02-10-2014

العربية الفصحى وتحديات العصر

اللغة العربية رمز الحضارة الإسلامية وقلبها النابض ووسيلة أبنائها في مجالات العلم والفكر والثقافة، فمتى نرى نظاماً يسهم في تعميق وتأصيل فهم اللغة العربية.

ولقد قرأت منذ مدة أن مجلس الشورى يناقش نظام حماية اللغة العربية حيث يأتي في ظل ما تواجهه اللغة العربية الآن من التآكل العام للغة العربية الفصحى وغياب الإلمام بها وبمفرداتها ومرادفاتها ومعانيها ونحوها وصرفها ومن المعروف أن بلداناً كثيرة أصدرت أنظمة للحفاظ على لغاتها، ومن ذلك على سبيل المثال فرنسا فقد أصدرت قانوناً عام 1994م بشأن الحفاظ على اللغة الفرنسية وغيرها للحفاظ على سلامة اللغة الأم، ولا شك أن النظام سيكون عاملاً قوياً في تحقيق الاهتمام والفهم العميق لعلوم اللغة العربية.

إن اللغة مظهر من مظاهر العزة والسيادة الوطنية وأن الكثير من الدول كاليابان وكوريا وإسرائيل وألمانيا وفيتنام والصين وغيرها لم تنطلق في المجال الصناعي والتقني إلا معتمدة على لغتها.

ومن الخير أن تقوى اللغة العربية، وتستمر لغة للعلم والثقافة، فهي السبيل إلى الأدب الصحيح والفكر السليم والفن السامي، وألا نلتفت إلى من يحاول أن يرتقي بأدب العامية، وفنونها، فذلك من القطيعة بين الماضي والحاضر، فالأمة لن تجد ما يغنيها في اللغة العامية، إذ إن الفصحى أغنى وأوسع من العامية، وعلينا أن نجتهد في الحفاظ على الفصحى وإحيائها والنهوض بها، كما يجب أن نقول للذين يشكون من صعوبة قواعد اللغة إن هذه الشكوى ليست وليدة عصرنا هذا، وما زال باب الاجتهاد مفتوحاً، ولنعمل على إصلاح تعليم اللغة العربية أسلوباً وروحاً.

وهناك تجارب سابقة، فقد كانت مجلة (المقتطف) تنقل قبل ستين عاماً الفكر العلمي الغربي إلى اللغة العربية، كما ترجم كثيرون منذ خمسين عاماً كتباً كثيرة، في مختلف العلوم الطبيعية والتجريبية ولا تزال الترجمة إلى العربية مستمرة وبلغة جيدة صحيحة، ولقد جارت العلم في شتى ضروبه في القرون الماضية وأوائل هذا القرن، وعلينا البحث عن كل ما له شأن في تطوير اللغة العربية والعمل على نشرها والتي زادها القرآن قوة وبلاغة وبياناً وفتح لها آفاقاً واسعة تجلى في الإعجاز البياني للقرآن.

إن الواجب يفرض علينا أن نحافظ على اللغة العربية ونقنع الآخرين بأهميتها، لما لها من قيمة حضارية وتاريخية وفكرية، كما أنها تمتاز بأمور وخصائص لغوية كبيرة، وكفاها شرفاً وفخراً أنها لغة القرآن الكريم والسنة المطهرة، ولما تزخر به من روائع البيان والبلاغة والإعجاز والفصاحة، وعلينا أن نعطي لغتنا كل اهتماماتنا بحيث تكون المحور والقاعدة التي نعبر من خلالها عن طموحاتنا وتطلعاتنا وممارستنا الاقتصادية والتجارية والاجتماعية، وأن نكون قادرين على مواجهة التحديات التي تتعرض لها، فلتكن حية في عقولنا ونفوسنا وقلوبنا ووجداننا، إن الحفاظ على اللغة العربية الفصحى سلاح له شأن ومتى فرطنا فيها، ضعف تماسكنا وتراخت الصلة بيننا وبين ديننا وثقافتنا وفكرنا وتاريخنا، ومن أجل هذا ينبغي الحفاظ عليها ليصبح لها فاعلية حضارية ومكانة في المجتمع مستوعبة لكل جديد التي حفظتها لغة التنزيل العزيز.

ورعاها الإله صوتاً عليا

في صداه دين الهدى يتسامى

عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية - أمين عام دارة الملك عبدالعزيز السابق

مقالات أخرى للكاتب