24-09-2014

حلم تأسيس دولتنا (2-2)

أشرت في المقال السابق إلى أن للقادة العظام أحلاماً سعوا إلى تحقيقها فتحق بعضها، ومن هؤلاء العظماء الملك عبدالعزيز يرحمه الله في حلم تأسيس دولتنا، ولكن هل خطر في بال الملك عبدالعزيز ورجاله أثناء استعداده لاستعادة الرياض أن يؤسس هذه الدولة العظيمة بكل مقدساتها وسكانها وتعدد قبائلها وأقاليمها واتساع مساحتها؟

هل خطر في بال المؤسسين الأرقام والإحصاءات التي توفرت لنا حديثاً، بيانات سكانية وجغرافية ومنها:

أن دولتنا واقعة بين دائرتي العرض 16-32 شمالاً، وخطي الطول 34-55 شرقاً أي أن مساحتها نحو (2) مليوني كيلو متر مربع تقريباً، ومساحة الجزيرة العربية حوالي 2.8مليون كيلو متر مربع، وتشكل بلادنا (70) بالمائة من مساحة الجزيرة العربية، وتضم مناطق المملكة (106) من المحافظات، وحوالي (1377) مركزاً, وتبلغ أطوال حدودنا البرية (4531) كم مع دول الجوار: العراق، الأردن، الكويت، الإمارات، قطر, اليمن، عمان. والحدود البحرية تُضاف إليها دول تجاور أو تقابل: مصر, وإيران، السودان، إريتريا.وتجاوز سكان المملكة (28) مليون نسمة، هذه المعلومات الجغرافية والإحصائية وقاعدة البيانات السكانية والاستيطانية والتوزيع الديمغرافي لم تتوفر لجيل التأسيس من الأجداد والآباء لكن كان لديهم العزيمة والإصرار، وكان المؤسس الملك عبد العزيز يعرف تماماً أن إنجاز دولة يحتاج إلى السرعة والحنكة والعزم على توحيد الأقاليم التي كانت حدودها متعارفاً عليها بين إمارات المدن والكيانات السياسية وتجمعات القبائل، وكان الملك يعرف أيضاً الفواصل والمحددات في نفوذ أكبر القوى المسيطرة على المنطقة العربية هما الإمبراطورية البريطانية والخلافة العثمانية، ونتيجة لمهارة وذكاء الملك عبدالعزيز فقد أكمل مشروعه خلال (30) سنة من عام 1902 فتح الرياض حتى 1932م توحيد المملكة دون أن يدخل في حسابات وتعقيدات الحرب العالمية الثانية التي بدأت بعد التوحيد بـ(7) سنوات.

أدركنا وأدرك العالم من حولنا حجم المعجزة التي حققها الملك عبد العزيز ورجاله بعد توفيق الله في تأسيس هذه الدولة, أدركنا هذه القيمة بعد حرب الخليج الأولى وحرب تحرير الكويت وحرب غزو العراق وثورات الربيع العربي، والآن في مواجهة داعش أدركنا حجم ما قدَّمه لنا الملك عبد العزيز وهو ما يجب أن يصل لأجيالنا حتى يحافظوا على مكتسباتنا من الأرض والاقتصاد والأمن والاستقرار، وهنا أهمية ودور التوقف عن أعمالنا ليوم واحد حتى نتذكّر هذا الكيان والتضحيات بالأرواح والأموال من أجل هذا الوطن الذي ننعم باستقراره.

مقالات أخرى للكاتب