فراق معلمة مغتربة

فلوة بنت محمد المسفر

حزمت المعلمة (ف) حقائبها استعداداً لسفرها على حدود مملكتنا الحبيبة التي تبعد عن مسقط رأسها ما يقارب (1000) كيلو وعيناها تملؤهما دموع ألم الفراق على طفليها وزوجها قبلتهما وأيدي أطفالها تُمسك بعباءتها والخوف يملأ قلبيهما الصغيران «أمي لا تذهبي لا نستطيع النوم بدونك»، التفت لزوجها وأخذت تهمس بصوت حزين في أذنه «انتبه لأطفالي ولنفسك».

أخذت تنظر في كل أرجاء منزلها ولم لا وهو المكان الذي يضم أعز ما تملك في حياتها، ستغادر لوحدها ستنام هذه الليلة بدون أطفالها وزوجها، لن تتفقد هذه الليلة فراش أطفالها وتقبلهما، لن تستيقظ في الصباح الباكر وتَحتسي القهوة مع زوجها.

ذهبت بجسدها ولكن قلبها لا زال مع أعز ما تملك فهي تؤمن بأن تستطيع أن تغلق عيناها (وبسهولة) عن أشياء لا تريد أن تراها , ولكن من الصعب جداً أن تغلق قلبها عن شعور لا تريد أن تشعر به (الفراق)، توجهت للمطار أخذت تنظر عبر نافذة السيارة وهي تحلم بولادة أمل للعودة إلى مملكتها من أجل تهدئة صوت الحنين بداخلها، أصبح قلبها مهجوراً وشاغراً للأحزان والآلام.

وصلت للمطار وكأنَّ أصفاداً من حديد تمسك بقدميها، يتخيل لها أن لا شيء ما زال على قيد الحياة بعد الفراق.

قد تكون مرحلة ما بعد الفراق..

بداية لمرحلة موت بطيء!!

اختفت أصوات المسافرين عن أذنيها لا تسمع سواء صوت كلمة أمي؛ أمي.. لم يعد يربطها بفلذة كبدها سوى صور في محفظتها، ما أقسى الحاجة عندما تبعدك عن سماع أجمل الأصوات لديك.

أصبحت تجر قدميها للطائرة وكأنها تُساق إلى قبرها، توقفت قليلاً فالتفت بنظرة حزينة خلفها وبصوت حزين وهي تردد: وداعاً أطفالي.

حزن المسافر فاق طول المسافة

نوى السفر واستودع الرب غاليه

لا صار لهمومي ملاذ وضيافة

لو ما بكيته وش بقى شي ٍ ابكيه