وداعاً فتح الرحمن

قبل أيام قلائل وبالتحديد يوم الاثنين ليلة الثلاثاء 27 ذو القعدة 1435هـ الساعة الحادية عشرة مساءً، هاتفني الأخ الفاضل عادل الباحوث وهو يبكي بكاءً شديداً وأخبرني بوفاة صديقنا وزميلنا وحبيبنا (فتح الرحمن سيد عثمان)، الذي زاملته قرابة الـ28 عاماً في صحيفة الجزيرة، (إنا لله وإنا إليه راجعون)، كانت صدمة كبيرة جداً، هذا الرجل الذي حزن على فراقه موظفو الجزيرة قاطبة، وشملت الأحزان كل محبيه في أرجاء المملكة والسودان كحزن أهله بمسقط رأسه كرمة البلد - ووادي خليل والحفير وامتداد الدرجة الثالثة بالخرطوم - تماماً، وهو رجل عُرف عنه حب الخير للجميع، وحرصه الدائم والمستمر على مواصلة أرحامه ولمِّ شملهم ومساعدة محتاجهم ومشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم، ولذا كان رحمه الله ألّف كتاباً عن أرحامه ونسبه أينما كانوا وكذلك أهل قريته.

نعم رحل فتح الرحمن عن هذه الدنيا الفانية، ولكن مآثره باقية، وفي الأذهان عالقة. والذي لا يعرفه الكثيرون عنه - رحمه الله - في بداية عملنا بالجزيرة كان صاحب لحية جميلة ولا يترك صيام الاثنين والخميس، كنا نذهب سوياً لجامع الملك خالد بأم الحمام - عندما انتقلت الندوة الأسبوعية من الجامع الكبير بالديرة - حيث تقام الندوة الأسبوعية مغرب كل خميس بحضور سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله -، واستفاد المرحوم (فتح الرحمن) من تلك الندوات القيِّمة استفادة كبيرة بمعرفة العقيدة الصحيحة، وخرج منها بحصيلة علمية لا بأس بها استفاد منها طوال حياته. وسوف ينتفع بها - بمشيئة الله - بعد مماته، ولذا كان مرجعه دائماً لفتاوى الشيخين ابن باز وابن عثيمين - رحمة الله عليهما - في جميع شؤونه الدينية.

لقد كان حبيبنا فتح الرحمن رجلاً أديباً ومثقفاً ثقافة عالية، كنا نستشيره في جميع شؤوننا، نرجع إليه في جميع خطاباتنا ورسائلنا، وكان رجلاً كريماً محبوباً صادقاً - نحسبه كذلك والله حسيبه - أحب الناس وأحبوه، وليست الجموع الغفيرة التي شيعته في مقبرة أم الحمام إلاّ دليلاً على مكانته في النفوس ومحبة الناس له - رحمه الله -.

نعم.. العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلاّ إننا على فراقك يا فتح الرحمن لمحزونون. سائلين المولى العلي القدير أن يجازيه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً، وألا يحرمه الأجر بما قدم لأرحامه ومعارفه، وأن يثقل به موازينه بما ألمّ به، كما نسأله عز وجل أن يجمعنا وإياه في دار كرامته، وأن يجبر مصيبة والدته الصابرة المحتسبة (أم فتحي - الحاجة زينب) وكذلك زوجته الصابرة وأخيه عبدالرحمن وأخواته وأرحامه وأصدقائه وجيرانه وزملائه - اللهم آمين -.

سيف الدين نعمان سعيد - الجزيرة