نحو نقد إعلامي هادف

تلعب وسائل الإعلام ومن أبرزها «الجزيرة» دوراً كبيراً ومؤثراً تجاه أفراد المجتمع ومؤسساته، وتغيير الرأي العام بشرح القضايا الهامة وطرحها والربط بين مؤسسة وفرد وخاصة في العصر الحديث، وما تتوفر به من إمكانات مادية وآليات حديثة تختصر الوقت وتقرب المسافة.

ومن أهم الصفات التي لابد من توافرها في الكتابة الإعلامية والنقد هي المصداقية والمهنية والبعد عن التجريح الذاتي سواء للمؤسسة أو لمسؤوليها، بحيث يكون الهدف الأسمى والأهم هو السعي للإصلاح والتطوير وتحسين مستوى الأداء إلى الأفضل، بأسلوب موضوعي جميل ومحبب وخال من الانفعال والغضب، ومدعوم بالأدلة، والشواهد المطلوبة وعدم النّيل وتجريح ذات المؤسسة أو الشخص المراد نقده، وإنما التركيز على نقد العمل وطريقة الأداء ولا أحد معصوم من الخطأ، ولكن من باب التنبيه والتذكير «إن رأيتموني على حق فأعينوني وإن رأيتموني على باطل فسدِّدوني» وهي مقولة الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

هناك مؤسسات وجهات تتقبل النقد وتتجاوب بكل سرعة، وتسعى إلى الإصلاح بأسرع ما يمكن، من مبدأ قبول الرأي الآخر وبشفافية وترحيب، لأنها لديها الثقة الكاملة مما تقوم به من خدمات للمواطنين كواجب وطني وأخلاقي، وليس لديها مشكلة مع الإعلام وكتّاب الرأي، وهناك العكس من ذلك في جهات ومؤسسات خدمية لديها تخوف وحساسية من الإعلام ظناً منها أنه نوع من تصيُّد الأخطاء، وأن منسوبيهم لا يخطئون ولو أخطأوا فإنهم فوق النقد، ربما لأنهم اعتادوا على الثناء والمديح في فترات ماضية، والخطأ يحدث بلاشك في كل مؤسسة وجهة، ولكن حينما يكون هناك شبه إجماع من قِبل شريحة كبرى من المجتمع على تقصير جهات معيّنة، فذلك مؤشر ودلالة كبرى على أنّ هناك خللاً لابد من إصلاحه، ومن هذا المنطلق تبرز أهمية الإعلام كونه وسيلة اتصال وربط المجتمع ومؤسساته، ولابد ألا يكون الإعلام منحازاً إلى جهة عن الجهة الأخرى، فهو بمثابة الميزان العادل والمرآة العاكسة للمجتمع إلى المؤسسة، فلابد أن يكون منصفاً بين الطرفين بحيث يكون النقد هادفاً وبنّاءً ولا يركز فقط على الأمور السلبية ويتجاهل الأمور الإيجابية في المؤسسات الخدمية، ويضع لها المقترحات والحلول وليس مجرد تصيُّد للأخطاء والعثرات.

نعم إن الشكر والثناء والمديح أمر مطلوب من وسائل الإعلام، فلابد أن يقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، ولكن بشرط الإخلاص والتفاني في العمل وخدمة المواطنين، لأن المتلقي والقارئ أصبح اليوم أكثر وعياً وانفتاحاً عن ذي قبل وأصبح يعرف الفرق بين النقد الإيجابي والنقد السلبي.

فلابد للمؤسسات أن تتقبّل النقد الهادف مثلما تسعد بالثناء والشكر من قِبل الإعلام سعياً للمصلحة العامة.

- ناصر بن محمد الحميضي