عن الضرب في المدارس

سعادة رئيس التحرير حفظه الله

بتاريخ 24 ذو القعدة 1435هـ وعبر جريدتنا الجزيرة قرأت مقالاً بعنوان (عنف المدارس.. إلى متى) بقلم الأخت رقية الهويريني قالت فيه أيام الستينيات الميلادية، وفي بدايات التعليم في المملكة تسرّب من المدارس عددٌ كبيرٌ من الطلبة رغم قلة أعدادهم آنذاك بسبب الضرب المبرح من لدن أغلب معلميهم، حيث كان العنف المرتبط بالتعليم سائداً! ومن ثم تحدثت عن منع الضرب في المدارس، التي وصفتها بالبيئة الطاردة، مما تسبب في تسرّب الطلبة. وأبدت دهشتها لعودة الضرب الآن الذي هو بمثابة عودة العنف للمدارس! ومثلت بحالتين.. إلخ هنا أوب أن أصحح معلومات الأخت رقية فأقول: لقد قلت ما لم يحصل، ففي بداية الستينات كنت مدرساً بمدرسة البحر الأحمر الابتدائية وعلى الرغم من قلة محصول المعلمين آنذاك عن التربية وعلم النفس إلا أن الضرب كان قليل الحصول وكان لدي أكثر من ستين طالباً في الفصل الأول وعلى الرغم من وجود من يسيء الأدب بين الطلاب إلا أنني لم أذكر أنني ضربت واحداً منهم ليس للخوف من التسرّب وليس هناك نظام يمنع الضرب وبمثلي كان يتعامل المدرسون الآخرون مع طلابهم، بل كنا نستخدم التشجيع والنجمة وجيد وجيداً جداً والدرجة لحسن السلوك والالتزام بالأدب، وها هم وزيران اليوم على رأس الهرم من طلابي افتخر بهم كلما رأيتهم أو سمعت بأسمائهم تتلى، وقبل ذلك كنت طالباً في المتوسط ومن ثم بمعهد المعلمين الابتدائي أول معهد افتتح وقد درست فيه أربع سنوات لم أسمع أو أرى خلالها أن طالباً عنّف ولو بالكلام، فالكل ماسك بزمام الجد والاجتهاد، وقبلها قضيت ست سنوات بالابتدائي لم نحس بالعنف الذي ذكرتِه ولم أر سوى حالة واحدة حدثت من مدرس لطالب ونحن بالصف الثالث ابتدائي أخرجه المعلم ليكتب على السبورة كلمة إملائية فأخطأ فاغتاظ المدرس وضرب وجه الطالب بالسبورة فانتفخت جبهته حتى صارت كالبلونة الملتصقة على جبهته مما أفزع المدرس فقام بتدليكها حتى تلاشت ولم نفقد حصة واحدة هذا أمر، وأنا أخطأت مرة بعلوم النحو بالخامس الابتدائي فضربني الأستاذ عوني محمود كنانة المذيع السابق - رحمه الله- ضربة واحدة على يدي وتقبلتها بكل صبر واحتساب فأنهيت دراستي بكلية اللغة العربية (المعاهد العلمية) علماً بأنني لم أفقد واحداً لا من زملائي ولا من طلابي ولا حتى من المدرسة أو المعهد بأكملهما وبالتالي أؤكد أنك ظلمت الستينات وبداية التعليم، والثاني أن الضرب الحقيقي لا يحدث إلا عى خطأ فادح ولكنه لا يؤثر على الطالب لا جسدياً ولا معنوياً لأنه عرف السبب ومقتنع بالجزاء وهنا الضرب يكون للتأديب ولا شك أن هناك من المدرسين من يضرب للتأديب أو لأجل عدم الحفظ ولكن بعقلانية ليس كما نراه اليوم ضرب باللي أو خدش في اليد أو الظهر وهذا لا شك ظهر كنتيجة لردة الفعل أو ما تسمينه أو يُسمى بالعنف في المدارس اليوم فلم يتأصل إلا بعد أن منع أحد وزراء التربية السابقين الضرب تعقيباً على منع الدكتور عبدالعزيز الخويطر للضرب إبان ترؤسه وزارة التربية والتعليم - رحمه الله-، أما الوزير المعني فقد غلظ في تشديد منع الضرب لدرجة أنه اعتبر إسماع الطالب كلمات تأنيب عنفاً مبرحاً يوجب التحقيق مع المدرس والعقاب فانهارت معنويات المعلمين. ومن هنا بدأ العنف الحقيقي أغلبه يحدث مع الطلاب وأولياء الأمور حينما قويت شوكتهم كردة فعل تجاه المدرسين الذين يضطرون لممارسة الضرب وعلى نطاق ضيق ويكون لضربهم أثر على أي من أجزاء الجسم ومثله ما تحدثت عنه الأخت رقية، وكون الضرب سبباً رئيسياً للتسرّب فهذا ليس بحقيقة ومن تسرّب فقد أفلح إما بتجارة أو عمل أو امتهان فن يدر عليه عشرات الآلاف من الريالات، وإذا قابلته فتجده يحمد الله على أنه تسرّب وها هم من واصل التعليم بعشرات الآلاف يشحذون الوظائف اليوم ولا يجدونها. وأخيراً لم يكن التسرّب بكثير كما ذكرت الأخت، بل هو قلة وقد لا يذكر في تلك السنوات لأن الكل يعض على تحصيل التعلّم بالنواجذ والأسنان وإن حصل فبسبب الفشل الدراسي.. أؤكد على ذلك ولكني استكثر من أختي رقية كيف تحدثت عن شيء لم تدرك حقيقته ولم تعاصره وإن كانت قرأت عنه كتباً بينما أنا شاهد على العصرين الماضي والحالي وحتى اليوم ومن السنة قوله عليه الصلاة والسلام مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر أليس معنى هذا إجازة، بل وجوب الضرب عند حصول الداعي أو السبب لذا أرجو من الأخت رقية أن تصحح معلوماتها، وبالله التوفيق ومنه السداد.

- صالح العبدالرحمن التويجري