21-10-2014

لندن الإخوان!

كتبت مقالاً سابقاً عن الغرب وتصديره للكراهية والتطرف تحت ذرائع قانونية، أو حقوقية وإنسانية، تتيح لمن لا يقدرون هذه القيم أصلاً استغلالها والعمل في أجواء تقدس حرية التعبير والحركة؛ إذ يتم استغلالها من أجل نشر الكراهية في العالم، وتحديداً إلى البلاد التي غادروها طواعية، أو طرداً لسوء سلوك أو جرائم مسجلة، قبل أن يستقروا في الغرب الذي يكفرون به!

معروف أن العاصمة الأبرز لندن ظلت ملاذاً آمناً للإرهابيين والإسلاميين المتطرفين، وأحزاب الإسلام السياسي، وفي مقدمتهم الإخوان المسلمون، مستفيدين من الأنظمة الراقية المتوافرة. فقد انتقل إلى لندن للإقامة فيها عدد كبير من الإسلاميين المطلوبين في ديارهم، وعدد لا يستهان به من مغذي فكر الإرهاب والتطرف والكراهية، الذين أساؤوا واستغلوا حرية التعبير التي يتيحها الغرب، ويكفر بها كل الإسلاميين بتياراتهم الفكرية والمذهبية والحزبية، فيما هم يساومون عليها طوال الوقت، بل يملكون الجرأة أحياناً لمحاسبة الآخر في سياق ما يكفرون به جملة وتفصيلاً..

وليس غريباً أن تجد في المراكز الإسلامية - مثلاً - الأكثر تطرفاً بين مرتاديها من الشيعة والسنة، وهي موجودة في بريطانيا تحديداً، ثم في أوروبا بشكل عام. وليس غريباً أيضاً أن يكون مركز الإخوان المسلمين العالمي في أوروبا، ومكتبهم الإعلامي في لندن، ثم تجد أكثر القنوات والمواقع والحسابات إثارة للنعرات الطائفية والخطاب الإقصائي الديني والمذهبي وحتى الجهادي انطلاقاً من هناك.

إلى وقت قريب كان التفسير بأننا دائماً أمام خلطة استخباراتية -أياً كانت - تجمع المتناقضات وأوراق الضغط على الدول العربية والإسلامية، مستفيدة من المتطرفين والمعارضين الداعين للعنف لتحقيق مكاسب هنا وهناك، تفسيراً مقبولاً جدلياً.

لكن الوضع اليوم يظهر أننا أمام مشهد أكثر تعقيداً وسط خليط ومزيج من الاستغلال المشترك، الاستغلال لهذه التجمعات المعارضة الشرسة قومية أو إسلاموية في الغالب، ثم ما يتوافر من أنظمة وقوانين يستطيع معها محامٍ بارع أن يمنح أي نشاط متطرف غطاءً خيرياً، يسمح له بجمع الأموال وتصريفها، ولتمويل نشاطات جهادية وإرهابية تتجاوز القارة الأوروبية.

أوروبا التي تحارب الإرهاب - كما تقول - تسمح للإرهاب والتطرف بأن يبث سمه وفعالياته من أراضيها باتجاه دولنا. لكن يبدو أن خطاب الكراهية لم يعد فقط للتصدير لمنطقتنا، ولكن أصبح له أتباعه ومريدوه في تلك الدول التي سهلت أو أتاحت له حرية التنقل والتمويل والحركة والتجييش والتجنيد.

الغرب (الكافر دار الحرب)، وفق أدبيات المتطرفين الإسلاميين، بدأ يخشى اللعبة، ويكشف حقيقة تلاعب هؤلاء به، بل استغلال قيمه الخاصة، بل بدأ يدرك أن هذه الثعابين الإرهابية لا أمن لها، فقد ارتدت هذه السموم المحملة بالكراهية لديارهم، وها هي تهدد أمنهم وسلمهم الأهلي.

في لندن نظمت حركة تسمى حزب «بريطانيا أولاً» مظاهرة أمام مكتب جماعة الإخوان المسلمين بهدف طرد الجماعة الإرهابية خارج بريطانيا.

وقالت الحركة في بيان على موقعها على شبكة الإنترنت: «لقد نظمنا بنجاح مظاهرة خارج مقر جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية».

وأضافت «لا يجب أن يكون لهذا التنظيم الإرهابي مكان في بريطانيا، وهم ليسوا موضع ترحيب، فبلادنا ليست الجزيرة التي يمكن أن تكون مرتعاً للجهاديين». وتعهدت الحركة بالصحوة ضد كابوس الإسلاميين الراديكاليين في بريطانيا..!

ورغم قول بريطانيا إنها تجري مراجعات حقوقية لحظر جماعة الإخوان المسلمين من أراضيها، ثم منعها الأسبوع الماضي للقيادي الإخواني عمرو دراج من دخولها، لكن لا يمكن القول إن الغرب (استنفد) أو أدرك غلطته التاريخية باحتضان الشخصيات والمنظمات الراديكالية الإسلامية والإقصائية المذهبية وأحزاب الإسلام السياسي الخادعة، عبر استغلال أراضيه وقوانينه لبث الكراهية ضد البشرية؟!

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب