا كأفراد.

ولعل هذا ما دون تخطيط مني فتح باب اختيار الوطن لي ابنة مسؤولة موثوق برؤاها في مجلس الشورى. تماماً كما هي العلاقة بيننا قبل مجلس الشورى.

والحمد لله على كل نعمه..

مقالات أخرى للكاتب