21-10-2014

الأمن والاستقرار في المنطقة يمر في إيران

استبقت طهران الزيارة الأولى لرئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي بالقول بأن طريق الأمن والاستقرار في المنطقة يجب أن يمر في إيران.

هذا القول يتوافق تماماً مع تشخيص المحللين الاستراتيجيين والسياسيين المهتمين في شؤون المنطقة وإن جاء بمفهوم معاكس لما يريد أنصار نظام ملالي إيران الترويج له، فالأمن والاستقرار في المنطقة شهد أول اختراق وتخريب له بعد وصول ملالي طهران للسلطة في إيران، فمنذ الأشهر الأولى شهدت الأراضي العراقية وحدودها حالات من التحرش والأعمال الإرهابية نفذها أنصار خميني في إطار ما سمي في ذلك الوقت بتصدير الثورة، وقد تكفل حزب الدعوة بالقيام بالعديد من التفجيرات في بغداد، كما قامت الوحدات الإيرانية على الحدود بالتحرش بالقوات العراقية، وشهد مخفر سيف سعد في محافظة ديالى عدداً من المناوشات، كما تعرضت الملاحة في نهر شط العرب إلى عدد من الأعمال التي استهدفت إعاقة الملاحة في النهر الذي يعد المصب الرئيس للنفط العراقي، ومنه تنطلق حاملات النفط، وهذا ما فجر الحرب العراقية الإيرانية التي أدخلت المنطقة في نطاق الاستقطاب الدولي وتحولت مياه الخليج العربي إلى منتزه للبوارج وحاملات الطائرات الحربية، فبالإضافة إلى القطع البحرية الأمريكية تواجد نظيراتها البريطانية والفرنسية والروسية، واضطرت ناقلات النفط للاستعانة بهذه القطع الحربية لحمايتها من نيران الإيرانيين، وبهذا تكون إيران هي من استجلبت القوى الدولية للمنطقة التي أصبحت تتحكم بشؤونها الأمنية والسياسية، وحتى بعد دحر التدخلات الإيرانية في العراق بعد نجاح الجيش العراقي السابق بإفشال مخطط تصدير الثورة الخمينية إلى العراق، استدرج حاكم العراق السابق إلى الكويت وارتكاب جريمة احتلال دولة الكويت لتنتهي تلك المغامرة المجنونة بتدمير الجيش العراقي، وبعدها احتلاله من قبل القوات الأمريكية والبريطانية، التي أتاحت لنظام ملالي إيران التسلل إلى العراق وبناء نفوذ قوي عبر الأحزاب الطائفية التي تشكلت في إيران، ومنحت الرعاية من قبل المحتلين، إذ قدموا للعراق تحت عباءة الاحتلال الأمريكي البريطاني، ليبدأ التوسع الإيراني في المنطقة، لتتأكد مقولة «البوابة الشرقية» إذ بعد انهيار البوابة الشرقية التي كانت موصدة في وجه الأطماع الإيرانية في المنطقة قوي النفوذ الإيراني في سورية ولبنان، وأخذ الإيرانيون لا يخفون تدخلهم في الشؤون العربية، وكانوا وراء العديد من عمليات تخريب الأمن وهدم الاستقرار في الدول العربية، وبالذات دول الخليج العربي، فأثاروا الفتنة في البحرين وحاولوا في المملكة، واتهوا إلى مصر التي صعب هضم ذلك البلد العربي الكبير، ثم يكملوا تمددهم نحو اليمن، إذ وجدوا في الحوثيين مبتغاهم الطائفي، ليدمروا الدولة اليمنية مثلما فعلوا في لبنان، ولهم محاولات مشابهة بعضها فشل والبعض الآخر تتواصل مثلما حصل في المغرب والسودان.

إذن قول طهران بأن أمن المنطقة واستقرارها يمر في إيران، قول صحيح، ولكن بمعناه السلبي، وهو أن وقف التدخل والأعمال غير المشروعة لنظام ملالي إيران في المنطقة هو الذي يعيد الأمن والاستقرار في المنطقة، فإيران تحتل بقواتها ومليشياتها الطائفية أجزاء من لبنان والعراق وسوريا، وتدعم التمرد الحوثي في اليمن، وتعرقل عمليات إعادة تأهيل العراق من خلال الأحزاب الطائفية التي يتلقى قادتها الإملاءات من طهران، ولهذا فإن أريد للأمن والاستقرار أن يستتب عربياً فيجب الضغط على طهران لسحب قواتها وعملائها من سوريا، وتوقف تدخلاتها في العراق، وترفع يدها عن اليمن.. فالعمل الذي تقوم به إيران عمل إرهابي صرف، ومثلما يتحقق الأمن والاستقرار بالقضاء على الإرهاب يتحقق الأمن والاستقرار عربياً بالقضاء على الإرهاب الإيراني، وهو المعنى الحقيقي بأن الأمن في المنطقة يمر في إيران.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب