Sunday 05/10/2014 Issue 15347 الأحد 11 ذو الحجة 1435 العدد
05-10-2014

هل من مجيب؟!

يبدو أننا عاجزون ولا نعرف حتى هذه اللحظة كيف نجلي كل هذا الغموض الذي يلف الأوضاع في المنطقة دولة بعد أخرى، فالاستقرار أصبح بعيد المنال، والأمن المهزوز في تصاعد ومن دون حلول، والاستقواء بالدول الكبيرة ضد الإرهاب عقد المشكلة كما لو أنه لا يوجد حلولاً لها، بينما يعيش المواطن العربي حالة من الذعر والخوف بسبب القتل والقتل المضاد، ولا بارقة أمل لحل يريح الناس من هذه المشاهد الدامية.

***

مغامرون وقتلة على مستوى الأفراد والمنظمات وحتى بعض أنظمة هذه الدول، وكأنهم جميعاً شركاء في هذه المسرحية التي تعبث بمقدرات الشعوب، وتتآمر مجتمعة في القضاء على كل ما هو جميل في هذه الدول، بحيث لن تكون هناك فرصة لتعود في المستقبل إلى ما كانت عليه، وتحديداً بعد أن تضع الحرب العبثية أوزارها وقد هدمت وخربت وأزالت من الوجود كل ما تم إنجازه وبناؤه على مدى قرون من الزمن.

***

هل رأيتم ما انتهى إليه الوضع في الصومال والعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان ولبنان وغيرها، حيث عطلت القوانين وهدمت الديار وقتل من قتل بدم بارد، في مؤامرة خسيسة تبناها العدو الخارجي وتلقفتها بعض الأنظمة والأحزاب وحتى الأفراد في دولنا لتصل إلى ما وصلت إليه، فيما لا يزال المسلسل الكريه مستمراً للإجهاض على دول أخرى، إذا ما قدر للعدو وأعوانه في الداخل والخارج أن يتسللوا إلى مكامن الضعف وإلى الثغرات الأضعف فيها.

***

ألم تتساءلوا يوماً عن هذا الصمت المريب للدول الكبرى أمام احتلال الحوثيين لصنعاء ومدن يمنية أخرى، كصمتهم أمام دخول ما يسمى حزب الله اللبناني طرفاً رئيساً في الحرب بسوريا، وماذا تقولون عن تأخر هذه الدول في ضرب داعش قبل احتلال الموصل، وكيف أن قتل رهينتين أمريكيتين هما من حركتا هذا الضمير الأمريكي والدولي الغائب، وكيف نفهم غض أمريكا نظرها سنوات طويلة عن بطش رئيس الوزراء السابق وعميل إيران المالكي للفئة السنية من شعب العراق، وبالتأكيد فإن تساؤلاتكم لن تغيب عن سبب دعم أمريكا لنظام الإخوان في مصر، ولا عن تجاهلها للتدخلات الإيرانية في مملكة البحرين، أو قبولها بالأمر الواقع في حضور إيران الفاعل في كل من لبنان والعراق وسوريا واليمن والبحرين ولاحقاً - ربما - غيرها.

***

مثل هذه الأسئلة لا تحتاج إلى خبير أو متابع متمكن ليدلي بدلوه في تحضير إجابات لها، فمصالح الدول الكبرى لها الأولوية، حتى ولو غرقت الشعوب العربية في أتون حروب كهذه، أمام صمت العالم إن لم يكن أمام دعمه وتأييده ومساندته لما يجري في منطقتنا وبعض دولنا من دمار وخراب وقتل وتشريد، دون أن يستيقظ الضمير العالمي فيتوقف عن مواقفه المشبوهة من هذا العبث المجنون!

***

نعم قدر بعض دولنا أن تحكمها أنظمة فاشية تتعامل مع شعوبها بالحديد والنار، وتعطل كل ما يساعد على استقرارها وأمنها وتوفير الحياة الحرة الكريمة لكل فرد فيها، دون أن تعترف هذه الأنظمة بأن هذا حق الشعوب العربية، كما هو حق بقية الشعوب التي تتمتع بالحرية والأمان واحترام آدمية الإنسان، إلا أن تكون الشعوب العربية والإسلامية بسبب هذه الأنظمة الفاسدة في درجة لا تستحق مثل هذا الذي تنشده وتتطلع إليه كل أمم الأرض وقد تحقق لها.

***

نعم هناك إرهاب وإرهاب مضاد، يمثل الأول الجماعات والأفراد، ويمثل الثاني الأنظمة الفاسدة، فأين مجلس الأمن وأين الأمم المتحدة وأين الدول دائمة العضوية مما يجري في منطقتنا، ولماذا هذا الانتقاء في التعامل مع كل التطورات الدموية التي نشاهدها، حيث نرى في تصاعدها مزيداً من القهر والظلم والعدوان على آدمية الإنسان الذي كرمه الله ووضعه في المقام الذي يستحق أن يكون فيه، فيا ويلنا من غضب الله إن ظَلَمْنا أنفسنا أو ظُلِمْنا من الآخرين.

مقالات أخرى للكاتب