05-10-2014

إلى عرفات الله يا خير زائر

حل موسم الحج جذلاً مشتاقاً؛ في بلاد تسمو بالمحتفلين به وله، وتسعد بهداياها للمسلمين في ذلك الرحاب الطاهر, حيث الشمس والدفء, وطيب المآل، وحفي السؤال, والتسابق نحو الفضائل, وعقد الألوية لخدمة لحجيج, واحتواء اللغة والجنس والهوية، والسير نحو محصلة الثواب والجزاء من رب العباد.

مشاهد تُرى رأي العين، ومواقف يصطفيها الأخيار في بلادنا الغالية؛ بلاد الخير والنماء, تعاضد وتآخي وحفز نحو الإتمام والكمال، ليتوشح

القادمون أوسمة الخير ويشهدوا منافع لهم, ويذكروا اسم الله في أيام معلومات. إن خدمة حجاج بيت الله؛ حقول استُزرعت في قلوب الوطن والمواطن وسُقيت من سلسبيل القناعة بأن احتضان وفود الرحمن شرف يتعالى في آفاق أعمالنا، وينتشر في نفوسنا كشلال ضوء، حتى أصبحت حكايا موسم الخير تتسع لها الأحداق, وتشنّف لها الآذان, وتندى لها القلوب، وتصيخ لها السماء الدنيا.

نعم لقد أنتج ذلك الموسم الإسلامي العظيم جموعاً من المتخصصين في النبل والبذل والإيثار، والتضحية, فنالوا بذلك أعلى الأوسمة، وأرفع الشهادات.

حراكٌ نابضٌ في موانئنا تقطر مياهه فوق الرؤوس والأبدان لتؤذن بأجواء صفيقة باردة تتلقفهم قادمين، وتودعهم مغادرين، وتدهشهم وفادةً ورفادة، وتحفر في أعماق الذاكرة لديهم روايات تواري المستحيل وانحساره, إنها تجليات تنطلق وتتأصل في تلك الأجواء الروحانية تتجاذبها مشاعرهم ومشاعرنا؛ لتسقى بماء واحد، ولا تقف عند حدود صناعة أدوات الاستقبال والخدمة؛ إنما تتغلغل إلى ما وراء ذلك من حكمٍ يجلوها تفصيل بعد تفصيل؛ يتصدرها أن هذه البلاد الطاهرة يقودها ملك عظيم، يُشعل روحه ويعمر نفسه؛ أنه خادم الحرمين الشريفين وقد راد الصعب وروّضه، ثم إنها إضاءة المكان المقدس الذي شرُفت به بلادنا وشرُف بها، وكذا هو الامتداد حيث خدمة الحجاج سباق أزليٌ حظي به رواد ذلك الموقع وسكانه منذ عهود مضت وقرون سلفت.

وجميع ذلك حصاد لمعطيات كثيرة؛ كان نجاحها محسوباً لكل من فاق وتفوق في مهمته، وأشعل شمعة في محيطه، واحتفل بخدمة ضيوف الرحمن، وأبرز مظاهر الاندماج معهم، واستطاعت بلادنا أن تكتب بمدادٍ من النور أن أعمق الأعمال هي التي تمتد إلى ما بعد حدوثها أوسمة استحقاق تحملها الأعلام والأقلام، لتُعلن أن بلادنا جديرة بشرف المكان والشعيرة.

بوح إلى الحجيج يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:

إلى عرفات الله يا خير زائر

عليك سلام الله في عرفات

على كل أفق با لحجاز ملائك

تزف تحايا الله والبركات

تسير بأرض أخرجت خير أمة

وتحت سماء الوحي والسورات

إذا حُديت عيس الملوك فإنهم

بعيسك في البيداء خير حُداة

لك الدين يا رب الحجيج جمعتهم

لبيت طهور الساح والعرصات

وأشرق نور تحت كل ثنيّة

وضاع أريج تحت كل حصاة

تقبل الله من الحجاج مناسكهم، وأدام بلادنا حانية حامية لضيوف الرحمن، وحفظ الله خادم الحرمين الشريفين موجهاً وداعماً وحفياً بهذه المواسم الخيّرة.

مقالات أخرى للكاتب