الفكر الإرهابي

محمد الوسمي

تختلف الحروب بأساليبها وعتادها والهدف منها إما ديني أو ثروات جغرافية عبر العصور البشرية، ففي عصرنا استبدلت الجيوش بالأبناء والأسلحة بالأفكار، فكانت الجيوش قديماً تستعد للحروب في مدة أشهر أو أيام، ولكن حروب عصرنا قد تمتد إلى أجيال تحت مسمى خطط الخمسين عاماً.

الأوطان هي الشعوب فعندما تريد إضعاف وطن في دينه وعقائده وتفكك لحمته الاجتماعية، لا تتجه إلى جيل الآباء بل اتجه إلى الأبناء، وسمم أفكارهم بعقائدك وتوجهاتك فهم سلاحك في أرض المعركة، فهذا النمط من الغزو الفكري نتعرض له منذ سنوات عبر جميع الوسائل الإعلامية والتقنية، وجميعنا يؤمن أن الغزو الفكري له إيجابيات أكثر من السلبيات لكن ما تخلفه هذه السلبيات من عنف يغتال جمال الإيجابيات، فابتدعوا الستلايت ونفثوا بأفكارهم داخل بيوت الطين قبل البيوت الإسمنتية عبر كثير من برامجهم، ثم انتقلوا عبر الإعلام المقروء من مجلات وصحف، وأخيراً عبر التقنية كالهواتف الذكية وبرامجها كمثل تويتر وفيسبوك، التي أصبحت أكثر خطراً من سابقيها فبهذه التقنية أصبح العالم بأسره كالقرية الصغيرة، فيتم تناقل أحداثه والتحريض على ولاة الأمر وتحريك الخلايا البشرية التي صنعوها بسرعة كالنار في الهشيم، وبسبب هذا الغزو الفكري الخبيث ولدت من رحم الأمة العربية جماعات بدماء إسلامية، ولكن بأفكار وتوجهات أجنبية لإضعاف الأمة وإثارة الفتن، فخلقوا القاعدة باسم الإسلام والجهاد في أفغانستان، التي عانينا منها كثيرًا، وبعد انتهاء مهامها تم إنهاؤها بمخطط أحداث 11 سبتمر، ليفتحوا لهم باباً آخر باسم الإرهاب على الدول الإسلامية فأعادوا بناء جماعة الإخوان المسلمين لتحكم مصر، وبعد الإطاحة بها وضعوها على لائحة الإرهاب، ليعيدوا الكرة مره أخرى في تكوين تنظيم داعش والخلافة الإسلامية في بلاد الشام، كل هذه الجماعات خُلقت من ضلع أعوج هدفها تمزيق جسد الأمة الإسلامية والعربية وجعل المنطقة فوق صفيح بُركاني ساخن من عدم الاتزان، بدماء أبنائنا المنجرفين خلف الفكر الجهادي والشهادة في سبيل الله، وكل هذه الدماء والفوضى بسبب المحافظة على مصالحهم وبقائهم في المنطقة، وألا تقوم للإسلام قائمة، فداعش مثل أخواتها المحرمة ستنتهي قريباً، ولكن علينا مراقبة أبنائنا وتغيراتهم السلوكية والفكرية، فمنهم من سيصبح طبيباً أو شيخ دين أو جنديا أو مهندساً أو معلم أجيال، وعلاج البطالة وتوفير الأمان الوظيفي والفكري والأسري لهم، حتى لا تولد من أرحام بيوتنا جماعات أخرى ذات مذاهب فكرية تنحر الآباء والأمهات والأطفال وتمزق الأوطان باسم الدين.